صحافة دولية

جامعة نيويورك تطارد ناشطين ضد حرب غزة وتهدد بمنعهم من أداء الامتحانات النهائية

احتجاجات في جامعة نيويورك ضد الحرب على غزة- جيتي
احتجاجات في جامعة نيويورك ضد الحرب على غزة- جيتي
كشف موقع "ذي إنترسبت" أن كلية الحقوق في جامعة نيويورك منعت 31 طالبا مؤيدا لفلسطين من دخول مباني الحرم الجامعي، وطالبتهم بالتوقيع على تنازل عن حقهم في الاحتجاج مقابل السماح لهم بالعودة.

إذا لم يتنازل الطلاب، الذين يُعتبرون "أشخاصا غير مرغوب فيهم" عن حقهم في الاحتجاج داخل الحرم الجامعي، فلن يتمكنوا من أداء الامتحانات النهائية.

تنص "اتفاقية استخدام المساحة" المُرسلة إلى الطلاب على أنه: "لا يجوز لكم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو نشاط تخريبي داخل حرم كلية الحقوق"، والتي تحدد صراحة شروط السماح لهم بالعودة إلى مباني الحرم الجامعي الرئيسية خلال "فترة الامتحانات" في الكلية.

اظهار أخبار متعلقة



طلاب القانون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لتجنب المزيد من التداعيات من جانب الجامعة، متهمون بالمشاركة في اعتصامات، وهو شكل عريق من أشكال التظاهر السلمي المسموح به وفقا لسياسة جامعة نيويورك.

يمثل منع الطلاب من دخول الحرم الجامعي ومطالبتهم بالامتناع عن الاحتجاج تصعيدا دراماتيكيا ضد طلاب جامعة نيويورك المشاركين في المظاهرات ضد حرب "إسرائيل" على غزة - وهو ما يمثل انتهاكا لسياسة الجامعة وقلبا لقواعد الإجراءات التأديبية، وفقا لما قاله سبعة من الطلاب المصنفين أشخاصا غير مرغوب فيهم الذين تحدثوا إلى موقع "إنترسبت"، بالإضافة إلى طلاب وأعضاء هيئة تدريس آخرين في جامعة نيويورك.

قال أندرو روس، أستاذ علم الاجتماع الذي مُنع هو نفسه من دخول مباني الحرم الجامعي في كانون الأول/ ديسمبر قبل أن تتراجع الجامعة عن القرار بعد ثلاثة أسابيع: "ما رأيناه هو انتهاك كامل لقواعد الحرم الجامعي لدينا. إذا توقفت ونظرت إلى مساحات الحرم الجامعي المُسوّرة، ومداخل المباني الخاضعة لدوريات مُكثّفة، وأفراد الأمن المُرتدين للزيّ الرسمي في كل مكان، وهذه البنية التحتية الأمنية المُتطوّرة، وجميع هذه القواعد الجديدة التي وُضعت ارتجاليا فيما يتعلق بحرية التعبير والسلوك، فهذا انتهاك استثنائي للغاية لجميع أنواع قواعد الحرم الجامعي التي اعتدنا عليها.

ووفقا لرسائل البريد الإلكتروني المُوجّهة إلى الطلاب والتي حصل عليها موقع "إنترسبت"، فإنهم مُنعوا من دخول الحرم الجامعي أثناء التحقيق معهم لعدم امتثالهم لتوجيهات السلامة العامة، بما في ذلك مغادرة أماكن اعتصامهم، والسلوك المُخلّ بالنظام.

تنصّ سياسات السلوك في جامعة نيويورك على أن أيّ احتجاجات في المكتبات تُعدّ مُخلّة بالنظام، لكن طلاب القانون أشاروا إلى أنهم كانوا يحتجون أمام مكتب رئيسة جامعة نيويورك ليندا ميلز في الطابق العلوي من مكتبة بوبست.

