توالت ردود
المعارضين السعوديين في الخارج، على دعوة ولي العهد الأمير
محمد بن سلمان لهم بالعودة إلى المملكة، وذلك من خلال رسالة نقلها إلى الإعلام رئيس جهاز أمن الدولة عبد العزيز
الهويريني.
ونقل رئيس جهاز أمن الدولة عبدالعزيز الهويريني، رسالة ابن سلمان عبر قناة "إم بي سي"، قائلا إن هذه الرسالة هي توجيه حرفي من ولي العهد.
وأضاف أن "المملكة ترحب بعودة من يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج، بشرط ألا يكون عليهم حق خاص كجرائم القتل أو السرقة أو الاعتداء".
وأشار إلى أن "من كان مجرد مغرر به أو مستغل من جهات مغرضة، فإن الدولة لن تعاقبه إذا قرر العودة، وذلك بتوجيه من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
"لم نخرج لقضايا شخصية"
قال عدد من كبار المعارضين في الخارج أبرزهم سعد الفقيه، والداعية سعيد بن ناصر الغامدي، إن سبب خروجهم بالأساس من
السعودية لا يتعلق بقضايا شخصية.
وأشاروا إلى أن انعدام مستوى الحريات، و"الحرب على القيم الإسلامية" والفساد وغيرها من القضايا، هي التي دفعتهم إلى الخروج، وبالتالي فلا يوجد ما يدفعهم إلى العودة ما لم تحل تلك القضايا.
ولفتوا في عدة تغريدات وفيديوهات نشروها، إلى أنه ما لم يكن هناك مشروع إصلاح حقيقي عبر إطلاق سراح كافة
المعتقلين السياسيين، ورفع الحظر عن الحريات العامة والندوات السياسية وإنشاء الجمعيات وغيرها، فلن تكون لدعوة ابن سلمان أي قيمة.
وقال الفقيه إن دعوة ابن سلمان قد تفيد بعض الأشخاص الذين وجدوا أنهم غير قادرين على تحمل مشاق الحياة في الغربة، لكن الأغلبية لن يكترث بها.
اعتراف بعد "مكابرة"
وقال ناشطون آخرون بينهم ناصر القرني نجل الداعية المعتقل عوض القرني، إن ما يُفهم من هذه الدعوة، هو أن الحكومة السعودية باتت تعترف بحجم المعارضة في الخارج.
وأشار إلى أنه بعد سنوات من التغافل والتسخيف من حجم المعارضة في الخارج وتأثيرها، بدأت الدعوات للناشطين أولا عبر شخصيات عامة مثل الفنان السابق فايز المالكي، ثم عبر حسابات في "إكس"، قبل أن تصل إلى أعلى الهرم عن طريق ابن سلمان والهويريني.
وخلال السنوات الماضية تضاعفت أعداد المعارضين السعوديين في الخارج، وكان لافتا أن عددا منهم من منتسبي القطاعات العسكرية، وأبرزهم العقيد رابح العنزي.
وقال العنزي إن "سجن أشخاص لمدة 30 أو 40 سنة لمجرد نشرهم تغريدات عبر تويتر، ثم دعوة المعارضين في الخارج إلى العودة، هو أمر غبي وسخيف".
ولفت إلى أن العرض الجدي والحقيقي يجب أن يسبقه سن قوانين وتشريعات تسمح بحرية التعبير، وانتقاد المسؤولين والقرارات.
الدعوة لهؤلاء
وخلال الشهور الماضية، عاد عدد من المعارضين السعوديين غير المعروفين إلى المملكة، فيما يرفض آخرون ذلك لعدم ثقتهم بوعود السلطات السعودية.
وفي تعليقه على دعوة ابن سلمان، قال المعارض المقيم في كندا عمر الزهراني، إنه وغيره من المعارضين البارزين لن يعودوا، منوها إلى أن الدعوة هذه موجهة بالأساس إلى معارضين جدد، أو أشخاص يقيمون في الخارج ويخشون المساءلة في حال عودتهم إلى المملكة.
وقال الزهراني إنه بواقع تجربة شخصية مع ولي العهد، فإنه غير مقتنع بهذه الدعوة، مشيرا إلى أن أشقاءه وأصدقاءه معتقلون منذ العام 2018، كوسيلة ابتزاز لإجباره على العودة.
ولفت إلى أن هذه الدعوة تأتي ربما في سياق محاولة السعودية إصلاح الوضع الحقوقي، لجذب الاستثمارات الخارجية.
مبادرة حقيقية
في حين قال الأكاديمي المقيم في الولايات المتحدة سلطان العامر، إن مبادرة ابن سلمان على لسان الهويريني تبدو مصداقيتها عالية، مضيفا أنها "فرصة لمن صعبت عليه حياة المهجر والمنفى، ومستعد للتنازل عن العمل السياسي والبدء بحياة جديدة".
وأضاف العامر الذي ينتقد سياسات السعودية لكنه لا يصنف نفسه معارضا للحكومة: "لا شك في أن السياسات الأخيرة في تسوية ملفات المعتقلين والانفتاح على تسوية ملف المعارضة الخارجية هو تقدم إيجابي ومرحب به، لكن تبقى المسألة الجوهرية لم تتغير: أن مستوى الحريات الفكرية والسياسية عندنا ما زال في مستويات متدنية".
الكاتب السعودي نواف القديمي، المقيم في الخارج أيضا، قال إن مبادرة ابن سلمان جيدة، لكنه اعترض على صياغة الهويريني عن المعنيين بالمتواجدين في الخارج بعبارة "تم استغلالهم من مغرضين، أو يدفع لهم، أو مغرر بهم".
وأضاف القديمي الذي يعيش في المهجر لكنه لا ينتقد الحكومة بشكل صريح: "حتى مع وجود هكذا حالات، إلا أن ثمّة من بقوا في الخارج بسبب موقف سياسي مرتبط بمستوى الحريات المُنخفض، والقمع المُحتمل بسبب آراء سياسية".
وخلال الأسابيع الماضية، أفرجت السعودية عن العشرات من المعتقلين بينهم دعاة وناشطون وأكاديميون بارزون.
ر