أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن
استهجانه البالغ إزاء سماح دولة
الإمارات العربية المتحدة بمشاركة شركات أسلحة
إسرائيلية في معرض الدفاع الدولي "آيدكس" ومعرض الدفاع والأمن البحري
"نافدكس 2025"، اللذين تُقام فعالياتهما في العاصمة أبو ظبي حتى 21
شباط/فبراير الجاري، لما يمثّله ذلك من دعم مباشر للآلة الحربية الإسرائيلية،
وتعزيز للصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تُستخدم في ارتكاب أخطر الجرائم
الدولية، وتوفير منصة لترويج وتحقيق الأرباح من أسلحة أثبت استخدامها بالفعل في
عمليات عسكرية، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والأعيان المدنية في قطاع
غزة ولبنان.
وأكد المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، في
بيان صحفي له اليوم، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، أن استضافة هذه
الشركات في وقت ترتكب فيه إسرائيل جرائم موثقة في عموم الأرض الفلسطينية، وبخاصة
قطاع غزة، حيث تنفذ عمليات عسكرية تصل إلى الإبادة الجماعية، وفي لبنان حيث ترتكب
جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا يمكن اعتباره إجراء تجاريًا محايدا، بل هو
تسهيل مباشر ودعم فعلي لمنظومة عسكرية متورطة في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.
ويضم الجناح الإسرائيلي في معرضي الدفاع في
أبو ظبي عدة شركات أسلحة إسرائيلية بارزة، بينها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (AIA)، وشركة RT LTA Systems الإسرائيلية،
وشركة EMTAN لتصنيع
الأسلحة، إضافة إلى شركة "هيڤن درونز" المتخصصة في الأنظمة الجوية غير
المأهولة، وهذه الشركات أدت دورا محوريًا في تزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي
بالأسلحة المستخدمة في الهجمات ضد المدنيين.
وشدد المرصد على أن دولة الإمارات مدركة
تماما لدور هذه الشركات في الجرائم الإسرائيلية، باعتبارها مزودا أساسيًا
لإسرائيل بالأسلحة، بل لطالما افتخرت هذه الشركات علنا باستخدام تقنياتها في
العمليات العسكرية، التي تشمل قصف مناطق مدنية مأهولة بالسكان. كما وثّقت تقارير
دولية، بما في ذلك تقارير الأمم المتحدة، استخدام الأسلحة الإسرائيلية في هجمات
تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وتشكل جرائم دولية مكتملة الأركان، بما فيها
ارتكاب مجازر بحق المدنيين. من ثم، فإن توفير منصة لهذه الشركات في الإمارات
يعزز من قدرتها على التوسع التجاري، ما يؤدي بشكل مباشر إلى دعم واستمرار الجرائم
ضد المدنيين في المنطقة، لا سيما الفلسطينيين واللبنانيين.
وقال الأورومتوسطي؛ إن القوانين الدولية تنص
بوضوح على حظر تصدير واستيراد الأسلحة المستخدمة في انتهاكات جسيمة. فمعاهدة تجارة
الأسلحة لعام 2013 تؤكد ضرورة وقف أي تعاملات تسليحية، عندما يكون هناك خطر واضح أو
مرتفع لاحتمالية استخدام الأسلحة في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي
الإنساني أو حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن الإمارات، بصفتها عضوا في المجتمع
الدولي، لم تكتف بعدم اتخاذ خطوات لوقف هذه التجارة، بل استضافت علنا الشركات
التي تزوّد القوات الإسرائيلية بالأسلحة المستخدمة في عمليات القتل والتدمير في
غزة ولبنان.
ونبه المرصد إلى أن المسؤولية القانونية
للدول عن تسهيل الجرائم الدولية مسألة محسومة في القانون الدولي. فوفقا لمبدأ
المسؤولية الدولية للدول عن الأفعال غير المشروعة، يُعد تمكين الصناعات العسكرية
المتورطة في انتهاكات جسيمة مساهمة في تعزيز القدرة على ارتكاب هذه الجرائم، وهو
ما يحمل الدولة المضيفة مسؤولية قانونية وأخلاقية. وعلى مدار العقود الماضية، سبق
أن حُوكمت جهات حكومية وخاصة دوليًا، بسبب تسهيل تصدير الأسلحة لأطراف ارتكبت جرائم
دولية، ما يثير تساؤلات جدية حول مسؤولية الإمارات في هذا السياق.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن إفساح
المجال أمام شركات إسرائيلية للترويج لأسلحة ثبت استخدامها في انتهاكات جسيمة، في
وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لمحاسبة هذه الشركات، لا يعزز فقط الإفلات من
العقاب، بل يعكس أيضا ازدواجية خطيرة في التعامل مع مبادئ حقوق الإنسان. فمن جهة،
تروج بعض الدول لنفسها على أنها داعمة للقانون الدولي وحماية المدنيين، بينما تسمح
في الوقت ذاته للصناعات العسكرية الإسرائيلية بتوسيع نفوذها والاستفادة اقتصاديا
من الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين واللبنانيين. إن هذا التناقض الصارخ يُضعف
مصداقية التزام الدول بمبادئ حقوق الإنسان، ويكشف تناقضها الواضح في تطبيقها.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن استضافة
دولة الإمارات لشركات الأسلحة الإسرائيلية، التي تسهم بشكل مباشر في ارتكاب
الانتهاكات في غزّة ولبنان، في ظل تصاعد الدعوات العالمية لمقاطعة الشركات المتورطة
في انتهاكات حقوق الإنسان، من خلال معارض الدفاع وغيرها، يعزز من دائرة الإفلات من
العقاب، ويمثل خرقا لالتزامات الدّولة وفقا لمبدأ المسؤوليّة الدوليّة للدّول عن
الأفعال غير المشروعة دوليًا، ويقوّض الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة للضحايا.
