كتاب عربي 21

تعليق على الأحداث الجارية في العاصمة طرابلس

السنوسي بسيكري
لم يكن مستغربا أن يأخذ العامل المناطقي مساحته وأثره في الأحداث الجديدة، بداية من الموقف الذي اتخذته مكونات سياسية واجتماعية وعسكرية بمصراتة، وأثر مقتل اغنيوة، والضغوط على الردع التي تتمتع بدعم أكثر أحياء العاصمة كثافة سكانية.. الأناضول
لم يكن مستغربا أن يأخذ العامل المناطقي مساحته وأثره في الأحداث الجديدة، بداية من الموقف الذي اتخذته مكونات سياسية واجتماعية وعسكرية بمصراتة، وأثر مقتل اغنيوة، والضغوط على الردع التي تتمتع بدعم أكثر أحياء العاصمة كثافة سكانية.. الأناضول
أخذت الأحداث في العاصمة طرابلس منعطفا حادا مؤخرا بداية من مقتل عبدالغني الككلي، آمر جهاز الردع، وأحد أبرز الشخصيات المؤثرة في المنطقة الغربية، وفي العاصمة تحديدا، ذلك أن مقتل اغنيوة كان انعكاسا لصراع حول مراكز القوى، وتداعيا لنزاع سال فيه الدم حول إدارة الشركة القابضة للاتصالات.

الأيام التي لحقت شهدت مواجهات بين قوى أمنية وعسكرية على خلفية قرارات صدرت عن حكومة الوحدة تتعلق بحل الشرطة القضائية المعروف تبعيتها لجهاز الردع، لتتوسع ساحة المواجهات، ويدخل قطاع من الشارع في معادلة التدافع في مظاهرات كبيرة يوم الجمعة.

اللافت في هذه الأحداث أنها تقع ضمن جبهة كانت موحدة نسبيا، عبر تعدد اختياراتها الفكرية والسياسية، بمعنى أنها تمثل في مجموعها تكتل سياسي وأمني وعسكري موادهة للتكتل السياسي والعسكري في الشرق، ليتسع التعدد الفكري والسياسي والعسكري ويأخذ بعدا خطيرا تمظهر في الاشتباكات العنيفة وتغير الاصطفاف.

وبالنظر إلى المواقف والأراء المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر الخلاف بين من جمعتهم أطر سياسية واجتماعية واحدة، فضلا عن التوجهات السياسية التي تبلورت مع ثورة فبراير العام 2011م.

اللافت أيضا الاعتماد على التوجيه الديني، خاصة ضمن الجبهة التي تضمن دار الافتاء، ويبدو أن هذا التوجيه كان له أثر عسكيا، خصوصا وأنه ارتبط بشخصية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

الشرخ كبير ضمن الجبهة الغربية، والنزاع بعد اليوم سيكون له تأثير سلبي جدا على الاستقرار في العاصمة، ذلك أن نجاح المظاهرات في إسقاط الحكومة لا يعني فسح المجال للفريق السياسي المعارض لها ضمن الجبهة الغربية، وعدم إسقاطها يعني تأجيل الصراع وليس حسمه، واستمرار حالة التربص والاتجاه إلى تشكيل تحالفات جديدة قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية، وربما تأذن بأن تكون اليد الطولى لقوى من خارج المنطقة الغربية.
ولم يكن مستغربا أن يأخذ العامل المناطقي مساحته وأثره في الأحداث الجديدة، بداية من الموقف الذي اتخذته مكونات سياسية واجتماعية وعسكرية بمصراتة، وأثر مقتل اغنيوة، والضغوط على الردع التي تتمتع بدعم أكثر أحياء العاصمة كثافة سكانية.

التوظيف الإعلامي والدعائي كان حاضرا، دون ان يخلوا من أهداف سياسية تسعى لها مكونات مختلفة على خصومة من حكومة الوحدة الوطنية، ويكشف عن ذلك التداول الواسع لدعوات التظاهر وإسقاط الحكومة عبر صفحات ومنصات الكثير منها باسم جديد.

احتشد المعارضون للحكومة بكثافة في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، وهنا يتجلى نجاح الردع وحلفائها في نقل المعركة من الدفاع إلى الهجوم، لتجد الحكومة نفسها في وضع حرج جدا،  ولتتابع التطورات ليكون أبرزها إعلانات الوزراء عن الاستقالة من مناصبهم في حكومة الوحدة، بحجة الانحياز إلى خيارات الشعب، وهذا موقف تشوبه شائبة، فالحكومة تورطت فيما تورطت فيه بالموافقة الضمنية للوزراء من خلال ا من استمرارهم في مناصبهم، والموقف من الحكومة وما تورطت به لم يكن وليد الامس.

إذن الشرخ كبير ضمن الجبهة الغربية، والنزاع بعد اليوم سيكون له تأثير سلبي جدا على الاستقرار في العاصمة، ذلك أن نجاح المظاهرات في إسقاط الحكومة لا يعني فسح المجال للفريق السياسي المعارض لها ضمن الجبهة الغربية، وعدم إسقاطها يعني تأجيل الصراع وليس حسمه، واستمرار حالة التربص والاتجاه إلى تشكيل تحالفات جديدة قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية، وربما تأذن بأن تكون اليد الطولى لقوى من خارج المنطقة الغربية.

هناك عامل لم يظهر أثره خلال الأيام القليلة الماضية لكنه لن يكون غائبا إذا ما تطورات الأحداث وأخذت منعطفا أكثر حدة في لاحق الأيام، وهو القوى الخارجية التي لها مصالح في البلاد وهي حليفة لقوى الداخل المتنازعة، إذ قد لا يكون راجحا أن ترضخ الحكومة ومن يواليها من قوى سياسية وعسكرية لممطالب الشارع بالتنحي، وقد يتفرج الوضع عسكريا، ويصبح العامل المؤثر هو القوة العسكرية والنصير الخارجي.

الوضع خطير والمطلوب الحكمة وتغليب المصلحة العامة والابتعاد عن الجري لتوظيف التطورات على الأرض لصالح أجندات سياسية لفرقاء سياسيين متنازعين، وإطلاق حوار بين قوى الغرب الليبي لتتفق مكوناته على التغيير المطلوب، وإذا تم الاتفاق على تغيير الحكومة فينبغي أن يلحقه توافقا ضمن هذه الجبهة على تغيير فوري لما بعد الحكومة يشمل الاجسام السياسية الأخرى، النواب والأعلى للدولة، فقصر التغيير على الحكومة لن يغير الواقع البائس، بل سيقفز به إلى الأمام على مسار التأزيم، خاصة إذا كان البديل عن الحكومة الحالية حكومة الفريق المنازع.
التعليقات (0)