ملفات وتقارير

شهادات صادمة للعالقين عند نتساريم وصلاح الدين.. "عربي21" تواكب رحلة العائدين للشمال (شاهد)

بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الجاري انطلق سريان وقف إطلاق النار- جيتي
"الهدف هو التنغيص على أهالي غزة، بعد لمح الفرحة على وجوههم، فأرادوا قتلها ولو مؤقتاً"، هكذا تحدّث ابن خانيونس الموجود بجنوب قطاع غزة، أحمد المجايدة، وهو يصف وضع الأهالي العائدين نحو ديارهم بالشمال، الذي لا يزال محاصرا، على الرغم من بدء سريان اتّفاق وقف إطلاق النار.

المجايدة، الذي يُواكب الوضع من "تبة النويري"، وهي النقطة الأقرب لمحور نتساريم الغربي، قال لـ"عربي21": "الناس منذ أول إعلان عن عودة النازحين، الأحد، الكثير منهم قام بفك خيامهم، والتخييم بالقرب من محور نتساريم، حتى يعودوا بأسرع وقت".

"منذ الأمس، الأهالي النازحين قسرا، والراغبين بالعودة لديارهم، باتوا في الشوارع، أطفال، كبار، صغار؛ حيث تعنّت الاحتلال، واختلق أزمة اربيل يهود، فقط للتنغيص وإحباط الغزيين"، تابع المجايدة، الذي يواكب رحلة العودة، أملا في انتهاء فصل حارق من ذاكرة الفلسطينيين.


وأردف: "للأسف، الكثير عادوا لأماكنهم في الجنوب، حاملين معهم خيبة أمل كبيرة، بدت على وجوههم"، مشدّدا في الوقت نفسه: "لكن رغم خيبات الأمل لم يُفقد الأمل؛ أغلب الآليات مُنسحبة من المحور الغربي، باستثناء دبابة واحدة وعدّة جنود لا يتجاوزون 6 جنود".

ومنذ عصر السبت، وفي خضمّ أوضاع إنسانية توصف بـ"الكارثية جدا"، كشف الغزّيون عن إغلاق حاجز المرور إلى الشّمال في وجوههم، وسط إطلاق نار متكرر، ويكون كثيفا في بعض الأحيان. فيما يؤكدون: "الأوضاع بالقرب من الحاجز خطيرة".



وكانت وزارة الداخلية الفلسطينية أعلنت عن استكمال استعداداتها لتسهيل عودة النازحين من جنوب القطاع إلى محافظتي غزة وشمال غزة، بالقول في بيان: "سيتم فتح شارع الرشيد الساحلي للمشاة فقط بالاتجاهين ذهابا وإيابا".

وأضافت الوزارة: "سيتم فتح شارع صلاح الدين باتجاه واحد أمام عودة المركبات فقط بكافة أنواعها من الجنوب إلى الشمال، حيث ستخضع للتفتيش قبل السماح لها بعبور الحاجز"، مردفة: "سيتم فتح شارعي الرشيد وصلاح الدين بالاتجاهين بشكل كامل للمشاة والمركبات في اليوم الـ22 من اتفاق وقف حرب الإبادة".

واختتم بيان الوزارة: "نبارك العودة المرتقبة للنازحين إلى منازلهم ومناطق سكناهم، ونؤكد أن أجهزة وزارة الداخلية ستكون في خدمتهم، وقد انتشرت في جميع المحافظات للقيام بواجبها، بما في ذلك محافظتا غزة وشمال غزة".

هنا الشمال.. كيف الولوج؟
على الجانب الآخر من شارع صلاح الدين ومحور نتساريم، شمال غزة، حيث يصفها الأهالي بـ"نهاية النكبة الثانية، إن عُدنا"، وفي حديث بعض الأهالي لـ"عربي21" فإن: "الوضع هنا عبارة عن ساحة كبرى، تراكم فيها ركام المنازل".

وأوضح أكرم، الذي مضى رفقة أسرته سيرا على الأقدام إلى مشارف النصيرات، نحو المنطقة القريبة من حاجز نتساريم، وينتظر مع الآلاف من الأهالي لحظة المرور: "لا منازل في الشمال قائمة، لكن أملنا قائم في العودة، ولو بتنصيب الخيام مجدّدا فوق الركام، المهم أن نعود".

وفي حديثه لـ"عربي21"، تابع أكرم: "والله تعبنا، مسافة الخمس دقائق مشيناها في 12 ساعة، ومسافة العبور التي كذلك لا تتجاوز الخمس دقائق بالسيارة، مرّت عليها 24 ساعة انتظارا ثقيلا، وما زلنا ننتظر، إلى أن يُسمح لنا بالعبور".

كذلك، عدد من النّازحين المنتظرين لحظة الانفراج، تحدّثوا لـ"عربي21" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن آمالهم بعودة الحياة لطبيعتها، وعن أحلامهم، وطموحاتهم المهنية، وأيضا عن المعاناة التي عايشوها إثر رحلة العودة، على الرغم من سريان اتّفاق وقف إطلاق النار.


لماذا تعنّت الاحتلال؟ 
قرار الاحتلال الإسرائيلي برفض عودة النازحين، من جنوبي القطاع إلى شماله، بدّّد الأمل في قلوب عشرات آلاف النازحين، وأصابهم بشيء من الإحباط، إذ وجدوا أنفسهم من جديد أمام عقبة أخرى، بعد فك خيامهم على أمل العودة لمنازلهم، أو ما تبقّى منها.

ولحدود اللحظة، مساء الأحد، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي إغلاق حاجز نتساريم وحاجز صلاح الدين، وهما المنفذان الأساسيان للوصول إلى محافظتي غزة والشمال. فيما قال الدفاع المدني لغزة: "إسرائيل منعت عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين من العودة من جنوبي القطاع إلى شماله".

جرّاء ذلك، يتذرّع الاحتلال بأن قرار السماح بعودة النازحين للشمال مرتبط بإفراج المقاومة الفلسطينية عن المسمّاة أربيل يهود. فيما أكدت حركة حماس أنها أرسلت للوسطاء مقطع فيديو يُظهر أنّ المجندة ما زالت على قيد الحياة، وأنها ستكون ضمن المفرج عنهم يوم السبت المقبل، متّهمة الاحتلال بـ"المماطلة في تنفيذ الاتفاق".

تجدر الإشارة إلى أنه بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، انطلق سريان وقف إطلاق النار بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وسيستمرّ في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.

وبدعم أمريكي، اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير 2025، إبادة جماعية على كامل الأهالي بقلب قطاع غزة المحاصر، خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.