شدد الكاتب والصحفي البريطاني أوين جونز على أن الحكومة البريطانية لم تُبد غضبا حقيقيا تجاه دولة
الاحتلال الإسرائيلي رغم مرور 18 شهرا من المجازر في
غزة، معتبرا أن ما أثار رد الفعل أخيرا هو "ترحيل إسرائيل لنائبتين من حزب العمال، وليس الجرائم المرتكبة بحق
الفلسطينيين".
وقال جونز في مقال نشرته صحيفة "
الغارديان" وترجمته "عربي21"، إن "ثمانية عشر شهرا من المجازر في غزة لم تُسفر إلا عن رسائل رسمية فاترة"، مضيفا: "لقد تطلّب الأمر إذلالا دبلوماسيا لإثارة غضب حقيقي".
وأشار الكاتب إلى أن تدمير البنية التحتية في غزة، والقتل الجماعي للأطفال، والتعذيب والعنف الجنسي، والتجويع المتعمد، لم يدفع الحكومة البريطانية إلى أكثر من "تغريدة من وزير خارجيتنا"، أو في أفضل الحالات، رسالة لحث إسرائيل على تصرف لا تنوي القيام به.
واعتبر جونز أن ما دفع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أخيرا إلى التعبير عن استيائه هو قرار إسرائيل منع النائبتين يوان يانغ وابتسام محمد من دخول البلاد وترحيلهما، حيث وصف تصرف تل أبيب بأنه "غير مقبول، وسلبي، ومثير للقلق العميق".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت الكاتب إلى أن "انتقادات النائبتين السابقة لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي" كانت السبب وراء قرار ترحيلهما، مؤكدا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت تعلم أن النائبتين "ستقولان الحقيقة بشأن ما ستشهدانه، بدلا من تكرار الدعاية".
وأشار جونز إلى أن السلطات الإسرائيلية زعمت أن النائبتين "سعتا إلى توثيق أفعال قوات الأمن الإسرائيلية ونشر الكراهية ضد إسرائيل"، متهكما على رد فعل حزب العمال الذي تمثل في جلسة تصوير "لعدد من النواب مع النائبتين بنظرات صارمة للغاية".
وأوضح أن هذه التضامنات لم تُقدم للمدنيين الفلسطينيين الذين "ذُبحوا خلال 18 شهرا من الإبادة المجرمة"، مضيفا أن النائبتين تلقتا دعما من زملاء لم يُظهروا مثله تجاه ضحايا غزة.
ولفت جونز إلى تصريحات ويس ستريتنغ، وزير الصحة البريطاني، الذي قال: "هذه ليست طريقة لمعاملة البرلمانيين البريطانيين"، موضحا أن ستريتنغ نفسه واجه تهديدا انتخابيا من ليان محمد، البريطانية الفلسطينية التي وصفها الكاتب بـ"المعجزة".
وأكد جونز أن "السياسيين البريطانيين لم يُظهروا الغضب نفسه عندما قُتل ثلاثة من عمال الإغاثة البريطانيين في غزة خلال هجوم إسرائيلي، رغم أن القافلة كانت تحمل شعارات WCK الضخمة وقد نسقت تحركاتها مع الجيش الإسرائيلي".
اظهار أخبار متعلقة
وانتقد الكاتب استمرار دعم الحكومة البريطانية لدولة الاحتلال رغم الأدلة على ارتكاب جرائم حرب، قائلا: "هذه الحكومة تساعد في تسهيل الإبادة الجماعية"، مشيرا إلى أنها "علقت أقل من 9 بالمئة من تراخيص تصدير الأسلحة، وتواصل إرسال قطع غيار لطائرات F-35".
وأضاف أن "القوات الجوية الملكية البريطانية أجرت أكثر من 500 طلعة تجسس فوق غزة منذ ديسمبر 2023"، دون أي تفسير علني، في حين ترفض الحكومة حتى الآن وصف ما يجري بأنه جرائم حرب.
واعتبر جونز أن بعض النواب "يشعرون بالإهانة لاعتقادهم أن مكانتهم تعرّضت للتشويه"، وتابع متهكمًا: "لا شك أن النائبتين لا تستطيعان التجول في مجلس العموم دون أن يسألهما الزملاء العابسون: هل أنتِ بخير؟".
وختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن "المشكلة هي أن السياسيين، الذين يشعرون بالإهانة من غرورهم المجروح أكثر من الإبادة الجماعية، يعتقدون أنهم سيفلتون من العقاب"، مشددا على أن "من واجبنا أن نتأكد من عدم قيامهم بذلك".