مقابلات

"الداخلية السورية" لـ"عربي21": سنعلن عن الهيكلة الجديدة للوزارة قريبا.. هذه ملامحها

المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا كشف أنهم ربما يعلنون قريبا عن "حزمة قرارات لمكافحة ظاهرة السلاح المنفلت"- مواقع التواصل
كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أنه سيتم الإعلان قريبا عن هيكلة وزارة الداخلية الجديدة، وسيتم تحديث البنية الأمنية بما يواكب تحديات المرحلة الراهنة والمقبلة.

وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن "الهيكلة الجديدة للوزارة ستعطى فرصة ستة أشهر للتجريب والتقويم، مع تبيان رؤية الوزارة لبسط الأمن في سوريا، علما أن الأجهزة الأمنية رغم حداثة تشكيلها، وصعوبة ظروفها، إلا أنها تراكم الخبرات والإنجازات".

وأشار المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، إلى أن "هناك عشرات آلاف المنتسبين للوزارة يجري تدريبهم، وتوزيعهم على المحافظات بما يضمن حسن سير العمل".

وأوضح البابا أن "علاج السلاح المنفلت في سوريا ليس فقط قضية أمنية، بل يعود أيضا لأسباب سياسية، واجتماعية، واقتصادية، لذلك علاجه يتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة"، كاشفا أنهم ربما يعلنون قريبا عن "حزمة قرارات تهدف لمكافحة ظاهرة السلاح المنفلت".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيمون مُجمل الوضع الأمني في سوريا حاليا؟


الوضع الأمني في سوريا ليس بالحالة المثالية التي نعمل من أجل الوصول لها، لكنه يتحسن تدريجيا، وإن كان أحيانا بشكل بطيء.

ما هي أبرز التحديات والعراقيل الأمنية التي تواجه وزارة الداخلية في هذه المرحلة الانتقالية؟

حالة الدمار الكبيرة التي خلّفها النظام البائد بكل المجالات، مع استمرار العقوبات الأمريكية التي تضعف محاولات إعادة بناء الدولة، هما أكبر عائقين يواجهان الوزارة حاليا، لكن مع ذلك هناك جهود تبذل، وإنجازات تتحقق على أرض الواقع.

كما أن من التحديات الأساسية التي نواجهها قضية بسط سيادة الأمن والقانون على جميع الأراضي السورية، وضبط انتشار السلاح غير الشرعي، واحتواء تداعيات الأوضاع الإقليمية والدولية. نسعى حاليا لبناء قدراتنا الأمنية لمواكبة هذه المتغيرات وضمان أمن المواطنين.

كيف تتعاملون مع التهديدات المُستمرة من قِبل الجماعات المُسلحة الخارجة عن القانون في بعض المناطق؟

سياق وجود المجموعات الخارجة عن القانون قد يختلف أحيانا من منطقة لأخرى، وغالبا ما يكون وجود هذه الجماعات مركبا من عدة أسباب، لذلك تحاول الوزارة حل هذه المجموعات بأقل الطرق تكلفة على المواطن، وفي حال استعصاء هذه المجموعات بالسلاح ضد الدولة في مناطق سكنية، حينها تلجأ الوزارة لتحييد خطرها بالقوة المتناسبة مع الموقف، وبما لا يتجاوز الحد المُهدّد لحياة ومعيشة المواطنين.

وكيف تسير جهود ضبط الحدود ومنع تسلل العناصر المسلحة؟

بالنسبة لضبط واستقرار الحدود فقد شكّلنا غرف عمليات مع دول الجوار للتعاون والتنسيق في هذا الأمر، واستهدفنا أماكن حوّلتها عصابات تهريب المخدرات لمقرات لها، وأغلقنا معابر تهريب يجري منها تهريب السلاح والمخدرات والأشخاص، ونعمل على تطوير وسائلنا، وزيادة تواصلنا مع دول الجوار لتعزيز أمن الحدود.

ما رؤيتكم لكيفية حل أزمة فوضى انتشار السلاح؟ وهل يمكن حصر السلاح بيد الدولة قريبا؟

هذا هدف استراتيجي نعمل عليه بجدية، لكن يتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية لتحقيقه. نحن نؤمن بأهمية هذه الخطوة لضمان الاستقرار الدائم، ونعمل على تقليص حجم الأسلحة خارج نطاق القانون بشكل متسارع.

