بعد سقوط حكم الأسد، في الثامن من
كانون الأول/ ديسمبر 2024 على يد قوات ردع العدوان، والفصائل المتحالفة معه بقيادة
السيد "أحمد الشرع"، بدأ يتشكل في المشرق
العربي "الشام
الجديد" بوجهه الإسلامي المُشرق، حرية وتسامحا ورحمة، على أنقاض
سوريا سايكس بيكو ومشروعها القومي
الجاهلي الذي ملأ أرضها طغيانا واستبدادا وإجراما وفسادا على يد عصابات الأسد التي
حكمت البلاد.
فالشام الجديد هو أول دولة في
العالم العربي -منذ سقوط الخلافة العثمانية 1924 وحتى 2024- تتأسس بإرادة الأمة
وشعوبها، وتعبر عن هويتها الإسلامية، بعد
ثورة تاريخية كبرى شاركت الأمةُ كلها
فيها الشعبَ السوري إمدادا وإعدادا وإسنادا، فشارك فيها المسلمون من مشارق الأرض
ومغاربها بأموالهم وإعلامهم في نصرة شعبها، وشارك فيها العرب والترك والقوقاز
وغيرهم بأرواحهم واختلطت على ثراه الطاهر دماؤهم، فانهارت الحدود والسدود المصطنعة
بين المسلمين -التي فرضتها الحملة الصليبية منذ احتلت العالم الإسلامي- فعاد الشام
من جديد كما كان عبر تاريخه منذ الفتح الإسلامي، بلدا إسلاميا لكل مكونات الأمة
فيه من العرب والترك والكورد وغيرهم،
كما للجغرافيا السياسية أحكامها التي تفرض نفسها على الدول، وكلما أحسنت استثمار موقعها الجغرافي سياسيا واقتصاديا على أفضل وجه كان النجاح حليفها، فكذلك للديموغرافيا السياسية أحكامها، حيث تتمتع سوريا الشام بموقع جيوسياسي وديموغرافي يجعلها حلقة الوصل الأهم
بعد أن حولته سايكس بيكو لبلد قومي عربي
جاهلي فاصل بين العالمين العربي (500 مليون نسمة) والتركي (200 مليون)، فكانت
سوريا طوال قرن كامل إسفينا وسدا منيعا بين العرب والترك كما أرادته سايكس بيكو
لها!
وقد عاد الشام اليوم مرة أخرى حلقة
الوصل بين العالمين العربي والتركي، وهي فرصة تاريخية للأمة وشعوبها للخروج من
الطوق القومي الجاهلي - الذي طوقتهم به الحملة الصليبية منذ الحرب العالمية الأولى-
إلى رحابة أخوة الإسلام ونظامه السياسي الإسلامي، وكما للجغرافيا السياسية أحكامها
التي تفرض نفسها على الدول، وكلما أحسنت استثمار موقعها الجغرافي سياسيا واقتصاديا
على أفضل وجه كان النجاح حليفها، فكذلك للديموغرافيا السياسية أحكامها، حيث تتمتع
سوريا الشام بموقع جيوسياسي وديموغرافي يجعلها حلقة الوصل الأهم بين الحزامين
العربي جنوبا من موريتانيا إلى عمان، والتركي شمالا من تركستان إلى البلقان، ليربط
الشام من جديد بين الحزامين جغرافيا وديموغرافيا، حيث تتشكل فيه سكانيا أكثرية
عربية تربطه في محيطه وعالمه العربي، أكثرية سنية تربطه بمحيطه وعالمه الإسلامي
التركي والكردي، وهي القوميات الثلاث الأبرز في منطقة الأناضول والشام التي
استطاعت بوحدتها بعد أن صهرها الإسلام ووحدها
في ظل الخلافة أن تحرر المشرق الإسلامي من كل الحملات الفرنجية الصليبية وتحرر القدس والمسجد الأقصى.
مقومات للإصلاح والنهوض
إن الأمة وهي تحاول
النهوض تحتاج
مجموعة من المقومات والأدوات، ولا شك أن
الإعلام يمثل ركنا أساسيا في قضية الإصلاح في المجتمعات المسلمة، ووسيلة ضرورية في
حرب العقائد والأفكار.
الأمة وهي تحاول النهوض تحتاج مجموعة من المقومات والأدوات، ولا شك أن الإعلام يمثل ركنا أساسيا في قضية الإصلاح في المجتمعات المسلمة، ووسيلة ضرورية في حرب العقائد والأفكار
إن جزءا من الضعف والهوان الذي نخر
في الأمة المسلمة كان بسبب الإعلام وغياب الإعلام الإسلامي عن الساحة، مما ترك
للإعلام الآخر الفرصة ليوغل في الفريسة ويتركها وقد قطعها إربا إربا.
هذا لا يعني الانعزال عن المجتمع أو
التقوقع أو الإحجام عن الإعلام الآخر، بل من المفترض اختراقه وتسخيره -ما أمكن-
لخدمة القضية الإسلامية، وإن بصور جزئية، أو على الأقل تقليل مصادر الشر والفتنة
التي تنطلق منه.
وهذا ما تحدث عنه الدكتور محمد مختار
الشنقيطي في العديد من كتاباته، وله الفضل الأكبر في تأهيل وتعميق الهوية الإسلامية
وترسيخها عبر الأجيال، في المقابل تحدث الدكتور أحمد موفق زيدان عن الإعلام
الإسلامي خلال مشاريع يسيرة -لكنها جادة عازمة- فهذا الإعلام في أمسّ الحاجة للرؤية
الاستراتيجية الشاملة للواقع المعاصر كي يساهم بفعالية بذكاء في التغيير والإصلاح.
هذا الأمر يستدعي وجود طاقات شابة
مؤهلة ومدربة وذات حماس عال ورغبة جادة للاستفادة من الإعلام بكافة صوره وأساليبه،
ليكون أداة لانتشال الأمة من غفلتها ووسيلة لإعادة مجد الحضارة الإسلامية الضائع
ولبنة لتكوين المجتمع المسلم الفاضل المنشود.
في النهاية..
تواضع أهل الشام اليوم عظيم، لكنه
واجب وضرورة حين تكون المعركة في بدايتها أمام حشود من المتربصين، حاجتنا لكل صوت
مخلص في الحب والدعم. فجراحنا واحدة، ونحن بحاجة لتكاتف وليس لتبادل الاتهامات.