في خطوة أثارت استنكاراً حقوقياً واسعاً،
رحّلت السلطات التايلاندية قسراً مجموعة من الأويغور إلى
الصين بعد احتجازهم
تعسفياً لمدة عشر سنوات.
ووفقاً لتقرير نشرته "هيومن رايتس
ووتش" على صفحتها على منصة "إكس"، فقد غادرت طائرة تابعة لشركة
"طيران جنوب الصين" بانكوك في الساعات الأولى من يوم 27 فبراير/ شباط
الماضي، متوجهة إلى مدينة كاشغر في إقليم شينجيانغ الصيني، وعلى متنها ما لا يقل
عن 40 رجلاً من الأويغور الذين فروا من الصين قبل أكثر من عقد.
وكان هؤلاء الرجال من بين مئات الأويغور
الذين حاولوا الهروب من الصين عام 2014 عبر جنوب شرق آسيا. وبينما وصل بعضهم إلى
تركيا، فقد احتجزت السلطات التايلاندية آخرين في مراكز احتجاز المهاجرين. وفي عام
2015، رحّلت تايلاند قسراً أكثر من 100 رجل أويغوري إلى الصين، ما أثار انتقادات
دولية.
وأدانت "هيومن رايتس ووتش"، قرار
تايلاند إعادة الأويغور قسراً، معتبرة أنه انتهاك لمبدأ "عدم الإعادة
القسرية"، الذي ينصّ على عدم ترحيل الأفراد إلى دول قد يواجهون فيها الاضطهاد
أو التعذيب.
ويأتي هذا الترحيل رغم مناشدات دولية
وتحذيرات من أن العائدين قد يواجهون السجن أو أسوأ من ذلك. وتستمر الصين في نفي
ارتكابها
انتهاكات ضد الأويغور، في حين تصف عمليات الترحيل بأنها "إجراءات
لمّ شمل أسرية".
وتسلّط هذه الخطوة الضوء مجدداً على معاناة
الأويغور في الشتات، وسط اتهامات للمجتمع الدولي بالتقاعس عن حمايتهم، ما يترك
عشرات الآلاف منهم عالقين بين مطرقة الاضطهاد في الصين وسندان الصمت الدولي.
قضية الأويغور.. جذور الصراع والتصعيد
ويعود النزاع حول وضع الأويغور إلى العقود
الأولى من القرن العشرين، حيث كان إقليم شينجيانغ - الذي يطلق عليه الأويغور اسم
"تركستان الشرقية" - يتمتع بحكم ذاتي محدود قبل أن تفرض الصين سيطرتها
الكاملة عليه عام 1949.
طوال العقود التالية، اتبعت السلطات الصينية
سياسات تهدف إلى دمج الأويغور قسراً في الثقافة الصينية، حيث شملت حملات قمع ديني
وثقافي، وتقييد ممارسة الشعائر الإسلامية، بالإضافة إلى توطين أعداد كبيرة من
عرقية الهان الصينية في الإقليم، ما أدى إلى تراجع نسبة الأويغور في شينجيانغ
بشكل كبير.
تصاعدت التوترات في أوائل القرن الحادي
والعشرين، خاصة بعد أحداث العنف الدامية في أورومتشي عام 2009، حيث اندلعت
احتجاجات واسعة قُتل فيها المئات، ما أدى إلى فرض السلطات الصينية مزيداً من
القيود الأمنية على الإقليم.
وفي عام 2017، بدأت الصين حملة "القضاء
على التطرف"، والتي تضمنت احتجاز ما يقدر بمليون شخص من الأويغور وغيرهم من
المسلمين التُرك في معسكرات اعتقال ضخمة. ووفقاً لمنظمات حقوقية وتقارير دولية،
يتعرض المحتجزون هناك لانتهاكات جسيمة، تشمل العمل القسري، والتعذيب، والانفصال
القسري عن عائلاتهم، والضغط لترك معتقداتهم الدينية.