ملفات وتقارير

زيارة عبد المهدي المفاجئة إلى صنعاء.. وساطة أم رسائل إيرانية؟

عبد المهدي زار صنعاء والتقى قيادات حوثية- إكس
عبد المهدي زار صنعاء والتقى قيادات حوثية- إكس
أثار الظهور المفاجئ لرئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، في العاصمة اليمنية صنعاء العديد من التساؤلات، خاصةً في ظل استمرار الهجمات الأمريكية على الحوثيين والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

انتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل إعلام حوثية، الأربعاء، توثّق لحظة وصول عبد المهدي إلى مطار صنعاء، فيما أوضح الأخير في بيان أن زيارته جاءت لحضور المؤتمر الثالث "فلسطين قضية الأمة المركزية".

ومع ذلك، ربطت تقارير إعلامية دولية ومحلية بين هذه الزيارة ووساطة محتملة بين إيران والحوثيين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، في محاولة لتخفيف التوتر العسكري بالمنطقة.

"أدوات للتأثير"
وبخصوص الحديث عن لعب عبد المهدي دور الوساطة، رأى الباحث والمحلل السياسي العراقي، كاظم ياور في حديث لـ"عربي21" أن "التقارير التي تحدثت عن هذه التكهنات فيها مبالغة كبيرة".

وقال ياور إنه "لا يمكن أن توسِّط واشنطن، عادل عبد المهدي، وهو لا يمتلك منصبا رسميا في العراق، لأن الولايات المتحدة قد تستعين بدول إقليمية في المنطقة للقيام بهذه الأدوار".

وأوضح أنه "إذا رأت الولايات المتحدة أنه من المفيد عقد حوارات واتفاقيات بين الأطراف المعنية في النزاع الدائر بمنطقة البحر الأحمر، فإنها قد تتواصل مع سلطنة عمان أو قطر لأن يقوموا بمثل هذا الدور".

وأشار إلى أن "عبد المهدي ربما هو من يطرح نفسه لتجسيد دور الوسيط وبالتنسيق مع جهات استخباراتية قد تكون إيرانية، حتى يبعث برسائل إقليمية ودولية خاصة للولايات المتحدة".

وبين ياور أن "فحوى الرسائل يفيد بأن أي وساطة لا بد أن تكون عن طريق شركاء حقيقيين لإيران أو قريبين من الدور الإيراني في العراق، وأنهم هم من يملكون أدوات التأثير المباشر مع ما يجري في محور المقاومة، وأن أي ترتيبات مستقبلية في المنطقة ستشمل الملف العراقي".

وتابع: "يمكن أن يكون هناك تفاوض على القضية اليمنية، لكن بمقابل الحفاظ على محور إيراني عراقي متمثل بشخصيات وتكتلات قريبة من إيران مثل عبد المهدي، وأن غير ذلك لن يكون مجديا، سواء قامت بها الحكومة العراقية ممثلة بوزير الخارجية أو رئيس الوزراء العراقي".

ورأى ياور أن "هذه الرسائل تفيد بأن الحكومة العراقية الحالية- بالنسبة لإيران- ربما غير فاعلة للقيام بدور الوساطة، بالتالي فإن زيارة عادل عبد المهدي تشي بأنه إذا كانت الولايات المتحدة لديها أي ترتيبات بالمنطقة، فعليها الحفاظ على شركاء إيران في العراق للحصول على تطمينات في البحر الأحمر".

وتوقع الباحث أن "هناك توازنات وصفقات سرية يجري العمل عليها حاليا، لذلك ربما أراد عبد المهدي تحريك هذه الرسائل الإقليمية والدولية عن طريق هذه الزيارة غير الرسمية، والتي سعى هو لإيصالها إلى الجهات الإقليمية".

من جانبه، قال الباحث السياسي، سعدون التكريتي، إنه "من المستبعد أن يكون عبد المهدي محل ثقة لدى الجانب الأمريكي حتى يُعتمد كشخصية وسيطة مع إيران التي هو أقرب إليها من الولايات المتحدة، بل هو محسوب على محورها، وليس شخصية مستقلة".

