قدّم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
تنازلات كبيرة لنواب من حزبه، حزب العمال، المعارضين لمشروع قانون الرعاية
الاجتماعية الجديد، مما قلّص احتمالات هزيمته في تصويت حاسم الأسبوع المقبل داخل
مجلس العموم.
ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية
عن مصادر نيابية قولها: "إن التنازلات التي قدمتها رئاسة الحكومة ـ والتي قد
تُكلّف خزينة الدولة مليارات الجنيهات خلال السنوات الثلاث المقبلة ـ تشمل تقييد
تطبيق التخفيضات الجديدة على المستفيدين الجدد فقط، وعدم المساس بمن يتلقون الدعم
مسبقًا، إضافة إلى فتح باب المشاورات مع منظمات الإعاقة حول التعديلات المثيرة
للجدل.
وقال أحد النواب البارزين من معسكر الرافضين
إن "الحكومة قدمت تنازلات ضخمة، كافية لعبور القانون المرحلة الثانية من
القراءة"، مضيفًا: "هدفنا لم يكن عرقلة الحكومة بل حماية الفئات الأكثر
هشاشة".
ما طبيعة قانون الرعاية الاجتماعية الذي
أثار العاصفة؟
القانون الذي أثار هذا
الجدل يندرج ضمن خطة
الحكومة الجديدة لـ"إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية" في
بريطانيا، ويهدف
إلى خفض مخصصات الدعم المالي الموجهة للعاطلين عن العمل وذوي الإعاقة، وتشديد
معايير الاستحقاق، ضمن ما وصفته الحكومة بـ"تحفيز العمل وتقليل الاعتماد على
الدولة".
لكن منتقدي القانون ـ ومن بينهم نواب من حزب
العمال نفسه ـ اعتبروا أن التعديلات تستهدف الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع،
خصوصًا ذوي الإعاقات المزمنة والعاطلين لأسباب صحية أو اجتماعية، وتؤسس لنظام
"معاقِب" بدلًا من أن يكون داعمًا. كما حذرت منظمات إنسانية من أن
القانون بصيغته السابقة كان سيُعرض ملايين الأشخاص لخطر الفقر والإقصاء الاجتماعي.
ضغط داخلي وفوضى محتملة
كانت الحكومة قد واجهت تمردًا واسعًا داخل
صفوفها، بعد أن لوّح أكثر من 120 نائبًا من "العمال" بالتصويت ضد
القانون. وسبق لأحد الوزراء أن قدّم استقالته احتجاجًا على المشروع، فيما تسربت
معلومات عن اعتزام وزراء آخرين حذو حذوه في حال عدم تعديل النص.
ووسط تصاعد الأزمة، أوكل ستارمر مساء أول
أمس الأربعاء مهمة التفاوض إلى طاقمه الخاص بقيادة مدير مكتبه مورغان ماك سويني،
ونائبته أنجيلا راينر، في مفاوضات ماراثونية استمرت حتى صباح أمس الخميس.
وتفيد مصادر داخل الحزب، وفق
"الغارديان"، بأن ستارمر ووزيرة المالية رايتشل ريفز سمحا لفريق التفاوض
بتقديم "تنازلات ملموسة"، تشمل تخصيص مليار جنيه استرليني إضافي هذا
العام لدعم خطط التوظيف، على أن تصل الميزانية الإجمالية إلى عدة مليارات خلال
الدورة البرلمانية الحالية.
كما وافقت الحكومة على تجميد تطبيق بعض
الإجراءات حتى انتهاء المشاورات مع منظمات ذوي الإعاقة، إضافة إلى إعادة النظر في
تجميد العنصر الصحي ضمن "الائتمان الشامل"، والذي يستفيد منه المرضى
المصابون بأمراض مزمنة أو مهددة للحياة.
أزمة قيادة داخل الحزب
وترى الغارديان أنه وعلى الرغم من أن
التنازلات أنقذت الحكومة من هزيمة وشيكة، فإن هناك من يعتبر أن هذه الأزمة سلّطت
الضوء على الهشاشة الداخلية داخل قيادة حزب العمال، وعدم رضا كتل مؤثرة عن أسلوب
ستارمر في إدارة ملفات العدالة الاجتماعية.
يُذكر أن المعارضة اليمينية، وبعض النواب
المحافظين، استغلوا التراجع لوصفه بأنه "خضوع للضغوط الداخلية"، ما قد
يُضعف موقف ستارمر مستقبلاً في تمرير قوانين مشابهة.
https://www.theguardian.com/politics/2025/jun/26/starmer-offers-massive-concessions-on-welfare-bill-to-labour-rebels