تمر الأيام وتتوالى قاسية على أهلنا المرابطين الصامدين في ثغور
غزة العزة؛
ورغم الجوع والحصار والدمار لا يقوى السفاح نتنياهو على ربط سلسلة أكاذيبه التي لا
تنتهي بادعاء نصر مزيف على أشاوس القطاع. في كل مؤتمر صحفي يدعي أنه "سحق"
حزب الله ومؤخرا يستعرض مروجا أنه "قهر" إيران في حرب 12 يوما الأخيرة؛
ولكنه وبكل وقاحته وصفاقته يقف عاجزا حتى من باب الدجل والكذب الذي احترفه عن
تسويق أي انتصار مهما كان على غزة الصابرة المحتسبة.
حقا إنها معجزة هذا الزمن التي ستعجل بنهاية هذا المجرم وثلة العار
المرافقة له، وما يحدث هذه الأيام من ملاحم لم يشهد لها التاريخ مثيلا خير دليل
على ذلك؛ ولن يكون آخرها قطعا الكمين المحكم للقسام الذي شهدته منطقة "جورت
اللوت" جنوب غرب مدينة خانيونس، حيث تم إحراق ناقلة جند مدرعة تابعة لقوات
الهندسة، بعدما نجح مقاوم في إلصاق عبوة ناسفة من طراز "شواظ" بها وتم
تفجيرها داخل قمرة القيادة لتستحيل رمادا، ورغم كل محاولات قوات الإطفاء العسكرية
في جيش الكيان واستقدام الجرافات من طراز "دي 9" لسكب الرمال عليها في
محاولة بائسة لإخمادها؛ باءت بالفشل الذريع بل واستغرقت عملية التعرف على هويات
القتلى ساعات طويلة، وهم من الكتيبة 605 ومن اللواء 188 التابع للفرقة 36.
24 كمينا قاتلا:
بعد أن احتلت أخبار الحرب بين إيران والكيان الصهيوني دائرة الأحداث؛ أبت
المقاومة الفلسطينية إلا أن تذكر المتغافلين والمتغاضين المشغولين بالدعاء على
طريقة "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين " أو بالبحث عن فتاوى تجيز نصرة
المجوس، وغيرها من التفاصيل المشينة لأمة أدمنت دور المتفرج وانتظار المنتصر كي
تقدم له فروض الطاعة والولاء.
المقاومة أصرت على إعادة غزة للواجهة بسلسلة كمائن أدخلت الرعب في نفوس العدو وجعلت حكومته الفاشية تقف أمام فورة غضب شعبي وإعلامي وسياسي غير مسبوق؛ وهم يشاهدون أبناءهم يعودون في توابيت متتالية وأن وهم إخضاع القطاع وأبنائه من سابع المستحيلات
المهم أن المقاومة أصرت على إعادة غزة للواجهة بسلسلة
كمائن أدخلت الرعب في
نفوس العدو وجعلت حكومته الفاشية تقف أمام فورة غضب شعبي وإعلامي وسياسي غير مسبوق؛
وهم يشاهدون أبناءهم يعودون في توابيت متتالية وأن وهم إخضاع القطاع وأبنائه من
سابع المستحيلات.
الملفت في نوعية الكمائن المعتمدة الاحترافية والدقة العالية وأيضا المعدات
المستخدمة مثل "شواظ" و"الياسين 105" و"ار بي جي"
حولت جنود
الاحتلال إلى "بط في مرمى الصيد" حسب تعبيرات الإعلام الغربي؛
ما يؤكد أنه ورغم تجاوز العدوان لأكثر من 628 يوما ما زالت المقاومة تحتفظ
بقدراتها العسكرية المؤثرة وبإمكانها قلب المعادلات لصالحها كما نعاين ونشاهد.
والنقطة الأكثر أهمية أن العمليات الأخيرة الموثقة بالصوت والصورة تصل أصداءها
مجسدة في جثث المحتلين لتزيد من وطأة الضغوط على حكومة السفاح وزمرته، لدرجة أن
المسمى برئيس الكيان نفسه "إسحاق هرتسوغ " صرح بأن العبء أضحى لا يطاق، وعلى
نفس منواله سار رئيس اللجنة المالية في الكنيست "موشيه غافني" من حزب
"يهودوت هاتوراة" للمتدينين، الذي أدان بشدة استمرار القتال في غزة قائلا:
"لا أفهم أهداف الحرب، لا أفهم حتى هذه اللحظة ما الذي نقاتل من أجله، ولأي غرض.