وأضاف التكريتي لـ"عربي21" أن "عبد المهدي يحمل رسائل بين فصائل محور المقاومة في الوقت الحالي، وليس بين الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى أنه ليس لديه صفة رسمية في العراق حاليا، ولم تكلفه الحكومة العراقية للقيام بهذا الدور".

وأشار إلى أنه "إذا كانت هناك رسائل أو وساطة بين دولتين، فإن من تتولى المهمة هي الحكومة وشخصياتها، سواء وزير خارجية أو رئيس مخابرات، أو حتى مستشار رئيس الوزراء، وهذه كلها لا تنطبق على عبد المهدي".

ولفت التكريتي إلى أن "عبد المهدي قتل في عهده رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، بغارة أمريكية مطلع عام 2020، وذلك بعد اقتحام سفارة واشنطن في بغداد من عناصر مليشيات عراقية، بالتالي هو ليس موضع ثقة للجانب الأمريكي".

اظهار أخبار متعلقة


"دور الوسيط"
اتفقت وسائل إعلام محلية ودولية، على أن زيارة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، إلى اليمن تأتي في إطار وساطة عراقية من أجل تخفيف التوتر العسكري المتصاعد، بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي الحرب على الحوثيين.

ونقلت وكالة "السومرية نيوز" العراقية، عن مصادر (لم تسمها) أن "عبد المهدي وصل إلى صنعاء في إطار جهود وساطة دولية، تسعى إلى تخفيف التوتر المتصاعد في البحر الأحمر".

وأضافت المصادر أن "عبد المهدي يحمل رسائل متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، وسط عمليات عسكرية أمريكية مكثفة تستهدف اليمن، وتهديدات من واشنطن إلى طهران إن استمرت في دعم الحوثيين".

من جهتها، قالت وكالة "مهر" الإيرانية، إن عبد المهدي، وصل الأربعاء، إلى العاصمة صنعاء، في إطار وساطة عراقية تهدف إلى تخفيف التوترات في المنطقة.

ونقلت الوكالة الإيرانية عن مصادر لحركة أنصار الله في اليمن (الحوثيين)، أن "هذه الزيارة تأتي ضمن جهود وساطة لنقل مقترحات أمريكية تتعلق بالأوضاع في البحر الأحمر".

وأشارت إلى أن الزيارة تزامنت مع تقارير إعلامية أفادت بأن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، أجرى محادثة مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الأسبوع الماضي، تناولت سبل تهدئة التصعيد في البحر الأحمر.

وبحسب "مهر"، فإن "الولايات المتحدة عرضت وقف الهجمات على أنصار الله مقابل التزامها بعدم استهداف السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما قد يكون ضمن الرسائل التي ينقلها عبد المهدي إلى قيادة صنعاء".

وفي السياق ذاته، أفاد تقرير لموقع "الحرب الطولية" الأمريكي، بأن رحلة عبد المهدي جاءت أيضا عندما بدأ الحوثيون هجمات صاروخية باليستية جديدة على إسرائيل يومي 18 و20 مارس/آذار الجاري.

ووفق التقرير الأمريكي، فإن زيارة عبد المهدي تحصل في سياق دعم إيران التاريخي للحوثيين والدور الرئيسي لطهران في دعم المليشيات العراقية والأحزاب السياسية خلال رئاسته للحكومة العراقية في 2018-2019.

وأشار إلى أن "إيران سعت إلى تنسيق مختلف وكلائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيون وحزب الله وحماس والمليشيات في العراق، ومع ذلك، فإن الاجتماعات البارزة بين الحوثيين والمسؤولين العراقيين نادرة".

وذكّر الموقع الأمريكي بأن "عبد المهدي فشل إلى حد كبير في حكم العراق المنقسم، إذ وصل إلى السلطة بعد أن هزمت حكومة (حيدر) العبادي تنظيم الدولة وواجهت استفتاء استقلال إقليم كردستان في عام 2017".

وفي عام 2019، لعب عبد المهدي دور الوسيط بين السعودية وإيران، وأكد أن "قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني السابق، هو من اتصل به أثناء تواجده في الصين، وطلب التوسط لإنهاء الأزمة بين البلدين، لكن الولايات المتحدة أقدمت على اغتياله بشكل وكأنه متعمد لإفشال المصالحة"، وفق قوله.
التعليقات (0)