خالد سعيد لـ"عربي21": لا حلول سياسية في مصر

- الغرب يسعي لصناعة "التيار الثالث" ليسلمه الراية بعد سقوط الانقلاب
- قيادة الثورة من الداخل وليس الخارج.. ونراقب بعين الحذر كيان أيمن نور
- اتفقنا قبل 25 يناير الماضي علي تصعيد وإعداد قيادات بديلة للصف الأول
- المطالبة بإلغاء قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين فقط مواقف الضعفاء والمهزومين
- هناك محاولة لصناعة أبطال من ورق
- سقوط التحالف سيكون رصاصة عذاب للانقلاب.. ولهذا لم يتم اعتقال كل قياداته
- الانقلاب حاول التواصل معنا كثيراً لكسب الوقت ولإخماد الحراك ولإجهاض التحالف.. لكنه فشل
- حدث تواصل مباشر وغير مباشر بين الانقلاب وبعض مكونات التحالف
- الحلول السياسية انتهت مع أول قطرة دماء سالت في مجازر الانقلاب

حوار: عمر عويس

كشف خالد سعيد، المتحدث الرسمي باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، المؤيد للرئيس محمد مرسي، عن حدوث تواصل مباشر وغير مباشر مع سلطة الانقلاب وبعض مكونات التحالف سابقا، من أجل محاولة المناورة وخداع الثورة، إلا أن الانقلابيين لم يفلحوا في هذا. وقال إن عماد عبد الغفور، رئيس حزب الوطن ومساعد رئيس الجمهورية في عهد مرسي، لعب دوراً بشأن هذا التواصل، لكن لم يكن هناك مجال للقبول بمثل هذه المحاولات، لأنها لم تكن جادة أو صادقة من الطرف الآخر.

وأضاف  – في حوار خاص لـ"عربي 21"- إنه لم يحدث أى تواصل مباشر إلا من خلال مبادرة الجماعة الإسلامية التى تم طرحها في فترة سابقة والتي أفسدها المجلس العسكري، وذلك باعتبار أن الجماعة الإسلامية عضو بالتحالف، إلا أنهم كانوا يمثلون الجماعة الإسلامية وليس التحالف، وقد جلسوا مع بعض أعضاء المجلس العسكرى، ولم يحدث تواصل بعد ذلك، ولم تتطور هذه المبادرة التي وصفها بأنها كانت مبادرة جيدة وجادة ومخلصة.

كما كشف سعيد عن أن هذا الدور "الوسيط" قام به وحاول القيام به كثيرون (رفض تسميتهم)، لكن كان من الواضح أنها كانت محاولات لكسب الوقت ولإخماد الحراك الثوري ومحاولة لإجهاض التحالف، مؤكدا أنه ليس هناك أى تواصل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الآن.

وشدّد سعيد ترحيب التحالف بأى مبادرة وطنية مخلصة صادقة، وأنهم في التحالف ينتظرون من القوي الوطنية أن تقدم الجديد، وأن أي شيء به مصلحة الوطن يرحبون به ويمدون أيديهم له فورا، إلا أن تصورهم للخروج من الأزمة هو الثورة حتى إسقاط الانقلاب، وفق تقديره.

وهاجم المتحدث باسم التحالف ما يعرف بـ"التيار الثالث" الذي يرفض العسكر والإخوان، قائلا: "هو بديل ثالث يحاول الغرب أن يصنعه لتمييع قضية الثورة المصرية، ولمحاولة معالجة الكارثة التي تسببوا فيها بانحيازهم وصناعتهم للانقلاب العسكري، خاصة بعدما أصبحت المعركة صفرية، فإذا ما انتصرت قوى الشرعية يوما ما يحاول الغرب إيجاد قوى بديلة في المنتصف كي يقوم بتسليمها الراية بدلاً من تسليمها لنا بحكم أننا انتصرنا في المعركة".  

وتابع: "هناك مساع لإيجاد تحالفات في الخارج، خاصة أن البوب محمد البرادعي سقط سياسياً واحترقت ورقته، ولذلك يريدون أن يصنعون بوباً جديداً وبردعياً آخر، فبوصلة هؤلاء هي أمريكا، ونؤكد أن قيادة الثورة تكون من الداخل وليس الخارج"، مشيراً إلي أنهم يرقبون بعين الحذر تشكيل الكيان الثوري الجديد الذي أعلن عنه الدكتور أيمن زعيم حزب غد الثورة – في حوار خاص لـ"عربي 21"- مضيفاً بأن هذه التحركات قد يرفضها الشارع.

