أثارت معلومات تم تداولها بخصوص إمكانية تحول
ليبيا إلى ممر بديل، لقيام
إيران بإرسال الأسلحة إلى
حزب الله، في لبنان، بعدما تم تدمير ممر "سوريا_العراق" البري، عدّة تساؤلات عن مدى حقيقة الأمر أو دقة المعلومات المتداولة أساسا.
وبحسب تقرير تحليلي لمركز "ألما" العبري فإنّ: "هناك دورا محتملا لدولة ليبيا كجزء من مسار جديد للدعم الإيراني لحزب الله اللبناني، بعد انهيار الممر البري عبر العراق وسوريا"، مؤكدا "استغلال إيران للأوضاع غير المستقرة في دول مثل السودان وليبيا، لتعزيز قدراتها اللوجستية في دعم حزب الله"، وفق مزاعمه.
"وضع مثالي ودور لحفتر"
أشار تقرير مركز "ألما" الذي يتخذ من "الجليل" مقرا له، إلى أنّ: "الحدود المشتركة بين السودان وليبيا غير خاضعة للرقابة بشكل كبير، ما يجعل ليبيا منطقة جذابة لإيران لـ"تهريب الأسلحة" والموارد المالية، وكذلك تميّز الوضع الليبي بالانقسام السياسي وعدم الاستقرار الأمني، ما يوفر بيئة مثالية للإيرانيين لتنفيذ عملياتهم دون مواجهة مقاومة كبيرة".
وذكرت صفحة "Israel-Alma" على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" أنّ: "الجنرال الليبي خليفة حفتر قد يكون له دور في الأمر كون قواته تسيطر على شرق وجنوب ليبيا، وهي المناطق التي قد تُستخدم كممرات جديدة لطهران بخصوص إرسال إمدادات لحزب الله في لبنان"، بحسب تقديراته.
"تحليل غير دقيق"
مراقبون ليبيون تحدثوا لـ"عربي21" أكدوا أنّ: "المعلومات الواردة في التقرير، والتي نقلتها منصة ليبية محلية غير دقيقة، ولا توجد أي علاقات بين ليبيا وإيران تسمح للأخيرة بالإقدام على هذه الخطوة".
ومن جانب آخر، أبرز المراقبون أنّ: "الخلافات بين أمريكا وإيران الآن تجعل أي مسؤول عربي يسارع بالابتعاد عن طهران أو عقد أي صفقات معها خوفا من الغضب الأمريكي الذي يمكن أن يتعرض له".
وفي محاولة لتتبع المسار المزعوم، وفقا للتقرير، رأينا أن الحل هو الجنوب الليبي، عبر بعض الممرات البرية الصحراوية الخاضعة لسيطرة قوات حفتر عبر حدود السودان، في مناطق خاضعة لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي" وكذلك بعض الممرات القليلة في الشرق الليبي.
جرّاء ذلك، باتت المعضلة الأكبر تكمن في كيفية إيصالها إلى لبنان برا كونها لا ترتبط بأي حدود مع ليبيا، لكن هنا يمكن التحايل على الأمر عبر البحر إلى تركيا ثم إلى لبنان، وهذا يحتاج موافقات وتنسيقا عاليا جدا يجعل المقترح غير قابل للتطبيق. ما أثار السؤال: هل تتحول ليبيا فعلا إلى مسار جديد لإرسال أسلحة إيرانية إلى حزب الله في لبنان؟ وما المسار المتبع لذلك؟
"افتراء إسرائيلي"
رأى المحلل السياسي الليبي وخبير العلاقات الدولية، أسامة كعبار، أنّ: "التقرير الإسرائيلي بخصوص هذا المسار الإيراني "المزعوم" يصنف ضمن الأخبار الكاذبة، والتي لها هدف ومراد آخر، وهذا ذكرنا بما سوقته الحكومة الإسرائيلية بقطع المقاومة لرؤوس الأطفال أثناء عملية 7 أكتوبر، والتي ثبت زيفها".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أنّ: "هذه الفرية من قبل مركز بحثي إسرائيلي المستهدف منها تحديداً الجيش السوداني، خاصة بعد الانتصارات التي حققها في دحر قوات مرتزقة "حميدتي" في الخرطوم وقرب هزيمتها في إقليم دارفور، يأتي هذا التقرير ليشكل نقطة لتسليط الضوء على الحدود الليبية-السودانية" حسب تقديره.
وأضاف: "الهدف تأليب الإدارة الأمريكية حتى يمكن لتدخل أمريكي-إسرائيلي وتنفيذ ضربات جوية على أهداف مزعومة تحت مظلة قوافل تهريب إيرانية، ولم يقدم التقرير الإسرائيلي أية أدلة على مزاعمه، وبمتابعتي لأحداث المنطقة بشكل دقيق جداً منذ عملية طوفان الأقصى، لم أر أية شبهة لتحركات إيرانية في هذا الحزام "السوداني-الليبي"".
أمر وارد بدعم تركي"
في حين قال الباحث التونسي في العلاقات الدولية وشؤون ليبيا، بشير الجويني، إنّ: "العلاقات بين إيران وليبيا شهدت تغيرات ملحوظة، خاصةً بعد 2011، وبعد سقوط نظام القذافي، لاحظنا أن إيران لم يكن لها دور بارز في المشهد الليبي، إذا ما قارناها بدول أخرى من نفس المحور مثل، تركيا، وروسيا".
وأشار الجويني، في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنه: "في السنوات الأخيرة لاحظنا أن هناك تحسنا تدريجيا في العلاقات بين البلدين، حيث قدم السفير الليبي الجديد أوراق اعتماده متزامنةً مع دعوات لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، كما رأينا في محطات سابقة دعم إيران لحكومة الوفاق الوطني الليبية في بعض المواقف، خاصةً في العلاقة بتركيا"، وفقا لكلامه.
وتابع: "هناك تحسن نسبي في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات الطاقة، والبيئة، وبعض الأطراف تتحدّث عن وجود دعم غير مباشر لبعض الفاعلين في ليبيا، بل هناك تقارير تحدثت عن وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى ليبيا".
وختم الباحث التونسي في العلاقات الدولية وشؤون ليبيا، بالقول: "رغم أنه لم يتم تأكيد هذه المسألة بشكل مباشر، إلا أن جزءا كبيرا من هذا المجال متعلق بلاعب آخر أساسي وهو تركيا، ما يجعل التعاون واردا".