أكدت
منظمة العفو الدولية "أمنستي"، أن "قرار ألمانيا إنهاء تعليقها لشحنات الأسلحة إلى
إسرائيل قرار متهوّر وغير مشروع، ويبعث برسالة خاطئة تمامًا، مفادها أن إسرائيل تستطيع مواصلة ارتكاب
الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وفرض نظام الأبارتهايد على الفلسطينيين، واحتلال الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، بصورة غير مشروعة ومن دون أي خشية من التبعات".
وقالت إريكا غيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية، تعليقًا على قرار الحكومة الألمانية إنهاء تعليق إصدار بعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل" لاستخدامها في قطاع غزة المحتل: إن "ألمانيا هي أحد الموردين الرئيسيين للأسلحة إلى إسرائيل، وقد شكّل قرارها القاضي بالتعليق الجزئي لنقل الأسلحة، والذي جاء متأخرًا للغاية، واحدًا من أشكال الضغط القليلة المُجدية التي مارسها المجتمع الدولي ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة".
وأضافت روساس: "الآن ليس الوقت المناسب على الإطلاق لتخفيف هذا الضغط. بل على العكس تمامًا، فالآن هو الوقت الذي يجب فيه ضمان وقف إسرائيل لانتهاكاتها للقانون الدولي، بما ذلك
الاحتلال غير المشروع الذي تمارسه، كما أشارت محكمة العدل الدولية في تموز/يوليو 2024 وأقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة. وللأسف، تسلك ألمانيا، باتخاذها هذه الخطوة، مسارًا بالغ الخطورة يجب التراجع عنه فورًا، ويجب ألّا تحذو أي من الدول الأخرى حذوها".
وأكدت كبيرة مديري البحوث في المنظمة إريكا غيفارا روساس، أنه في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بمهاجمة الفلسطينيين في قطاع غزة وتقييد المساعدات الإنسانية والإمدادات والخدمات الأساسية، بينما لا يزال معظم السكان نازحين وبلا مأوى ملائم، فإن استشهاد ألمانيا بـ"وقف إطلاق النار" و"استقرار الأوضاع” في قطاع غزة لتبرير قرارها استئناف تصدير الأسلحة يُعد أمرًا مضللاً تمامًا.
وتطالب منظمة العفو الدولية منذ وقتٍ طويل بفرض حظرٍ شامل على توريد الأسلحة لـ"إسرائيل"، مشددة على الدول أن تفي بالتزاماتها القانونية المتمثّلة في ضمان احترام القانون الدولي الإنساني؛ وعلى ألمانيا وغيرها من الأطراف الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة، كما يقع على عاتق جميع الدول واجب منع ارتكاب الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والامتناع عن الإسهام فيها، والتحرك لوقفها، وأكدت المنظمة أن الحكومات التي تواصل توريد الأسلحة إلى "إسرائيل" تُخلّ بالتزاماتها القانونية الدولية.
في 8 آب/ أغسطس 2025، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، فرض حظر جزئي على توريد الأسلحة، يقضي بتعليق إصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال لاستخدامها في قطاع غزة، حتى إشعارٍ آخر، وجاء هذا الإعلان عقب قرار المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي بالموافقة على خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للـ"سيطرة" على مدينة غزة، حيث يحاول حاليًا نحو مليون فلسطيني البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف غير إنسانية.
وفي 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، أنهت ألمانيا التعليق الجزئي لنقل الأسلحة، معلنةً أنها “ستعود إلى دراسة كل حالة تصدير أسلحة على حدة” وذلك فيما يتعلق بالأسلحة الموردة إلى دولة الاحتلال لاستخدامها في قطاع غزة المحتل، وقال الناطق باسم الحكومة سيباستيان هيل للصحفيين "سيتم رفع.. القيود على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل"، مضيفا أن القرار "سيدخل حيّز التنفيذ في 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2025".
وأفاد بأنه سيتم التعامل الآن مع صادرات الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي على أنها "قرارات فردية تستند إلى تقييمات حالات فردية"، كما هو الخال مع الصادرات إلى بلدان أخرى، وبرر المستشار فريدريش ميرتس القرار الأصلي بفرض قيود على الصادرات في آب/اغسطس على أنه رد فعل على الخطط التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية حينذاك لتصعيد عمليتها العسكرية في مدينة غزة.
وقال هيل الاثنين "لطالما أعلنا أننا سنعيد النظر في هذه الممارسة في ضوء التطورات الميدانية"، وتابع "منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر، كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، استقر بشكل أساسي أيضا"، مشيرا إلى أن ذلك "يشكّل الأساس لهذا القرار" برفع القيود، وأفاد "نتوقع من الجميع الامتثال إلى الاتفاقيات التي تم التوصل إليها" بما في ذلك "المحافظة على وقف إطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق"، من جانبه، رحب وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر بتحرّك المستشار ميرتس لإلغاء القرار المتعلّق بـ"الحظر" الجزئي". ودعا "حكومات أخرى لتبني قرارات مشابهة".
وأظهر استطلاع نشر في أيلول/سبتمبر بأن 62 في المئة من الألمان عبّروا عن اعتقادهم بأن تحرّكات إسرائيل في غزة تشكّل إبادة جماعية، وتواجه صادرات السلاح الألمانية جانبًا آخر من الرقابة، يتمثل في المسار القضائي الدولي؛ حيث تنظر محكمة العدل الدولية في لاهاي شكوى تقدمت بها نيكاراغوا تتهم برلين بالتورط غير المباشر في ما تعتبره "إبادة جماعية" تنفذها إسرائيل في قطاع غزة من خلال استمرار تزويدها بالسلاح.
وعلى الصعيد الداخلي، كانت المحكمة الإدارية في برلين قد رفضت الأسبوع الماضي دعاوى أقامها عدد من الفلسطينيين ضد تراخيص تصدير السلاح، معتبرة أن قرارات الحظر المُعلنة آنذاك تمنع النظر في مطالبهم. غير أن التطورات الأخيرة منحت هذه الدعاوى أرضية جديدة لإعادة تقييمها قانونيًا، وتعدّ ألمانيا ثاني أكبر مورّد للأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة الأمريكية. ووفقًا للحكومة الألمانية، فقد أُصدرت في الفترة ما بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و12 أيار/مايو 2025 تراخيص تصدير بقيمة تتجاوز 485 مليون يورو، شملت أسلحة مضادة للدبابات، وصناديق التروس لدبابات “ميركافا” المستخدمة في قطاع غزة.