افتقدت غالبية العائلات السورية في أشهر رمضان الماضية فرصة
"لم الشمل" الأسري، بسبب الظروف التي كانت سائدة في البلاد، ليأتي شهر رمضان
هذا مختلفاً، بعد سقوط النظام البائد.
اجتمعت الستينية نجاح العلي بابنتها التي جاءت من تركيا في
بيتها بمدينة حلب، بعد غياب سنوات، تقول لـ"عربي21": "كان الاجتماع
بها حلماً، لكن بعد سقوط النظام تحول الحلم إلى حقيقة".
تضيف: "متعة هذا الشهر مختلفة، والراحة النفسية فيه
فريدة"، تكمل: "الدنيا لا تسعنا من الفرح في رمضان الذي يحل علينا للمرة
الأولى بدون خوف من أجهزة أمن نظام
الأسد، ولا قصف ولا موت".
"رغم الغلاء وارتفاع الأسعار، جهزت بعض الأطباق الرمضانية"
تقول نجاح، وتردف: "الله يجمع شمل كل السوريين، حاجتنا (كفانا) فراق".
وفي حلب، ينتظر الحاج محمد أن يجتمع بابنه اللاجئ في الدنمارك،
يقول لـ"عربي21": "لم يستطع حجز بطاقة طائرة بسبب الازدحام على الرحلات
إلى
سوريا والدول المجاورة".
يضيف: "وعدني أن يقضي معي آخر أيام رمضان والعيد، فرحتي
لا توصف، لم أره منذ 9 سنوات، لقد حرمتنا الحرب من التآلف، ومن بهجة رمضان وأمسياته
والسحور".
إلى مدينة دوما بريف دمشق، ذهب محمد الحمصي ليقضي شهر رمضان
مع عائلته، بعد أن أجبر على الخروج من المدينة مهجراً إلى ريف حلب الشمالي في العام
2018، ضمن اتفاقات التهجير التي نفذها النظام السوري السابق على سكان المناطق الخارجة
عن سيطرته.
يقول لـ"عربي21": "التقيت والدتي بعد سقوط
النظام في كانون الأول/ ديسمبر، وعدت بعد أيام إلى العمل هنا، لكن لا بد من زيارة الأهل
في رمضان، بعد أن حُرمنا من أجواء العائلة في أشهر رمضان الماضية".
"لم أشعر في هذا الشهر الفضيل بالحسرة على فراق عائلتي،
لكن ما نغص فرحتي دمار منزلي في دوما"، يضيف وهو يضحك: "المهم سقط
النظام، وكل شي تهدم بتعمر".
ويقول الباحث في الشأن السوري، أحمد السعيد، إن العائلات
السورية دفعت ضريبة كبيرة بسبب الهجرة والنزوح واللجوء والحرب، حيث تعرضت بنية الأسر
إلى التفكك الجغرافي، علماً أن الشعب السوري مشهور بقوة الروابط المجتمعية والأسرية.
ويضيف لـ"عربي21" أن غالبية العائلات السورية تعاني
من التشتت، بحيث بات من الصعب على جميع أفراد الأسرة الواحدة الاجتماع تحت سقف واحد،
لكن بزوال النظام انتفت أسباب كل ذلك، معتبراً أن "رمضان الحالي فرصة لتعويض الانقطاع
الأسري".
وفي منتصف شباط/ فبراير الماضي، قالت المفوضية السامية لشؤون
اللاجئين إن ما يقرب من 500 ألف نازح سوري عادوا إلى ديارهم هذا العام، ومعظم هؤلاء
عادوا إلى مناطق في حلب وحماة وحمص ودمشق بهدف الاطمئنان على ممتلكاتهم ومن تبقى من
عوائلهم هناك.
وقال المتحدث باسم المفوضية، أندريه ماهيسيتش، إن "معظم
هؤلاء الناس يعودون لمعرفة أحوال بيوتهم والاطمئنان على عوائلهم. وهذا ما نعرفه من
بعض الأدلة التي جمعناها"، وأضاف: "لكن عدد أولئك الذين عادوا ما زال مجرد
"كسور" من عديد اللاجئين السوريين في المنطقة المقدر بخمسة ملايين لاجئ".
وتقدر المفوضية أنه منذ بدء الصراع في عام 2011 فر 5.5 مليون
شخص إلى خارج البلد، ونزح 6.3 مليون شخص بعيدا عن بيوتهم داخل البلاد.