لطالما حلمت أميمة محمد بأن تصبح طبيبة، مستمدةً طموحها من قصة والدتها، التي كانت واحدة من مئات آلاف الفلسطينيين الذين هجّرتهم "إسرائيل" إلى الأردن خلال حرب عام 1967.
ورغم إصابة والدتها بشلل الأطفال في طفولتها، فإنها استطاعت تربية خمسة أطفال، كما أنها حصلت على شهادة الدراسات العليا في
الولايات المتحدة، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "
الغارديان" البريطانية.
وتؤكد أميمة أن معاناة والدتها الصحية كانت نتيجة الظروف القاسية التي واجهها اللاجئون الفلسطينيون، حيث تعتقد أن النزوح كان عاملاً رئيسيًا في إصابتها بالمرض بسبب الأوضاع الصحية المتردية التي عايشتها المجتمعات اللاجئة.
اظهار أخبار متعلقة
مع إصرارها على تحقيق حلمها، قدمت أميمة طلبات التحاق بعدد من كليات الطب، لكنها قوبلت بالرفض في معظمها، باستثناء جامعة إيموري في أتلانتا، حيث التحقت عام 2019 ببرنامج مزدوج للحصول على شهادة الطب ودكتوراه في علم الاجتماع.
في السابع من تشرين الأولأ/ أكتوبر 2023، تابعت أميمة بقلق رد الفعل الإسرائيلي العنيف على غزة، وفي كانون الثاني/ يناير 2024، وجهت رسالة إلكترونية إلى كلية الطب بجامعة إيموري بعنوان "دماء فلسطينية تلطخ أيديكم، جامعة إيموري وكلية الطب"، منتقدةً زملاءها وأساتذتها بسبب "صمتهم عن التطهير العرقي للفلسطينيين".
في نيسان/ أبريل، اندلعت احتجاجات طلابية في جامعة إيموري مطالبةً بسحب الاستثمارات من "إسرائيل"، بينما واجهت الجامعة المظاهرات باستدعاء شرطة أتلانتا التي استخدمت مسدسات الصعق الكهربائي ضد الطلاب، في تصعيد غير مسبوق، وبرزت أميمة كمنظمة رئيسية في هذه الاحتجاجات.
في اليوم التالي، تحدثت أميمة عبر برنامج "الديمقراطية الآن!" عن أجواء الاحتجاجات وانتقدت إحدى أستاذات كلية الطب التي عادت مؤخرًا من الخدمة التطوعية كمسعفة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
وأثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا، وأدت إلى شكاوى ضدها بزعم انتهاكها لمعايير "السلوك المهني".
في تموز/ يوليو، خلُص تحقيق داخلي إلى أن أميمة انتهكت مدونة السلوك الخاصة بالجامعة، وهو ما أثار انتقادات لجنة حرية التعبير في إيموري، التي اعتبرت أن معاقبتها انتهاك لحقوقها في حرية التعبير.
ومع ذلك، فقد قررت إدارة الجامعة إيقافها عن الدراسة لمدة عام، وإخضاعها لفترة اختبار بعد عودتها.
ورأت لجنة حرية التعبير أن الجامعة انتهكت حقوق أميمة بفتح تحقيق ضدها، فيما انتقد أساتذة قانون في الجامعة القرار، معتبرين أنه يهدد حرية التعبير، ومع ذلك، فشلت جهود أميمة في استئناف القرار، ما دفعها إلى إعلان قضيتها عبر وسائل الإعلام.
ويتبقى لأميمة عام على الأقل في دراسة الدكتوراه في علم الاجتماع، وبعدها كانت تخطط للعودة إلى برنامج الطب. بدلاً من ذلك، سيُطبّق إيقافها عن الدراسة حينها، ما سيؤجل دراستها للطب عامًا آخر.
اظهار أخبار متعلقة
أثارت قضية أميمة نقاشًا أوسع حول وجود الإسرائيليين في
الجامعات الأمريكية بعد خدمتهم العسكرية. وواجهت أكاديميات أخريات، مثل الدكتورة روبا ماريا والأستاذة كاثرين فرانك، انتقادات مماثلة بسبب تعليقاتهن حول هذا الموضوع.
رغم التحديات، لم تتراجع أميمة عن مواقفها، وشاركت في مبادرات أكاديمية لرفع الوعي حول ما يحدث في غزة، مؤكدةً أنها ستواصل نضالها لتحقيق العدالة الصحية. وأكدت في تصريحاتها: "لا توجد مسيرة مهنية تستحق أن أتنازل عن قناعاتي لأجلها".