قال طالب قانون تلقى إشعارا بتصنيفه شخصا غير مرغوب فيه: "سياسات الكلية غامضة وتعسفية بما يكفي لاستخدامها في أي موقف ضد أي نوع من الخطاب الذي تستهجنه الجامعة، وخاصة الخطاب المؤيد لفلسطين. تزعم الكلية أن الاحتجاجات محظورة في المكتبة، التي تقع بالقرب من المكاتب الإدارية الرئيسية، بما في ذلك مكتب الرئيس".

وأشار طلاب وأعضاء هيئة التدريس في جامعة نيويورك إلى احتجاجات سابقة لم تُسفر عن عقوبات قمعية مماثلة، كدليل على أن منظمي الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين يتعرضون لعقوبات غير متناسبة بسبب معتقداتهم السياسية.

قال أول طالب تم تصنيفه شخصا غير مرغوب فيه: "أدى اعتصام سحب الاستثمارات في الموقع نفسه في مكتب بوبست إلى سحب فعلي للاستثمارات من الوقود الأحفوري".

وأضاف: "كانت هناك عشرات الاعتصامات في مكتبات الحرم الجامعي منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دون أي عقوبة. ومع ذلك، يبدو أن قرب تحركنا من مكتب الرئيس، ووضوح مطالبنا، جعل الجامعة أكثر حرصا على تطبيق القواعد على مجموعتنا".

كان طلاب القانون المصنفين أشخاصا غير مرغوب فيهم يحتجون بأنفسهم على قرار جامعة نيويورك بتعليق عضوية مجموعة من 13 طالبا جامعيا و3 طلاب دراسات عليا في كانون الأول/ ديسمبر.

وكان الطلاب الموقوفون عن الدراسة قد شاركوا في اعتصام احتجاجي خارج مكتب رئيس الجامعة في مكتبة بوبست مطالبين جامعة نيويورك بسحب استثماراتها من "إسرائيل".

ولشهور، عرقلت إدارة جامعة نيويورك المنظمين الذين سعوا للتدخل نيابة عن الطلاب الموقوفين عن الدراسة. في الرابع من آذار/ مارس، نظم طلاب القانون اعتصاما سلميا لمدة ثماني ساعات في مكتبة بوبست دعما للطلاب الموقوفين عن الدراسة.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أرسل كريغ جولي، العميد المساعد لشؤون الطلاب في جامعة نيويورك، بريدا إلكترونيا إلى 28 طالبا من طلاب القانون زُعم مشاركتهم في الاعتصام، ليُبلغهم بأن الاحتجاج ينتهك سياسة السلوك الجامعي، وأنهم قد أُحيلوا إلى اللجنة التنفيذية لكلية الحقوق بجامعة نيويورك لإجراء مراجعة تأديبية رسمية.

وقال الطلاب الذين مُنعوا من دخول الحرم الجامعي بعد احتجاج الرابع من آذار/ مارس إن خاصية المسح الآلي لبطاقاتهم الشخصية قد عُطلت بمجرد استلامهم بريد جولي الإلكتروني.

اظهار أخبار متعلقة



وبدأوا على الفور يواجهون مشاكل في الوصول إلى مساكنهم المُخصصة لهم، والخدمات الصحية، والصالة الرياضية، والمراكز الدينية. وكان من بين المجموعة طلاب مسلمون مُنعوا من دخول المركز الإسلامي بجامعة نيويورك خلال شهر رمضان.

في 7 آذار/ مارس، أوضح جولي أنه ينبغي السماح للطلاب الممنوعين من الدخول بالوصول إلى المراكز الصحية، ولكن مع تعطيل خاصية المسح الآلي، قال الطلاب إن الدخول مسموح به على أساس مخصص من قبل ضباط أمن الحرم الجامعي.

في 29 نيسان/ أبريل، نظمت مجموعة منفصلة من طلاب كلية الحقوق الذين لم يتلقوا إخطارات بأنهم أشخاص غير مرغوب فيهم اعتصاما آخر، هذه المرة أمام مكتب عميد كلية الحقوق.

