صحافة دولية

إرهاب المستوطنين يثير قلق الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد "مكافأة" ترامب لهم

المستوطنون الإسرائيليون صعدوا هجماتهم في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء العدوان على غزة- الأناضول
نفذ المستوطنون الإسرائيليون هجمات عنيفة على قرية سنجل وبلدات أخرى في الضفة الغربية المحتلة رفضا لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن سندس الفقهاء كانت تشاهد الأخبار في منزلها في قرية سنجل المحتلة مساء يوم السبت عندما سمعت صوت ركض وأصوات مكتومة في الخارج. والشيء التالي الذي عرفته، هو زجاجة مولوتوف ألقاها مستوطن إسرائيلي اخترقت النافذة، ما أدى إلى اشتعال الأريكة والستائر. 

في مقطع فيديو التقطه أحد أقارب سندس المسنين، يمكن رؤية إحدى بنات سندس، والتي تبلغ من العمر 12 عاما، وهي تلقي بقدر من الماء على الحريق، بينما تحاول شقيقتها البالغة من العمر 14 عاما إخماد النيران بوسادة. 

قالت سندس، 37 عاما، أثناء تفقدها النوافذ المكسورة والسقف المحترق عندما زارتها الغارديان يوم الأربعاء: "لم ينجح الماء. لقد تمكنا من إخماد الحريق بالبطانيات".  

وأضافت: "نحن ثمانية في هذا المنزل، جميعنا نساء وأطفال، وبعضنا من كبار السن أو المعاقين. لدينا مشاكل مع المستوطنين في الحقول ولكن لم يسبق لي أن عشت شيئا كهذا". 

كانت سنجل، موطن حوالي 5000 شخص، واحدة من العديد من البلدات والقرى الفلسطينية التي استهدفتها موجة من عنف المستوطنين الإسرائيليين في الأيام القليلة الماضية، والتي اندلعت بسبب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى في الحرب في غزة، حسب التقرير.

تم استهداف ست قرى على الأقل في جميع أنحاء الضفة الغربية - سنجل، وترمسعيا، وعين سينيا، واللبن الشرقية بالقرب من رام الله، والفندق وجينصافوط، بالقرب من نابلس - ليل الأحد والاثنين من قبل العشرات من الرجال والفتيان الإسرائيليين. وقال السكان إن العديد منهم كانوا يرتدون أقنعة. وقالت السلطات الصحية إن 21 فلسطينيا أصيبوا في الهجمات. 

وألقى المستوطنون زجاجات حارقة وحجارة، فحطموا النوافذ وأضرموا النار في عدة منازل وسيارات في كل مكان استهدفوه احتجاجا على إطلاق سراح 90 امرأة وطفلا فلسطينيا من الأسرى في سجون إسرائيل مقابل ثلاثة أسرى إسرائيليين محتجزين في غزة.

وقال مستوطن في مجموعة دردشة على "واتس آب" إن القرى تم اختيارها لأنها كانت موطنا لبعض السجناء المؤهلين للإفراج عنهم في الصفقة، والمذكورين في قائمة نشرتها حكومة الاحتلال الإسرائيلية. 

وجاء في أحد المنشورات، مصحوبا بصور ومقاطع فيديو للحرائق والدمار: "وصل الإرهابي الأول المفرج عنه إلى قرية القتلة سنجل. يوجد حاليا حصار عند مدخل القرية. يُطلب من الجميع الحضور للاحتجاج على الظلم الرهيب... لا يُسمح للإرهابيين بالتحرك حولنا". 

في الواقع، تم إطلاق سراح شخص واحد إلى سنجل كان محتجزا في الاعتقال الإداري - وهي ممارسة تستخدمها إسرائيل والسلطة الفلسطينية شبه المستقلة لاعتقال واحتجاز الأفراد دون تهمة أو محاكمة لفترات قابلة للتجديد مدتها ستة أشهر، بناء على أدلة سرية. 

قال صاحب متجر، رفيق طافش، 49 عاما، الذي احترقت شاحنته في الهجوم: "ليس الضرر أو التكلفة، بل الإرهاب الذي يسببونه هو المشكلة". 

وأضاف في حديثه لـ"الغارديان"، "لم تكن سيارتي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. لا علاقة لنا بذلك، لكنهم بلطجية. إنهم لا يحتاجون إلى عذر". 

وأشار التقرير إلى أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي واحدة من أكبر العقبات أمام حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن عنف المستوطنين ليس ظاهرة جديدة في المنطقة (ج)، التي تشكل 60% من الضفة الغربية تحت السيطرة المدنية والعسكرية الإسرائيلية، ولكنها ارتفعت منذ انتخاب زعماء المستوطنين من اليمين المتطرف لحكومة إسرائيل في نهاية عام 2022. 

ومنذ بدء العدوان في غزة، اشتد عنف المستوطنين بشكل أكبر، مما أدى إلى تهجير قرى بأكملها لأول مرة. وفي العديد من المناسبات، تم توثيق فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقف هجمات المستوطنين، أو حتى الانضمام إليهم. 

في العام الماضي، بدأت الدول الغربية في فرض عقوبات على الأفراد المتورطين في عنف المستوطنين ومصادر التمويل والدعم المؤيدة للاستيطان - وهو توبيخ لشخصيات سياسية إسرائيلية مثل المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، الذين أذكوا النيران. 

ولكن في يوم الاثنين، وهو أول يوم له في منصبه، ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات الأمريكية ضد المستوطنين، وهي خطوة رحب بها اليمين الإسرائيلي، حسب التقرير.

في ولايته الأولى، كان ترامب متسامحا مع التوسع الاستيطاني ونقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى مدينة القدس المحتلة. ومن المتوقع أن تكون فترة ولايته الثانية في منصبه داعمة بشكل مماثل لإسرائيل، التي تعد الولايات المتحدة حليفا حاسما لها. 

وذكرت الصحيفة أنه من المرجح أن يضيف موقف ترامب إلى الشعور بالإفلات من العقاب الذي يتمتع به المستوطنون بالفعل: فقد وجدت الإحصائيات التي نشرتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "يش دين"، استنادا إلى البيانات الإسرائيلية الرسمية، أنه بين عامي 2005 و2024، تم فتح 1701 تحقيق فقط من قبل الشرطة في عنف المستوطنين، على الرغم من حقيقة أن الهجمات تحدث الآن على أساس يومي. ولم تسفر سوى 6.4% عن توجيه اتهامات، و3% عن إدانات كاملة أو جزئية. 

بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية، أصبح الاستمرار في الروتين الطبيعي صعبا بشكل متزايد. هرع محمد الفقهاء، 46 عاما، لمساعدة والدته حليمة، 68 عاما، ليلة السبت عندما حاصر المستوطنون منزلها وألقوا الحجارة التي حطمت النوافذ. وقال إنه لا يريدها أن تعيش بمفردها بعد الآن. 

وقال عن المستوطنين: "لا يمكننا حتى عبور الطريق إلى أشجار الزيتون الآن وإلا سيطلقون النار علينا. هذه أرضنا وبيوتنا، ولكنهم يريدون منا أن نغادرها إلى الأبد".