علاج السلاح المنفلت في سوريا ليس فقط قضية أمنية، بل يعود أيضا لأسباب سياسية، واجتماعية، واقتصادية، لذلك علاجه يتطلب تضافر مؤسسات الدولة جميعا لحله، مع تأكيد أن العبء الأكبر في تنفيذ الحل يقع على عاتق وزارتي الداخلية والدفاع، وقد نعلن قريبا إن شاء الله عن حزمة قرارات تهدف لمكافحة ظاهرة السلاح المنفلت.

ما هي آليات وزارة الداخلية لمراقبة سلوك عناصرها وضمان المحاسبة العادلة؟

الوزارة اليوم تُبنى من الركام، وتواجه تحديات كبيرة، ومنتسبوها إما أتوا من خلفيات فصائلية ثورية، أو من خلفيات مدنية، لذلك وجود ثغرات وأخطاء من قِبل بعض المنتسبين سيكون أمرا متوقعا، لهذا تعمل الوزارة على إعادة بناء مؤسسات التعليم الأكاديمي الشرطي، والتدريب الأمني عالي المستوى، مع تفعيل دور التوجيه المعنوي لضمان بناء عقيدة أمنية وأخلاقية تردع منتسبي الوزارة عن السلوك الخاطئ، وأيضا يوجد آلية محاسبة، وعقوبة، تتناسب مع السلوك الخاطئ، ويجري منذ أشهر تجريبها وتطويرها.

ونحن نلتزم بمبادئ الشفافية والمساءلة، ولدينا لجان متخصصة لمراقبة الأداء والتحقيق في أي انتهاكات محتملة، لضمان تطبيق القانون بعدالة ومهنية.

متى سيمكن للأجهزة الأمنية الدخول إلى داخل السويداء وجميع الأراضي السورية؟

موضوع دخول الأجهزة الأمنية للسويداء يتم الآن بهدوء، وبالتنسيق مع الفصائل الوطنية في المحافظة لتنخرط هي ضمن مرتبات الوزارة، وذلك في ظل ترحيب شعبي، وارتياح محلي كبيرين.

ونحن نعمل على بسط سيطرة الدولة بشكل كامل وتدريجي، وذلك بالتعاون مع الجهات المحلية والمجتمع المدني، مع احترام خصوصية كل منطقة لضمان الاستقرار بعيد المدى.

هل هناك خطة واستراتيجية واضحة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية؟

سيتم الإعلان قريبا إن شاء الله عن هيكلية الوزارة الجديدة، وسيتم تحديث البنية الأمنية بما يواكب المرحلة الراهنة والمقبلة، وهذه الهيكلة الجديدة ستعطى فرصة ستة أشهر للتجريب والتقويم، مع تبيان رؤية الوزارة لبسط الأمن في سوريا، علما أن الأجهزة الأمنية رغم حداثة تشكيلها، وصعوبة ظروفها، إلا أنها تراكم الخبرات والإنجازات، علما أن هناك عشرات آلاف المنتسبين للوزارة يجري تدريبهم، وتوزيعهم على المحافظات بما يضمن حسن سير العمل.

وإجمالا، يمكن القول إنه لدينا اليوم خطة شاملة لإعادة هيكلة وتطوير قدراتنا الأمنية بما يتناسب مع المتغيرات الراهنة. نسعى لتعزيز المهنية والكفاءة لضبط أي فوضى وإعادة الثقة بالأجهزة الأمنية.

كيف تعملون على تعزيز ثقة المواطنين في الأجهزة الأمنية؟

ثقة المواطن تتحقق بالمنجزات التي يراها على الواقع، لذلك نحاول بذل أفضل ما لدينا. ونحن نركز على بناء جسور الثقة مع المواطنين من خلال تعزيز الشفافية، والاستجابة السريعة للاحتياجات الأمنية، وتقديم الدعم المستمر للمتضررين، إلى جانب محاسبة أي تجاوزات بشكل حازم.

هل هناك اتجاه نحو خصخصة أجزاء من المنظومة الأمنية السورية كما تردد أم لا؟

موضوع الخصخصة إن تم فلن يكون حكرا على وزارة الداخلية، بل سيكون جزءا من توجه الدولة العام، نحن نؤمن أن المجتمع هو الشريك الأساسي في تحقيق الأمن في البلد، وسنفتح له كل مجالات المشاركة الإيجابية لتحقيق هذا الهدف.

ما آخر تفاصيل ونتائج المساعي التي يبذلها البعض لوقف الفتن والاضطرابات الأمنية؟ ومَن أبرز الأطراف التي تقف خلف تلك المساعي؟

نعمل بالتنسيق مع عديد الأطراف الحكومية والشعبية، وهناك حالة من السلم الأهلي، والوفاق الوطني تتكرس أكثر فأكثر على الأرض رغم الشوائب، ومحاولات تقويض الوضع، أبرز من يعمل لوأد الفتن المجتمعية هي المبادرات الشعبية في كل مناطق التوتر من المؤثرين المحليين، بالتعاون مع فريق المحافظة في كل منطقة.