بعد يومين، في 1 أيار/ مايو، تلقى ثلاثة من هؤلاء الطلاب إخطارات بتصنيفهم أشخاصا غير مرغوب فيهم - وتلقى جميع طلاب الحقوق المصنفين أشخاصا غير مرغوب فيهم والبالغ عددهم 31 طالبا رسائل بريد إلكتروني من الكلية تطالبهم بالتخلي عن الاحتجاج حتى يُسمح لهم بالعودة إلى مرافق الحرم الجامعي وأداء الامتحانات النهائية.

لطالما كانت الإجراءات التأديبية في كلية الحقوق مستقلة عن الجامعة ككل، مع تضمين المزيد من "الإجراءات القانونية الواجبة" في سياساتها. ومع ذلك، يبدو أن كلية الحقوق لم تلتزم حتى بقواعدها الخاصة في قضية المتظاهرين المؤيدين لفلسطين: يقول الطلاب إنهم لم يتلقوا الشكاوى الرسمية المطلوبة، وأن مهلة العشرين يوما الممنوحة للجامعة للتحقيق في سوء السلوك المزعوم قد انتهت منذ أكثر من شهر.

قالت سونيا بوسمنتير، أستاذة اللغة الإنجليزية في جامعة نيويورك، والتي كانت، إلى جانب روس، واحدة من عضوين دائمين في هيئة التدريس تلقيا عقوبات بتصنيف كل منهما شخصا غير مرغوب فيه على خلفية اعتصام كانون الأول/ ديسمبر: "هناك تناقض هائل بين الكليات، وأحيانا حتى داخل الكليات، حول كيفية سير الأمور، ويبدو أن كلية الحقوق تضع قواعدها الخاصة حاليا".

في 20 نيسان/ أبريل، ضغط محامو بعض طلاب القانون على إدارة كلية الحقوق بشأن قرار فرض قيود "شخص غير مرغوب فيه"، والذي ينتهك متطلبات كلية الحقوق بجامعة نيويورك للإجراءات القانونية الواجبة، وفقا لمحامي الطلاب.

كما قال المحامون إن الإدارة لم تلتزم بالجدول الزمني لسياسة كلية الحقوق.

وردا على ذلك، ووفقا لتبادل رسائل بريد إلكتروني حصل عليه موقع "إنترسبت"، قال محام يعمل لدى المستشار العام لجامعة نيويورك إن الكلية تُجري "تحقيقا أوليا في الوقائع" فقط لتحديد ما إذا كان قد تم انتهاك أي قاعدة، وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى عملية تأديبية رسمية أو غير رسمية.

ووفقا لدليل السياسات، تُخصص العمليات التأديبية الرسمية "للانتهاكات الجسيمة لسياسة الجامعة أو كلية الحقوق"، مثل "الانتهاكات الجسيمة للنزاهة الأكاديمية أو التهديدات أو الأفعال التي تُعرّض أفراد المجتمع للخطر الوشيك".

كتب ويليام ميلر، المحامي في مكتب المستشار العام، أن التحقيق الأولي في نوع العملية المطلوب اتخاذها يُلغي الاعتراض: "لذلك، فإن الجدول الزمني الممتد لعشرين يوما الذي أشرتم إليه في رسالتكم غير قابل للتطبيق".

صرح ميلر في البريد الإلكتروني أن جامعة نيويورك قد استعانت بشركة "لاثام آند واتكينز" للمساعدة في التحقيق مع الطلاب المصنفين أشخاصا غير مرغوب فيهم، إحدى شركات المحاماة العملاقة التي أبرمت صفقة مع إدارة ترامب لتنفيذ خدمات قانونية مجانية بملايين الدولارات.