ولفت إلى أن هذا الدعم للشركات التي تساهم
في تأجيج الصراعات من خلال بيع الأسلحة التي تُستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة
وجرائم إبادة جماعية، يعدّ خرقا فاضحا لالتزامات الدّولة الإماراتيّة، وفقا
لمبدأ المسؤوليّة الدوليّة، الذي ينص على أن الدّول تتحمل مسؤوليّة قانونيّة في حال
ارتكاب أفعال غير مشروعة دوليًا، مثل انتهاك حقوق الإنسان، أو تسهيل هذه الأفعال
عبر تمكين أطراف أخرى من ارتكابها.
وعليه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق
الإنسان المجتمع الدّولي إلى اتّخاذ خطوات فوريّة لوقف تصدير واستيراد الأسلحة من
الشركات والجهات كافة التي يُثبت استخدامها في انتهاكات جسيمة للقانون الدّولي
الإنساني، وفتح تحقيقات مستقلّة في دور الشركات الإسرائيليّة في الجرائم المرتكبة
بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته
القانونية والأخلاقية بفرض عقوبات على هذه الشّركات، ووقف التّعاون معها، وضمان
امتثال جميع الدول، بما فيها دولة الإمارات، للمعايير الدوليّة في تعاملها مع قطاع
تجارة الأسلحة، مشددا على أن استمرار دعم الصناعات العسكرية الإسرائيليّة رغم
الأدلة المتزايدة على استخدامها في جرائم ضد المدنيين، يرسّخ بيئة من الإفلات من
العقاب، ويجعل المجتمع الدولي شريكا في الإخفاق في حماية المنظومة الدولية بأكملها.
وختم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بالتأكيد أن أي شكل من أشكال التعاون الأمني أو العسكري مع إسرائيل في ظل
استمرار انتهاكاتها، يشكل تواطؤا صريحا في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، ويتطلب
تحركا عاجلا من الجهات الدولية، لوضع حد لهذه الانتهاكات ومنع تكرارها.
تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،
رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلقت فعاليات النسخة الأضخم في تاريخ معرض
الدفاع الدولي "آيدكس 2025" ومعرض الدفاع البحري "نافدكس
2025" في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك) خلال الفترة من 17 إلى 21 شباط/ فبراير
2025.
يُعد "آيدكس" منصة عالمية رائدة
لعرض أحدث التقنيات والابتكارات في مجال الدفاع. تجمع هذه النسخة بين خبراء
الصناعة، وصناع القرار، والمبتكرين لاستكشاف مستقبل الدفاع والتقنيات المبتكرة التي
تعيد تشكيل المشهد الدفاعي. تتضمن الفعاليات سلسلة من الجلسات الحوارية تحت مسمى
"حوارات آيدكس ونافدكس 2025"، حيث يتم مناقشة استراتيجيات البقاء في
الطليعة في هذا المجال المتطور.
ويُقام "نافدكس" بالتزامن مع
"آيدكس"، ويُركز على قطاع الدفاع والأمن البحري. يستضيف المعرض مجموعة
من السفن الحربية من 8 دول، تعرض أحدث التقنيات والابتكارات في المجال البحري.
يهدف "نافدكس" إلى تعزيز النقاشات حول مستقبل أكثر أمانا، من خلال
التركيز على التقنيات البحرية المتقدمة، وتقديم عروض حية للسفن والتقنيات المبتكرة.
وتُشكل هذه المعارض فرصة فريدة للتواصل مع
القادة الرئيسيين في صناعة الدفاع، واستكشاف أحدث التطورات والابتكارات التي تسهم
في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي.
وشهدت
العلاقات بين إسرائيل والإمارات
العربية المتحدة تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد توقيع اتفاقيات
التطبيع في عام 2020. هذا التطور انعكس على مشاركة شركات الأسلحة الإسرائيلية في
المعارض الدفاعية المقامة في الإمارات.
ففي معرض دبي للطيران 2021، شاركت سبع شركات
إسرائيلية، معظمها مملوكة للدولة، في هذا المعرض، حيث استعرضت تقنيات دفاعية
متطورة. ترأس الوفد الإسرائيلي البريغادير جنرال (احتياط) يائير كولاس، رئيس قسم
تصدير الأسلحة بوزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي معرض الدفاع الدولي "آيدكس"
2023 في أبوظبي، شاركت شركة إسرائيلية لأول مرة في هذا المعرض، مما يعكس تعزيز
التعاون الدفاعي بين البلدين.
وفي معرض دبي للطيران 2023 ، على الرغم من
التوقعات بمشاركة شركات إسرائيلية مثل "صناعات الفضاء الإسرائيلية"
و"رافائيل"، إلا أن منصاتهما كانت خالية من الموظفين والزوار في اليوم
الأول للمعرض. لم تقدم الشركتان تفسيرا رسميًا لهذا الغياب، لكن يُعتقد أن
التوترات الإقليمية، خاصة المتعلقة بالأوضاع في غزة، قد تكون سببا في ذلك.
اقرأ أيضا: تحليل إسرائيلي يقارن العلاقة مع الإمارات قبل وبعد العدوان على غزة