قال الخبير في الشؤون
الأمنية لدى
الاحتلال، يوسي ميلمان، إن فشل سلاح جو الاحتلال، في تدمير الساعة
الرقمية الضخمة في ميدان فلسطين وسط طهران، خلال
الحرب الأخيرة، يعكس عجز الاحتلال
عن "إيقاف عقارب الزمن
الإيراني"، رغم ما لهذا الهدف من رمزية نفسية
عميقة في إطار المعركة على الوعي.
وأوضح ميلمان في مقال
له بصحيفة هآرتس أن "الساعة الإيرانية" التي نصبت عام 2017، وتعد عكسيا
للعام 2040 الذي حدده المرشد الأعلى علي خامنئي موعدا مفترضا لـ"زوال
إسرائيل"، تعد أداة دعاية بارزة للنظام الإيراني وتجسد التزامه بما يعرف
بمحور المقاومة، بما يشمل حماس وحزب الله والحوثيين.
وأشار إلى أن وزير
الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أصر على تدمير هذه الساعة كجزء من الحرب النفسية،
وأمر بشن غارة جديدة على الموقع في اليوم الأخير للقتال، لكن المهمة ألغيت إثر إعلان
وقف إطلاق النار من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب ميلمان، فإن
الرسالة التي كان يراد إيصالها من خلال تدمير الساعة، هي "وقف الزمن الذي
يرمز إلى العد التنازلي نحو تدمير إسرائيل"، وهي فكرة استعان بها الفن والأدب
سابقا، مستشهدا بأعمال مثل رواية "العميل السري" لجوزيف كونراد ومحاولة
توقيف ساعة بيغ بن في أحد مشاهد فيلم "39 درجة" لهيتشكوك.
ورغم اعترافه بأن فشل
الغارة لا يحمل وزنا عملياتيا، رأى ميلمان أن له دلالة رمزية مرتبطة بكيفية
استخدام الاحتلال لما تبقى له من وقت قبل استحقاقات إقليمية حاسمة، معتبرا أن "إسرائيل
فشلت في استغلال إنجازات الحرب، رغم محدوديتها، لترتيب بيئة إقليمية أكثر أمانا".
وأكد ميلمان أن "إسرائيل
تواجه حاليا ست جبهات مفتوحة منذ السابع من أكتوبر: غزة، الضفة الغربية، لبنان،
سوريا، اليمن، وإيران. ورأى أنه من الممكن الوصول إلى تفاهمات أو حتى اتفاقات سلام
مع معظم هذه الجبهات، شرط اتخاذ قرارات شجاعة"، مشددا على أن "حل القضية
الفلسطينية جزئيا أو تدريجيا، هو مفتاح لفتح أبواب تفاهمات أوسع مع العالمين
العربي والإسلامي، بل وحتى مع إيران".
وحذر الخبير من الجمود
العقائدي في القيادة الإسرائيلية، الذي يتمسك بمفاهيم عسكرية بالية كـ"القطاع
الأمني" وعدة كيلومترات كضمانة أمنية، رغم أن المؤسسة الأمنية باتت تدرك أن
السيطرة على الأرض لا تعني بالضرورة تحقيق الأمن.
وانتقد ميلمان موقف
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، معتبرا أن الكثيرين يرونه انتهازيا يتهرب من
التسويات السياسية لأسباب انتخابية، لكنه من وجهة نظره "في جوهره شخص عقائدي
متشدد يستلهم رؤيته من أفكار والده بن تسيون نتنياهو، الذي لم يكن يؤمن بالسلام مع
الجيران".
وأضاف أن نتنياهو يحمل
رؤية "مسيحانية متشائمة" تتبنى فكرة أن "إسرائيل محكومة بالعيش في
حالة حرب دائمة"، وهي عقيدة "تتماهى مع مصالحه السياسية وتمنع البلاد من
استثمار الفرص المتاحة لصياغة شرق أوسط جديد".
وختم ميلمان بالقول إن
"العقارب لم تتوقف في طهران، لكن يمكن لإسرائيل أن توقف الزمن السياسي الخاص
بها، لو قررت القيادة الإسرائيلية تجاوز الحسابات الأيديولوجية والانتخابية، لصالح
قرارات مصيرية تضمن الأمن بعيد المدى".