ليس في وارد رئيس الحكومة الإسرائيلية المنصرفة، الاتكال على اللعنات التلمودية بإفشال حكومة بينيت ثم إسقاطها، فمراسم السحر التي توجّه لعنات من قبل الملائكة في إطار ما يُسمى «بولسا دينورا»؛ أي مراسم اللعنات، لجأت إليها مجموعات يمينية دينية بهدف إسقاط حكومة بينيت؛ كونه لعنة على دولة إسرائيل حسب هذه المجموعات، التي سبق أن مارست هذا السحر التوراتي ضد رئيس الحكومة الأسبق أرئيل شارون، بعد إخلائه المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة العام 2005، وتزعم هذه المجموعات أن الشلل الدماغي الذي أصاب شارون وأبقاه في غيبوبة حتى وفاته العام 2014، كان بنتيجة هذا السحر التوراتي.
بالممارسة العملية، فإن نتنياهو لا ينتظر حتى تأتي هذه الدعوات واللعنات التوراتية بالنتائج المطلوبة، أي إفشال تشكيل حكومة بينيت وإسقاطها في حال نجاح التشكيل، فهو يؤمن من خلال خبرته وتجربته، أن الشعوذة السياسية وليس الدينية وحدها هي القادرة على إفشال حكومة بينيت وإسقاطها. وكونه زعيما للمعارضة، فإن سيلا من مشاريع القوانين التي تنطوي على مواقف وخلافات متناقضة بين أحزاب الائتلاف الحكومي الجديد، كفيلة بتفكيك هذا الائتلاف، وفي أجندة نتنياهو قائمة طويلة من مشاريع القوانين من هذا النوع، إضافة إلى أن هذا التوجه بتوحيد المعارضة ضد الائتلاف الجديد، يكفل له من ناحية أخرى عدم تفرّغ حزب الليكود والأحزاب اليمينية، التي لا تزال تحت إبطه، لمناقشة مسؤوليته الشخصية عن تدهور قوى اليمين وتآكلها وتناحرها، ومسؤوليته المباشرة من خلال اعتماده على التعاويذ السياسية لصالح الشخصي في تشكيل حكومة بينيت على أنقاض حكومات نتنياهو اليمينية.
ومما تسرب من اجتماع الكابينت قبل أيام لبحث مصير مسيرة الأعلام، يفيد بأن نتنياهو اعترض على تغيير مسارها أو تأجيلها من الخميس الماضي إلى الثلاثاء القادم، لكن بعض ما تسرّب أشار إلى أن نتنياهو في الواقع كان أكثر ميلا إلى التأجيل؛ إذ من خلال ذلك، فإن هذه المسألة الحساسّة والشائكة تتدحرج إلى مسؤولية حكومة بينيت بعد يومين من تدشينها، في اختبار أول لمدى قدرتها على التعامل مع مسائل بالغة التعقيد، هذا الاختبار سيضع أطراف هذه الحكومة كافة في أول صدام مع مثل هذه الحالات، ما من شأنه ضعضعة الائتلاف الهش وأن يظهره أكثر ضعفا وعجزا.
في جعبة الحاوي نتنياهو قائمة طويلة من المنغصات على حكومة بينيت، ومن الناحية الزمنية تأتي في طليعتها المسألة المتعلقة ببؤرة «أفيتار» الاستيطانية التي أقيمت قبل أسبوعين، فقد صدر قرار من قبل الإدارة المدنية بمنع استمرار البناء في هذه البؤرة وإخلائها، إلا أن نتنياهو طلب من وزير الحرب غانتس الذي سيبقى في هذا المنصب، عدم إخلاء هذه البؤرة بحجة أن حدودها غير واضحة.
وحسب طاقم نتنياهو، فإنه عند الخلاف حول ترسيم الحدود، فإن إنفاذ القانون يتطلب مصادقة رئيس الحكومة، أي بينيت، إلا أنّ غانتس، بعد فحص الأمر من الناحية القانونية، تبيّن أن ذلك من صلاحية قائد المنطقة الوسطى، لكن نتنياهو مصر على ضرورة مصادقة رئيس الحكومة الجديد، الذي يُلقب ولا يزال بملك الاستيطان الذي سيخضع لاختبار صعب، يكشف مدى قدرته على مواجهة هذه المسائل الصعبة والأفخاخ التي ينصبها له نتنياهو.
نقلا عن صحيفة "الأيام" الفلسطينية