سياسة دولية

ترامب يستغل ضعف ترودو ويطلب ضم كندا للولايات المتحدة.. نخبرك القصة

صورة بالذكاء الاصطناعي لترامب واقفا على جبال كندا (حسابه الخاص على تروث سوشيال)
دعا الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الاثنين إلى ضم الجارة الشمالية كندا لأراضي الولايات المتحدة.

وقال إنه "إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعرفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماما من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار".

ونشر ترامب صورة للولايات المتحدة تتضمن كندا على حسابه الخاص على منصة تروث سوشيال التي يملكها.



ما اللافت في التصريح؟

تأتي التصريحات بعد أيام قليلة على وصف ترامب لرئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو بأنه "حاكم كندا" ورغبته في أن تصبح البلاد "الولاية الأمريكية 51".



إلى جانب ذلك تعهد ترامب سابقا بالسيطرة على قناة بنما، ولمّح إلى ضرورة امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها، لأغراض الأمن القومي، والحرية في العالم، وحفظ مصالح واشنطن.

وعندما سئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية ضد كندا، أجاب ترامب "لا، القوة الاقتصادية".

مؤخرا

أعلن رئيس الحكومة الكندية ترودو الإثنين استقالته من منصبه الذي يتولّاه منذ عشرة أعوام، موضحا أنّه سيواصل تسيير الأعمال إلى أن يختار حزبه خليفة له.

وجاءت هذه الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع شعبية حزبه إلى أدنى مستوياتها في استطلاعات الرأي.

ماذا يقول الكنديون؟

نهاية العام الماضي، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد ليدجر أن 13% من الكنديين يرغبون في أن تصبح بلادهم إحدى الولايات الأمريكية.

وفي استطلاع آخر أجرته Research Co للأبحاث، قال 26% من سكان المقاطعات الكندية أن مقاطعتهم ستكون أفضل حالا إذا انضمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي الاستطلاع الذي أجري عبر الإنترنت لعينة وطنية تمثيلية،  كانت النسبة الأكبر في في ألبرتا (30%)، تليها ساسكاتشوان ومانيتوبا (29%)، وكيبيك (24%)، وكندا الأطلسية (24%) وكولومبيا البريطانية (18%).

ويقول ماريو كانسيكو، رئيس شركة الأبحاث: "تختلف جاذبية انضمام مقاطعة إلى الولايات المتحدة بشكل كبير حسب العمر  حيث النسبة 27% بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عامًا وإلى 40% بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا".

الصورة الأوسع

توعد ترامب كندا بفرض رسوم بنسبة 25% على السلع التي يتم تصديرها إلى بلاده، وهي خطوة وصفها بأنها ضرورية لدفع كندا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في التصدي لمشكلة المخدرات التي يتم تهريبها عبر حدودها.

وأكد ترامب أن هذه الرسوم ستستمر حتى تقوم كندا "بحل المشكلة" بشكل كامل، من خلال اتخاذ تدابير أكثر فاعلية للحد من تدفق المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الأمريكية.



ووفقًا لتصريحات ترامب، فإن حكومة كندا تمتلك القدرة على إنهاء هذه الأزمة "بسهولة" في حال تم اتخاذ قرارات حاسمة لمعالجة هذه القضايا.

العام الماضي، قالت إدارة ترودو إنها ستنفق 900 مليون دولار أمريكي، على مدى ست سنوات لضبط الأمن على الحدود.

وأشارت إلى أن الأموال ستستخدم لشراء كلاب وطائرات بدون طيار ومروحيات وأبراج مراقبة إلى جانب المزيد من ضباط الأمن على الحدود.

محاولات سابقة

ليست خطط ترامب وطموحاته لضم كندا أمرا غير مألوف في التاريخ الأمريكي، فقد حاول الأمريكيون عدة مرات غزو كندا و"تحريرها" من الاستعمار الإنجليزي.

كانت أولى المحاولات عام 1812 عندما أعلن الأمريكيون الحرب على بريطانيا، بسبب الظلم الذي يتعرض له البحارة الأمريكيون، والتضييق على التجارة، فقرر الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون الهجوم على مستعمرات الإنجليز في كندا مستغلا ضعف بريطانيا بسبب حروبها في أوروبا.

على غير ما أراد الأمريكيون، وقف الكنديون مع المستعمر البريطاني، ضد الطموح الأمريكي بالتوسع شمالا، إلى جانب الأفضلية اللوجستية لبريطانيا في كندا، وهو ما لم يكن يملكه الأمريكيون آنذاك.

المحاولة الثانية كانت بعد عام كامل، في 1813، حيث تحسنت القوات الأمريكية، وأدخل الجيش قادة جدد إلى صفوفه ومنيت بريطانيا بخسائر كبيرة، ووصل الأمريكيون إلى "يورك" (تورنتو حاليا) وأحرقوا المباني الحكومية البريطانية هناك، لكن بعد أقل من عام استطاع البريطانيون طرد الأمريكيين مجددا وقلب الموازين.



في عام 1814 عاد القتال من جديد لكن بريطانيا كانت قد تعافت قليلا من حروبها في أوروبا، وأرسلت آلاف المقاتلين إلى الجبهة الأمريكية، وانتهى القتال باتفاق بريطاني أمريكي على إعادة كل طرف الأراضي التي استولى عليها وأقيمت مصالحة كبرى بين البلدين.

وفي الخمسينات والستينات من القرن التاسع عشر، ظهرت حراك سياسي في كندا يدعو للانضمام إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لأسباب اقتصادية، ولرغبتهم في التخلص من النموذج البريطاني، لكن لم يكتب له النجاح، وساهمت الحرب الأهلية في أمريكا في تشويه التجربة الأمريكية في عيون الكنديين.

في القرن العشرين، وبعد الحرب العالمية الأولى، وفي عام 1927 إثر مؤتمر جنيف البحري، شعرت الولايات المتحدة بأن مخرجات المؤتمر لم تكن كافية لإنهاء تنافس القوى العالمية في الهيمنة على البحار، وكانت تخشى الولايات المتحدة على نفسها من بريطانيا التي تهدد سواحلها الشرقية.

على إثر المؤتمر، وافقت وزارتا الحرب والبحرية الأمريكية عام 1930 على خطة سرية أسمتها "الخطة الحربية الحمراء" لمهاجمة كندا بصفتها من دول الكومنولث البريطاني، والسيطرة عليها قبل أن تقطع بريطانيا البحر للدفاع عنها، مع وضع سيناريو وقف التدخل العسكري إذا واقفت كندا على أن تكون في حالة حياد، وتسلم عددا من الموانئ والمواقع الحساسة للأمريكيين.

وفي عام 1935 بنت الولايات المتحدة قواعد جوية قريبا من كندا، وكان الطموح الأمريكي يقضي بضم المناطق التي سيتم السطيرة عليها في كندا، لكن الحرب العالمية الثانية جاءت وأنهت الخطط الأمريكية، حيث أصبحت بريطانيا حليفا للأمريكيين ضد دول المحور.

وفي التاريخ الحديث، دعمت بعض الأحزاب السياسية في كندا فكرة الانضمام إلى الولايات المتحدة، لكن تمثيلها في البرلمان والخارطة السياسية كان شبه معدوم.