اجتمعت مجموعة أخرى من طلاب القانون مع عميد كلية الحقوق بجامعة نيويورك، تروي ماكنزي، في 28 نيسان/ أبريل، للمطالبة بتوضيحات حول وضع زملائهم الطلاب المصنفين أشخاصا غير مرغوب فيهم، ولإثارة مخاوفهم من أن شراكة الكلية مع "لاثام آند واتكينز" قد تُعرّض الطلاب المؤيدين لفلسطين للخطر. وقال الطلاب إنهم شعروا بأنهم مُنحوا المقابلة لأنهم لم يطلبوها برعاية منظمة "طلاب القانون من أجل العدالة في فلسطين"، وركزوا بدلا من ذلك على الإجراءات التأديبية للطلاب.

مع ذلك، قال الطلاب إن ماكنزي لم يُقدّم إجابات.

قال أحد طلاب الحقوق الحاضرين في الاجتماع: "لقد تنصل من أي سلطة كانت له في عملية صنع القرار. قلنا له: 'نحن نسمعك، ماذا يمكنك أن تُقدّم لنا؟' ولم يُجب بشيء على الإطلاق".

عندها قرر طلاب الحقوق تنظيم الاعتصام الثاني أمام مكتب ماكنزي في 29 نيسان/ أبريل. واستمر الاعتصام حوالي أربع ساعات.

في 1 أيار/ مايو، تلقى بعض الطلاب الذين شاركوا في الاعتصام الثاني إشعارا بالتحقيق معهم بتهمة "سلوك فاضح للغاية".

تلقى الطلاب المصنفون أشخاصا غير مرغوب فيهم، البالغ عددهم 31 طالبا، بريدا إلكترونيا يفيد باستمرار القيود المؤقتة المفروضة عليهم ما لم يوقعوا على اتفاقية "استخدام المساحة" التي تنص على عدم قدرتهم على دخول المباني الأكاديمية حيث تُعقد امتحاناتهم النهائية إلا إذا تعهدوا بعدم المشاركة في الاحتجاجات في كلية الحقوق.

تبدأ الامتحانات، التي تُحسب بنسبة 100% من الدرجة النهائية للطالب، يوم الاثنين.

أشار طالب قانون وناشط مؤيد لفلسطين، أُعلن عن تصنيفه شخصا غير مرغوب فيه في آذار/ مارس، إلى أن بعض الطلاب يعملون تطوعا - بما في ذلك الدفاع عن قضايا الترحيل ودعاوى الحقوق المدنية - في مبنى لا يمكنهم الآن الوصول إليه إلا بتوقيع الاتفاقية.

قال الطالب: "إن عدم قدرتنا على بذل كامل طاقتنا وعقد اجتماعات مع العملاء، بصفتنا مقدم خدمات قانونية رسميا، لا يعيق قدرتنا على الوفاء بمسؤولياتنا المهنية كممثلين قانونيين فحسب، بل يُعرّض أيضا حياة عملائنا للخطر".

حتى 2 أيار/ مايو، وقّع ما يقرب من 300 طالب وخريج وعضو من مجتمع جامعة نيويورك، بالإضافة إلى جماعات مثل اتحاد طلاب الدراسات العليا، وجمعية طلاب الحقوق من أصول لاتينية في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، وجمعية "يهود من أجل فلسطين" في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، رسالة مفتوحة إلى الإدارة، أعربوا فيها عن مخاوفهم بشأن استخدام الجامعة لتصنيف شخص غير مرغوب فيه لأجل غير مسمى دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

اظهار أخبار متعلقة



وأشار روس، أستاذ علم الاجتماع، إلى أن استخدام الإجراءات التأديبية يبدو جزءا من استراتيجية وطنية لاستهداف قادة الحركات المؤيدة لفلسطين في الحرم الجامعي.

وقال روس: "الهدف من عمليات الإيقاف هو إقصاء قادة الطلاب وسحبهم من ميدان الانتشار، وقد نجحوا في ذلك نجاحا كبيرا. في جامعة نيويورك، استُنزفت صفوف قادة الطلاب حقا بسبب هذه الاستراتيجية على مدار العام الماضي".

وقال: "بينما كانت بعض الاستجابات غير متسقة وعشوائية على ما يبدو، أعتقد أنها كانت تستهدف بشكل عام القادة".
التعليقات (0)

خبر عاجل