ماذا سنفعل هناك، والجنود يُقتلون باستمرار؟ لقد توقعت أن تبادر القيادة لإنهاء القتال،
وتُعيد المخطوفين، ونعود للوضع الطبيعي".
والحبل على الجرار من قطاعات واسعة بدأت أصواتها ترتفع وتدعو لإيقاف جحيم
الحرب وأن لا سبيل لإعادة الأسرى إلا بالتفاوض، وغير ذلك مجرد أوهام وذر للرماد في
العيون من أجل مصالح نتنياهو وأطماعه الشخصية.
المهمة المستحيلة:
الكيان الغاصب نجح في رمشة عين باغتيال واستهداف نخبة المسؤولين والعلماء
الإيرانيين واخترق صفوف "حزب الله " في واضحة النهار، لكنه ورغم كل
التفوق التكنولوجي والجوي واستنفار كل مخابرات الدنيا للاصطفاف في خندقه من أجل إعادة
الأسرى وبسط السيطرة على قطاع محاصر لعقود وبمساحة محدودة جدا؛ يتكبد الخسارة تلو
الأخرى ولا أسير واحد يعود إلا بأمر القسام وتخطيطها؛ لهذا يقف قادة الكيان عاجزين
مكبلين أمام هول ما يواجهونه هناك، والقادم سيكون أعظم إذا لم يتخلوا عن غطرستهم، لأن
لا أمل يلوح في الأفق، وهذا ما استوعبه الكثيرون في الاراضي المحتلة وصارت أصواتهم
ترتفع وتجهر بذلك.
ووسط كل هذه التطورات ما زال الوطن العربي يغط في نومه العميق، وحتى بعض المحاولات التي طفت على السطح وتجلت في القوافل الإنسانية والشعبية أصيبت بإحباط ويأس عارم بعد حروب إعلامية مكثفة شنتها أطراف ليبية ومصرية معروفة لحرفها عن مسارها وشيطنتها، وأحداث فوضى عارمة تفسد مسارها
تقرير هآرتس الفاضح:
في ذروة يأسهم لم يجد قادة جيش الاحتلال سوى نصب الكمائن للجائعين من أهالي
القطاع عبر فخ المساعدات الذي تقوده "مؤسسة غزة الإنسانية" المشكوك في أهدافها
ونواياها. وما أكد هذه الحيلة التقرير الذي نشرته صحيفة "هآرتس" ونقلت
من خلاله شهادات لجنود وضباط كشفوا أنهم تلقوا تعليمات من أجل إطلاق النار على الفلسطينيين
قرب مراكز تقديم المساعدات. وهذا ما أجج غضب نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس
اللذين أصدرا بيانا خاصا للرد على الصحيفة، ووصفا تقريرها بأنه عبارة عن "أكاذيب
بشعة تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش أخلاقية في العالم".
ووسط كل هذه التطورات ما زال الوطن العربي يغط في نومه العميق، وحتى بعض
المحاولات التي طفت على السطح وتجلت في القوافل الإنسانية والشعبية أصيبت بإحباط
ويأس عارم بعد حروب إعلامية مكثفة شنتها أطراف ليبية ومصرية معروفة لحرفها عن
مسارها وشيطنتها، وأحداث فوضى عارمة تفسد مسارها.
وللمفارقة، نرى مثلا في إيطاليا هذه الأيام سلسلة المتاجر الشهيرة
"كوب اليانز 3.0" (تضم أكثر من 388 متجرا و2.7 مليون عضو) تسحب كل
المنتجات الإسرائيلية تضامنا مع أهل غزة، بل وتبدأ ببيع مشروب "كولا غزة
" الذي يعود ريعه للمساعدة في إعادة أحد المستشفيات في القطاع الصامد، وتنشر
بيانات بلغة واضحة وصريحة حول موقفها الثابت الداعم للفلسطينيين.
من المثير للحنق أن هذه "اللغة البسيطة" أضحت ترفا نتوق له في
الوطن العربي؛ لأن المصالح تتطلب "خطابا جديدا" يحرف الوقائع ولا ينحاز
للحق والحقيقة. مخجل حقا ما وصلنا إليه.