سياسة عربية

مليشيا مدعومة إماراتيا تتسبب بتوتر في حضرموت.. و"الجنوبي" يطالب بإطار تفاوضي جديد

غضب قبلي بسبب ممارسات المليشيات المسلحة- جيتي
يعود التوتر إلى محافظة حضرموت، شرقي اليمن، بين القبائل وقوة عسكرية مدعومة من دولة الإمارات، بعد أيام من حملة اعتقالات ‏وإصابة مدنيين شمال شرقي مدينة المكلا عاصمة المحافظة، برصاص هذه القوة‎.‎

وقال حلف قبائل حضرموت أكبر تكتل قبلي في المحافظة، في بيان له، السبت، إنه تابع الأحداث الناتجة عن التحركات الأخيرة التي ‏قام بها "الدعم الأمني" (وهو تشكيل مليشياوي تشكل مؤخرا بدعم من أبوظبي) يوم الأربعاء الماضي والمتمثلة بخروج أرتال مسلّحة ‏بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وإطلاق النار على المواطنين المارّين في الطرقات، وأرهبتهم بطرق وحشية دون ‏أي مبرر، دون حدوث أي اشتباك مع الرتل ما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين إصابة بالغة‎.‎

وأضاف البيان أن الرتل المكون من عشرات الأطقم والعربات وعلى متنها مجاميع معظم أفرادها من خارج محافظة حضرموت، ‏وليس لهم أي صفة شرعية أو دستورية، قام أيضا،  بالاعتداء على المصابين بالضرب المبرح بطريقة مهينة باستخدام الأحذية ‏وأعقاب البنادق. كما قام الرتل التابع لقوات "الدعم الأمني" المشكل حديثا، وفق البيان بـ"اعتقال مجموعة من المارّة الذين كانوا عابري ‏سبيل، والزج بهم في السجون، ولا يزال بعضهم في عَدَاد المفقودين"، من بينهم أطفال، في مديرية غيل بن يمين، شمال شرقي مدينة ‏المكلا، عاصمة حضرموت‎.‎

وأكد حلف قبائل حضرموت الذي يترأسه، الزعيم القبلي، عمرو بن حبريش العليي، على أن هذه الأحداث ليست الأولى التي ينتهجها ‏‏"الدعم الأمني"، فقد تكررت مرارًا وتكرارًا وبصور مشابهة في أماكن أخرى، مشيرا إلى أن تلك المجاميع تتخذ ذرائع واهية ‏ومعلومات كاذبة ومغلوطة لتبرير تحركاتها والتغطية على جرائمها ومغالطة الرأي العام بحجج لا وجود لها في الواقع‎.‎

وحذر التكتل القبلي اليمني ما يسمى "الدعم الأمني" من العبث بأمن محافظة حضرموت واستقرارها، مشدد على "رفض تواجد هذا ‏الفصيل رفضا قاطعا في المحافظة‎".‎

كما حذر الجهات الداعمة لهذه المجاميع، من تبعات ما ستؤول إليه الأحداث في حضرموت، محملا تلك الجهات التي لم يسمها، كامل ‏المسؤولية عن ذلك، وعن التستر على هذه المجاميع تحت أي مسمى كان‎.‎

والأربعاء الماضي، قامت قوات ما يسمى "الدعم الأمني" المشكلة حديثا بتمويل إماراتي، بتسيير رتل عسكري نحو مديرية غيل بن ‏يمين شرق مدينة المكلا، التي تقطنها قبائل رافضة للوجود العسكري الإماراتي والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم ‏من أبوظبي، قبل أن يقوم بحملة اعتقال طالت سكان محليين في تلك المنطقة التي شهدت في سبتمبر/أيلول الماضي أولى جولات من ‏الصدام بين مقاتلين قبليين وهذه القوة، وفق مصدر محلي تحدث لـ"عربي21‏‎".‎

و"الدعم الأمني" هو تشكيل عسكري جديد تابع للمجلس الانتقالي الجنوبي تم الإعلان عنه في الأشهر الماضية في مدن ساحل ‏حضرموت، بإشراف ودعم من أبوظبي، ويتألف من عناصر تنتمى لمحافظتي الضالع ولحج، جنوبي البلاد، في سياق المساعي ‏لتعزيز النفوذ الإماراتي أمام حركة المعارضة الواسعة لها في المحافظة الغنية بالنفط‎.‎

ويبلغ قوام هذا التشكيل وفق ما صرح به القيادي في حلف قبائل حضرموت، صبري بن مخاشن لـ"عربي21" في أغسطس الماضي، ‏نحو " 20 ألف عنصرا" ينتشرون في مناطق الضبة حيث ميناء الضبة النفطي في مدينة الشحر وفي ربوة خلف ومطار الريان بمدينة ‏المكلا ( عاصمة المحافظة) وفي معسكر جثمة في منطقة هضبة حضرموت‎.‎


