أكد الرئيس
الجزائري عبد المجيد تبون أن
ذكرى
مجازر 8 أيار / مايو 1945 الأليمة تمثل لحظة مفصلية في تاريخ الأمة الجزائرية،
أعادت توجيه نضالات الحركة الوطنية نحو الكفاح المسلح، بعد أن سقط أكثر من 45 ألف
شهيد على يد
الاستعمار الفرنسي.
وقال تبون في كلمة وجهها إلى الشعب الجزائري
في الذكرى 80 لمجازر 8 من أيار / مايو 1945: إن الجزائر لا تقبل إطلاقاً أن يكون
ملف الذاكرة عرضة للتناسي أو الإنكار، داعيًا إلى تثبيت أمانة الشهداء في الوجدان
الوطني كركيزة للهوية والسيادة.
لحظة للوفاء وتغذية الوعي الوطني
وفي سياق متصل، اعتبر رئيس المجلس الشعبي
الوطني، إبراهيم بوغالي، أن مجازر الثامن من مايو 1945 ليست فقط مأساة إنسانية، بل
"محطة أليمة تغذى منها الوعي الوطني وألهمته عناصر قوة إضافية لتفجير ثورة
نوفمبر الخالدة".
وأضاف في منشور رسمي أن هذه الذكرى رسّخت
"الذاكرة المشتركة، ووحدة المصير، ومتانة اللحمة الوطنية"، مُستحضرًا
تضحيات الشهداء كدافع دائم لحماية الوطن وتعزيز مناعته.
إعلاء شأن الذاكرة.. مسؤولية دولة ومؤسسات
وفي افتتاح فعاليات "اليوم الوطني
للذاكرة" بقصر الأمم، وتحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، أكّد وزير
المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن "أصدق أشكال الوفاء للشهداء
والمجاهدين هو إعلاء شأن الذاكرة الوطنية، والحفاظ على قيمها وصونها"، مشيرًا
إلى أن تمكين الأجيال من حقهم في معرفة التاريخ الوطني، ودعم المؤرخين ومراكز
الدراسات، يشكّل حجر الزاوية في ترسيخ هوية الأمة.
وذكّر ربيقة برسالة رئيس الجمهورية في هذه
المناسبة، والتي شدد فيها على أن ملف الذاكرة غير قابل للتناسي أو التسوية
السياسية، مؤكداً أن تكريم المؤرخين وأعلام الذاكرة هو اعتراف بأدوارهم في صون
الأمانة التاريخية.
اظهار أخبار متعلقة
التفجيرات النووية.. الصمت المزدوج والنداء
الحقوقي
من جهتها، شددت منظمة "شعاع"
الحقوقية على أن الوفاء الحقيقي للذاكرة لا يكتمل دون معالجة جدية لملف التجارب
النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية (1960 ـ 1966)، مطالبة الدولة الجزائرية
بالتحرك العاجل والشفاف تجاه هذا الملف، الذي لا يزال يشهد تجاهلاً مزدوجاً من
باريس والجزائر، رغم تحذيرات المقررين الخاصين للأمم المتحدة في سبتمبر 2024.
وانتقدت المنظمة ما اعتبرته "ازدواجية
في الخطاب الرسمي"، مطالبة بفتح الأرشيف النووي وتعويض المتضررين، ومشددة على
أن التعامل مع آثار الإشعاع النووي على السكان والبيئة لا يجب أن يُرحّل أو
يُسيّس، بل أن يُدرج ضمن الأولويات السيادية والحقوقية للدولة.
يذكر أنه بين عامي 1960 و1966، نفذت
فرنسا
سلسلة من التجارب النووية في صحراء الجزائر، خلّفت آثارًا بيئية وصحية مدمرة ما
تزال قائمة حتى اليوم. وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة عقود، لا يزال هذا الملف
الحساس طيّ التجاهل من الحكومتين الجزائرية والفرنسية، وسط مطالب متزايدة بفتح
الأرشيف، الاعتراف بالجرائم، وتعويض الضحايا. وقد زاد الضغط الدولي مع نداء مشترك
أصدره المقررون الخاصون بالأمم المتحدة في سبتمبر 2024، دعا إلى تحقيق شفاف
ومسؤول، لكن الرد ظل غائبًا.
ثمانون عاماً مرت على المجازر، لكن أثرها في
الضمير الجمعي الجزائري لم يندثر. من خراطة إلى رقان، ومن سطيف إلى إن إكر، تبقى
الذاكرة الوطنية مسؤولية جماعية، تتقاطع فيها مبادئ التحرير، ومطالب العدالة،
والتزام المؤسسات. واليوم، بينما تُستحضر تلك اللحظات بدموع الوفاء، يبقى التحدي
الأكبر هو ترجمة الإرادة السياسية إلى ملفات مغلقة بكرامة، لا مجرد خطابات عابرة
أو مناسبات رمزية.
اظهار أخبار متعلقة