لم يعد سرّا أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي٬ بنيامين
نتنياهو٬ مُني بخسائر جمّة من زيارته الاستدعائية الأخيرة إلى واشنطن، حتى باتت تحيطه من جميع الجوانب، بعد أن كان يروج أنه إذا أوقف حرب
غزة، فإن الاحتلال سيواجه خطرًا رهيبًا ومتجددًا من غزة.
لكنه من ناحية أخرى، يفهم أيضًا أن استمرار الحرب يعرض حياة
الأسرى للخطر بشكل كبير، ورغم تعالي الأصوات المتفائلة بشأن قرب إبرام الصفقة، فإن من الصعوبة بمكان أن يحدث شيء حتى يقرر نتنياهو أخيرًا الاتجاه الذي يسير فيه.
المحلل السياسي ل
موقع زمان إسرائيل، شالوم يروشالمي٬ أكد أن "الدعوة التي أطلقها مئات الطيارين وطواقم الطائرات السابقين والحاليين لوقف الحرب فوراً فاجأت نتنياهو في لحظة حرجة، وربما هذا السبب وراء رده الحاسم وغير الضروري ضد موقّعي العريضة، فقد سارع لدعم رئيس الأركان أيال زامير وقائد سلاح الجو تومار بار، اللذين قررا طرد ستين من الموقعين على العريضة من الجيش، وما زالوا يخدمون في الخدمة الاحتياطية، متهماُ الطيارين بمحاولة إضعاف الجيش في زمن الحرب، ما يجعل خطوتهم لا تُغتفر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الطيارين الموقعين على العريضة يعكسون رأي مئات الآلاف من الجمهور الإسرائيلي الذين لا يرون جدوى من استمرار الحرب، أما نتنياهو فقد اختار الدخول مع القادة والجنود بسرعة 200 كيلومتر في الساعة بلا فائدة، ولو كنت مكانه، لشرعت في حملة إقناع، بالحجج الوجيهة التي يعتقد أنه يمتلكها ضد إنهاء الحرب، بدلا من مهاجمة أطقم الطائرات التي سيؤدي إبعادها للإضرار بالمجهود الحربي الذي يسعى نتنياهو لتكثيفه".
وأكد أن "نتنياهو يدرك أنه في وضع معقد، فهو يريد مواصلة الحرب لأسباب انتقامية شخصية أيضًا، دون الإصرار على أن ذلك يعود فقط لخوفه من استقالة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لأنه يفكر مثلهم، ويزعم أنه إذا أوقف الحرب فستواجه الدولة خطرًا مروعًا ومتجددًا من غزة، لكنه في الوقت ذاته يُعرّض حياة الرهائن لخطر جسيم. وموقعو العريضة مُحقّون في هذا الصدد، ومُحقّون أيضًا بشأن
جنود الاحتياط الذين أُنهكوا حتى النخاع لمدة عام ونصف، ويدفعون ثمنًا باهظًا من عائلاتهم وأماكن عملهم".
وأشار إلى أن "نتنياهو لن يجرؤ على التحدث علنًا ضد رفض جنود الاحتياط المُتشدّد الذي يتزايد حتى في الوحدات القتالية، لأنه في الواقع لا يعلم كم ستستمر الحرب، ولا متى سيتحقق ما يعتبره نصرًا كاملًا، في هذه المرحلة، لديه رصيد أمريكي للاستمرار، وهو ما لم يكن الحال مع الإدارة السابقة، أو كما يقول أحد كبار مساعديه: "الأمريكيون يُريدون وقف الحرب، ولكن بعد انتصار إسرائيلي".
وأوضح يروشالمي أن "الحل المؤقت هو إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش من غزة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، الأحياء والأموات، وحماس قد تقدم أسباباً وجيهة لخرق الاتفاق، وتجديد الحرب، وبعدها يستطيع استكمالها دون عائق، فلماذا لا يفعل ذلك نتنياهو، بزعم أن العالم لن يوافق على هذا الأمر مسبقاً، لأن مثل هذا الاتفاق يتضمن ضمانات دولية، بما فيها أمريكية، وإذا تم انتهاكه فسنواجه عقوبات دولية وقرارات صارمة ضدنا في مجلس الأمن".
وأكد أن "مزاعم نتنياهو أن الجمع بين الضغط السياسي والعسكري نجح بالمرحلة الأولى من الحرب، ما أدى إلى إطلاق سراح 80 مختطفا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ليست دقيقة، لأن الجيش دخل في "قطيع من الأفيال"، حيث انقلبت علينا عجلة السياسة بسبب خسائره في غزة، ولم يعد الضغط المزدوج يجدي نفعًا مع حماس. صحيح أنه بعد زيارة واشنطن، ولقاء ترامب، برزت نبرة تفاؤل في المحادثات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، بشأن الصفقة، لكن الواقع أن وضع نتنياهو سيئ، فاستمرار الحرب يعرّض هدفها الأول بإطلاق سراح المختطفين للخطر؛ ووقفها يعرّض هدفها الثاني بالقضاء على حماس للخطر".