وفي أيلول/سبتمبر الماضي، اندلعت اشتباكات مسلحة  بين مقاتلين قبليين وقوة تابعة لهذه التشكيل، بعدما تحركت تجاه مديرية غيل ‏بن يمين بهدف إحكام السيطرة مناطق استراتيجية هناك من بينها منطقة العكدة، شرق المديرية، إحدى مناطق النفوذ القبلي لحلف ‏قبائل حضرموت المناوئ للدولة الخليجية‎.‎

وتتحكم دولة الإمارات بمواقع حيوية في المحافظة الساحلية على بحر العرب مثل "مطار الريان" و" ميناءي المكلا التجاري والضبة ‏النفطي"، فضلا عن نفوذها العسكري الواسع ضمن قوات "النخبة الحضرمية" المشكلة عام 2016، وقوات شكلتها حديثا باسم "الدعم ‏الأمني" لمواجهة النفوذ والاحتقان المتزايد جراء سياساتها وأجنداتها في هذه المنطقة الاستراتيجية.‏

وفي سياق آخر أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، السبت، رفضه لما ورد في بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن ‏مرجعيات أي تسوية سياسية في البلاد، مطالبا بإطار تفاوضي جديد بدلاً عنها‎.‎

وقال رئيس الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله، ورئيس وحدة شؤون المفاوضات ناصر ‏الخبجي، عبر منصة إكس،  إن تحقيق السلام العادل والمستدام يبدأ من معالجة جذور الأزمة في اليمن، وفي مقدمتها قضية شعب ‏الجنوب التي تمثل مفتاح أي انتقال سياسي ناجح‎.‎

وأضاف الخبجي أن دعوة مجلس الأمن إلى وقف الحرب وتهيئة الظروف للعملية السياسية خطوة إيجابية، إلا أن الانتقال السياسي لا ‏يمكن اختزاله في مبادرة الخليج أو مخرجات حوار 2013، فهذه المرجعيات لا تعطي أفقاً لحل قضية شعب الجنوب، وباتت سابقة ‏لحقائق الواقع الجديد، ولم تتناول التحولات العميقة التي فرضتها سنوات الحرب، خصوصاً في الجنوب وتطلعات شعبه‎.‎

القيادي في المجلس الانتقالي، أوضح أيضا، أن تجاهل مجلس الأمن القرار 2216 في بيانه الأخير يؤكد أن المرجعيات القديمة لم تعد ‏صالحة للحل، وأن السياق السياسي تغيّر جذرياً، وما هو مطلوب اليوم هو إطار تفاوضي جديد يعكس حقائق الأرض، وفي مقدمتها ‏تطلعات شعب الجنوب‎.‎

وأكد  الخبجي على أن أي عملية سياسية مقبلة يجب أن تكون شاملة، وأن تُبنى على إطار حديث يضمن تمثيل الجنوب طرفاً رئيسياً، ‏ويمكّن شعبه من ممارسة حقه في تقرير مستقبله السياسي بإرادته الحرة‎".‎

وتابع بأن "السلام الحقيقي لا يمكن أن يُبنى على إنكار الحقائق أو تجاوز إرادة الشعوب، بل على مسار سياسي واقعي يعالج قضية ‏الجنوب معالجة عادلة، ويؤسس لعلاقة سلام مستقرة بين الجنوب والشمال‎".‎

وجدد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي تأكيد المجلس انفتاحه على أي عملية سياسية مسؤولة تضمن حق شعب الجنوب في تقرير ‏مستقبله السياسي، واستعادة دولته، وتُفضي إلى سلام عادل ومستدام للجميع‎".‎

والجمعة، أكد مجلس الأمن الدولي في بيان له، على "عدم وجود حل عسكري للصراع في اليمن"، داعيا "لاستكمال الانتقال السياسي ‏وفق مبادرة الخليج ومخرجات الحوار الوطني‎".‎

كما أقر "تمديد تدابير العقوبات المالية وحظر السفر لعام إضافي، حتى 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2026، وكذلك ولاية فريق الخبراء ‏الداعم للجنة عقوبات حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2026‏‎".‎

ويطالب المجلس الانتقالي الذي تشكل أوساط عام 2017 بدعم من دولة الإمارات، بانفصال جنوب اليمن عن شماله، والرجوع إلى ما ‏قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1990، إلا أن مشروعه يواجه تحديات عدة، من بينها تلاشي حالة التأييد ‏الشعبية في المناطق الجنوبية والشرقية التي ينشط فيها، على وقع حملات القمع والتضييق على منافسيه و انسياقه وراء تنفيذ ‏الأجندات الإقليمية لبعض الدول.‏