سلط تقرير نشره موقع "
بيزنس أنسايدر" الضوء على ارتباط شركة "آبل" الشديد بالصين نتيجة استثمارات ضخمة استمرت لعقود، مما يوضح صعوبة فصل الشركة عن بكين رغم التصريحات عن نقل بعض عمليات التصنيع إلى دول أخرى مثل الهند وفيتنام.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع تصاعد خطاب الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب الذي يطالب شركة "آبل" بنقل إنتاجها من
الصين إلى
الولايات المتحدة، تبرز تساؤلات حول ما أدى بالشركة الأمريكية الأصل إلى الاعتماد على الصين بالأساس.
ويقول باتريك ماكجي، وهو صحفي نشر حديثا كتاب "آبل في الصين: الاستيلاء على أعظم شركة في العالم"، إنه يعرف السبب؛ حيث إن هذا الأمر وفر لشركة
أبل منظومةً متكاملةً تُمكّنها من تصنيع أجهزة فائقة التعقيد على نطاق واسع. لكنه يشير إلى أن الأمر عاد على الصين بفائدة أكبر، إذ أتاحت أبل للمهندسين الصينيين الوصول إلى تقنيات قيّمة مكّنتهم من بناء سلاسل توريد أخرى عالية القيمة.
وقد خلق هذا الأمر مشكلةً للرئيس التنفيذي لشركة "آبل"، تيم كوك، إذ لم يعد قادرًا على انتزاع الشركة من الصين.
وتحدث الموقع مع ماكجي عن سبب اعتقاده باستحالة نقل إنتاج "آيفون" إلى الولايات المتحدة، ولماذا يعتقدُ أن تصريحات أبل بأنها تنقل بعض الإنتاج إلى الهند وفيتنام، للتهرب من بعض الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين، مُضلِّلة للغاية.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح ماكجي أن الولايات المتحدة تفتقر إلى أشياء كثيرة لتحقيق هذه النقلة: أحدها الكثافة السكانية، فالمدينة الصناعية في الصين قد تضم 500 ألف شخص لتجميع أجهزة آيفون. وما لا يفهمه الناس هو أنهم لا يفعلون ذلك على مدار السنة، بل يفعلون ذلك لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم ينتقلون إلى مشروع آخر. ولا تتحمل أبل التكلفة، بل تستخدم شركات مثل فوكسكون للقيام بالتصنيع كخدمة.
وبحسب أحد المحللين، فإن الأمر يشبه أن يترك كل سكان بوسطن أعمالهم ويعملون فقط على أجهزة آيفون. ورغم أن هذا الكلام صحيح، إلا أنه يُقلل من حجم التحدي، لأنه قد يتطلب أن تنقل مدينة بوسطن نفسها إلى مكان آخر لتجميع هواتف آيفون لمدة بضعة أسابيع ثم الانتقال إلى مشروع آخر.
وتتمتع الصين بهذا التعداد السكاني العائم، وهذه القوة العاملة وحدها أكبر من إجمالي القوى العاملة في أمريكا بأكملها. لذا لن تتمكن أمريكا أبدًا من مجاراتهم من حيث الكثافة السكانية، وخاصة ديناميكية السكان، حسب التقرير.
وأضاف الموقع أن الصين تملك أيضا بنية تحتية ضخمة: سلسلة كاملة من المصانع والوحدات الفرعية والمقاولين من الباطن، جميعها مصممة لتزويد أبل بالمنتجات التي تحتاجها في لمح البصر. ووفقا لماكجي فإن الوقت الذي تستغرقه الصين في بناء مصنع جديد، تستهلكه الولايات المتحدة في الإجراءات الورقية البيئية.
وعند سؤاله عن حقيقة تصريح "آبل" بأن جميع أجهزة آيفون، التي تبيعها الشركة في الولايات المتحدة خلال الربع القادم على الأقل ستُصنع في الهند، وأن معظم الأجهزة الإلكترونية الأخرى التي تبيعها في الولايات المتحدة ستُصنع في فيتنام، أوضح ماكجي أن التجميع النهائي فقط هو ما يجري في هذه الدول، في محاولة لتجنب الرسوم الجمركية.
وتابع بأنه ليس هناك إنتاج فعلي يحدث في الهند، وإذا اشتريت هاتف آيفون السنة المقبلة، فسيكون مكتوبًا عليه "صُنع في الهند"، لكن هذا الهاتف لن يكون أقل اعتمادًا على سلسلة التوريد التي تتمحور حول الصين من أي هاتف آيفون آخر اشتريته من قبل.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الموقع إلى أن شركة "آبل" صرّحت بأن الرسوم الجمركية الحالية ستكلفها 900 مليون دولار في الربع القادم، قد يبدو هذا رقمًا كبيرًا، لكنه ليس كذلك إذا ما قورن بأرباح الشركة البالغة 100 مليار دولار سنويًا. لذا، يبدو أن هذه مشكلة قابلة للحل بالنسبة لشركة أبل: عليهم نقل التجميع النهائي إلى الهند، وتحمل بعض التكاليف.
وأكد ماكجي أن الأمر قد يكون أكثر خطورة بكثير لأن العلاقات
الاقتصادية التي تربط أبل بالصين غير قابلة للكسر، مما يعني أنهم لن يكونوا قادرين على مغادرة الصين في أي وقت قريب.
ومع ذلك، فإن تصميم منتجات متطورة وبناءها في الصين يتسبب بطبيعته في نقل التكنولوجيا من أمريكا إلى الصين على مستوى جنوني، وإذا كانت الصين تشكل تهديدا فعليا لأمريكا، فمن الجنون أن تستمر أعظم شركة في العالم بتزويد الصين بهذه المعرفة التكنولوجية.