لا يُنكر الاسرائيليون أنهم يمرّون بلحظات حاسمة ستُحدد فيها مستقبلهم، إما التدهور إلى "دولة" تسلّطية تأخذهم إلى طريق الجنون، أو عودة النظام السياسي إلى مساره الطبيعي، في الوقت الذي يسيطر فيه بنيامين نتنياهو، العجوز المنهك، على جميع آليات الحكم، وعلى سلطته المطلقة، بفضل خبرته ومهاراته الواسعة.
أوريت ياعيل، الناشطة في الأُطر المدنية، أكدت أن "أمام الإسرائيليين سيناريوهين لا ثالث لهما: أولاهما المتشائم الذي سيتحقق إذا استمروا بحالة اللامبالاة، وسمحوا لنتنياهو بتحريك الأنظمة وفق رغباته، وإضعاف حراسها، حينها سيجدون أنفسهم في وضع مقلق، والانتخابات القادمة، إن أُجريت، فلن تكون ديمقراطية بحق، لأنه ستتطور إلى ديكتاتورية "ناعمة" تحت قيادته، وخلالها سيغادر الدولة من يستطيع، ثم ستأتي فترة أكثر صعوبة، لأنه عندما يُنهي مهمته، سيخلفه المزيد من المتطرفين، الذين يكتسبون بالفعل قوة ونفوذًا تحت حمايته".
وأضافت في مقال نشره موقع
زمان إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "الخلفاء المحتملين لنتنياهو: إيتمار بن غفير، الذي يستولي على السلطة أكثر فأكثر، وياريف ليفين، الذي سيصبح أكثر انتقامًا وتمردًا، وبيتسلئيل سموتريتش، الذي سيُدفع أكثر فأكثر للحائط، وعندما يستولون على السلطة، فلن تكون القدرة على مغادرة الدولة مضمونة، ومن ظنّوا أن العيش بدون نظام سياسي سليم ممكن فسيكتشفون خطأهم، ومن حذّروا، لكنهم بقوا سيجدون أنفسهم تحت نير الحكومة".
وأشارت إلى أن "السيناريو الثاني المتفائل لن يتحقق إلا إذا نجح الاسرائيليون بإسقاط الحكومة الحالية قريبًا، من خلال تحركات مدنية، على أن تبدأ لاحقا عملية إعادة التأهيل عبر الانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي خلّفتها الحكومة الحالية، مع أنها ستكون عملية صعبة ومؤلمة، وسيدفع جميع الاسرائيليين ثمنًا باهظًا، لكنهم في النهاية سيتخلصون من هذا الكابوس القائم".
وأكدت أن "دعم نتنياهو هو دعم غير مباشر للمتطرفين، لأن تجاهل أفعاله سيُعزز التطرف، ولأنه فاسد، فسيكون خلفاؤه متطرفين وخطيرين، قد يبدو بن غفير طفوليًا وسخيفًا، لكنه يفتقر للخطوط الحمراء، ياريف ليفين، رجل رمادي وتكنوقراطي، لكن دوافعه تدمير آليات الحكم بدافع الرغبة بالانتقام، سموتريتش يقود أيديولوجية مسيحانية مستعدة لتدمير ما هو موجود لتحقيق رؤية خيالية، وبجانب هذا الثلاثي المُدمّر، سيتحرك الحريديم والمسيحانيون، الذين سيحاولون استنزاف موارد الدولة والجمهور وتحقيق رؤيتهم".
ودعت إلى "مواصلة الاحتجاج الشعبي، ومطالبة صانعي القرار بالتحرك بشدة وبسرعة؛ وانتقاد سلوك وسائل الإعلام التي تدّعي الحرية وتقاريرها المتضاربة، ومعارضة أي محاولة لإسكات أو إضعاف النقد العام، وإذا وصلنا لمرحلة الانتخابات، فعلينا أن نكون يقظين للغاية، ونُحذّر من التزوير والتدخل فيها، لأن الدولة لن تتمكن من البقاء في ظل حكم ديكتاتوري، وليس عبثًا أن أيديولوجية الكاهانية المتطرفة قد حُظرت في الماضي، وإذا استولى المتطرفون على الدولة، فسيفرّ الأقوياء، وحينها سيكون هذا آخر يوم استقلال نعرفه".