لماذا لم تصدر نتائج التحقيقات في أحداث الساحل إلى الآن؟

من الطبيعي أن تأخذ لجنة التحقيق وقتا طويلا نسبيا في قضية الانقلاب الفاشل في الساحل، لأن القضية معقدة، وفيها كثير من التفاصيل، وتدخلت بها جهات خارجية، واللجنة تحوي كفاءات وطنية وأكاديمية نثقق فيها، ونحترمها، وهي تعمل بحرية ومهنية.

هل تتوقع وزارة الداخلية محاولات انقلابية جديدة في المستقبل القريب؟ وكيف تعملون على منع ذلك؟

غالب الشعب السوري مرحب بالتعهد الجديد، ويدعم الاستقرار، والوزارة تتعاون مع الجهات المعنية الأخرى في الدولة لحفظ أمن المجتمع وسلمه الأهلي، ووحدة سوريا.

برأيكم، هل تأخر مسار العدالة الانتقالية سبب وجود الاضطرابات في بعض الأراضي السورية؟

نظن أن انطلاق مسار العدالة الانتقالية سوف يدعم كثيرا حالة السلم الأهلي، ووجود محاكم وطنية شفافة، وعادلة لمحاكمة المجرمين سيخفف كثيرا من الاحتقان داخل سوريا.

هل تم القضاء على تجارة المخدرات في سوريا؟ وهل كانت هناك جهات دولية تقف خلف هذه التجارة خلال فترة حكم بشار الأسد؟

يعد سلاح المخدرات أداة اختراق وتمويل أساسية لتنظيم الحرس الثوري الإيراني؛ فعن طريقها يبني شبكات دعم لوجستية واستخباراتية، ويستهدف المجتمعات المراد تمزيقها عبر تفكيكها بالمخدرات، وبنفس الوقت تؤمن له شريان تمويل أساسي لرعاية نشاطاته الإرهابية، وأيضا هي أداة ابتزاز سياسي وضغط يستعملها ضد الحكومات.

بعد سقوط النظام البائد وأجهزته الأمنية، والعسكرية، التي كانت منخرطة بشكل كامل في تجارة وترويج المخدرات حاول المتورطون بهذه الجريمة إعادة بناء شبكات محلية متفرقة، غالب هذه الشبكات تقوم على صلات عائلية، أو عشائرية، أو مناطقية، لكن الدولة السورية الجديدة واجهت بحزم منذ اللحظة الأولى محاولات إعادة تفعيل شبكات المخدرات، واستطاعت أن تخفض نسبة الاتجار والترويج بها إلى أقل من 5% مما كانت عليه قبل تحرير سوريا، عبر ضرب مراكز القوة التي كانت ترعاها، وتفكيك معامل الإنتاج، واستهداف مستودعات التخزين، وإغلاق معابر التهريب، ومطاردة العصابات الراعية لها.

هناك عديد الوسائل لنقل المخدرات من العراق إلى سوريا، حيث أن طول الحدود، ونوعيتها تساعد جدا على التفلت والسهولة، خاصة أن وجود تشكيلات ما يسمى الحشد الشعبي التابع لإيران يسهم بقوة في زيادة خطر تجارة المخدرات، وتتراوح الوسائل بين التهريب عبر طرق ومنافذ غير رسمية، وبين استعمال الأنفاق، أو الطائرات المسيرة، أو إخفاء الشحنات ضمن السيارات التجارية، وتحاول الدولة السورية تطوير وسائلها، وأدواتها، وزيادة تنسيقها الأمني إقليميا ودوليا من أجل مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، لكن هناك الكثير من التحديات التي تواجهها على رأسها العقوبات الأمريكية التي تعيق الدولة السورية من تطوير قطاع الأمن وحفظ الحدود.

أخيرا، ما هي الرسالة التي توجهها وزارة الداخلية للجهات والدول التي تتهم الإدارة السورية بانتهاك حقوق الإنسان؟

ندعو كافة الجهات للتثبت من المعلومات التي تنتشر عن سوريا من مصادر محايدة، ومعروفة بصدقها ومهنيتها، خاصة بعد تحقيقات رقمية أثبتت أن الكم الأكبر من المعلومات السلبية عن سوريا العهد الجديد هي غير صحيحة، وتقف خلفها جهات لا تخفي عداءها لسوريا.