واعتبر سعيد تحالف دعم الشرعية بأنه بمثابة رأس حربة للثورة المصرية، و"الأب الروحي لها وقيادة وواجهة سياسية للثورة"، منوهاً إلى أنه "سيكون كرصاصة العذاب للانقلاب في حال سقوطه، ولذلك لم يعتقل النظام كل قياداته، خاصة هذا التحالف أثبت أنه ضبط سقف الحراك الثورى وهذا ليس لمصلحة الانقلاب وإنما لمصلحة الوطن".

وقال إن "الحلول السياسية انتهت مع أول قطرة دماء سالت علي أرض مصر في مجازر الانقلاب"، متوقعاً أن يتصاعد الحراك الثوري الشعبي والطلابي إلى أن يصل إلى انتفاضة وثورة عارمة فى كل ميادين وشوارع مصر، خاصة مع اضطرار الانقلاب لمزيد من القمع، لأنه كلما يفشل يلجأ إلى مزيد من الإجراءات الاقتصادية المتشددة ومزيد من القمع.

وفيما يلي نص الحوار:

- كيف تنظر للتطورات السياسية الراهنة؟

هناك تصاعد للحراك الطلابي والغضب الشعبي مع الفشل الكامل لحكومة الانقلاب التى تريد أن تستورد شركة خبراء أجانب تدير الاقتصاد المصرى تمولها الإمارات، وهذا يدل على الفشل الاقتصادي والإداري الكامل، فضلاً عن تناقض النظام من الداخل، مما سيؤدي إلى اشتعال الغضب الشعبي والطلابي، وهناك ثبات للثورة والثوار في الميادين منذ عام ونصف تقريبا، وهذه العناصر حتما ستطيح بالانقلاب.

- ما الذي وصل إليه الحراك المناهض للنظام في ظل استكمال خطوات "خارطة الطريق"؟

هذا الكلام غير واقعي، لأنه إذا لم يكن الحراك مجدياً أو مؤثراً أو مقلقاً لمضاجع الانقلابيين ما كان هناك حرص كبير جداً لدى الانقلاب على إيقافه والتصدى له بأي شكل من الأشكال، فهذا الحراك هو الذى يعري الانقلاب بأن ليس له شرعية، وهو يستهلك ميليشيات قوات الأمن القمعية وبلطجيتهم.

والحراك الثوري يفقد الانقلاب شرعيته ويعلن إفلاسه ويفضحه أمام العالم ويمنع قدوم استثمارات له، وهذا بخلاف فشله الإداري والعملي على أرض الواقع، ولكن الحراك وحده قد لا يكون كافياً أو حاسماً، وهناك غضب شعبي وتناقض عناصر النظام، وهذه عناصر تجتمع لتحقق أهداف ثورة 25 يناير وتُحدث خيراً كبيراً وثورة جديدة.

- هل المظاهرات الحالية لها جدوى كبير.. وهل هناك أساليب أخرى لمواجهة النظام وما هي فرص نجاحها؟

فى ظل القبضة الحالية هناك حدود للمواجهة بين الأنظمة والشعوب، وهناك تعد من قبل النظام لكل الحدود واستباحة للحريات وانتهاك لكل الحقوق والأعراض للكبير والصغير، فليس أمام قوى الشعب إلا هذه الصورة الحالية، واللجوء لأساليب أخرى مثل الاعتصام أو قطع الطرق يقابل بالقتل والعنف، فأي حراك واع يكتفي بمثل هذه الصورة.

ونحن قد طورنا في الاستراتيجية وفي سياسة طويلة النفس، وهو ما أنعكس على شكل المسيرات، لكي نقلل من أعداد الضحايا والشهداء. وواضح أننا أرهقنا النظام، وبالتالي من يظن أن هذا الحراك لا يؤثر هو الذي لا يفهم الواقع أو السياسة، بل إن هذا الكلام ذاته غير واقعي وغير منطقي.

وليس أمامنا بديل إلا السلمية أو العنف الذي هو خيار مرفوض بالنسبة لنا وطنياً وشرعياً واستراتيجياً، والنظام يحرص أن يجرنا للعنف لكي يبرر عنفه، ولكي يقول إنه يحارب الإرهاب، وكل العالم يعرف أن هذا الكلام كله كذب، وأظن أننا أخطأنا وأصبنا، ولكننا قدمنا أفضل ما يمكن.

- بعد مرور عام ونصف على تدشين "دعم الشرعية".. كيف تقيم أداء التحالف؟

التحالف كيان بشري ويباشر عملا سياسيا، فهو ليس معصوماً. فقد كان من قدره بأن يكون هو مقدمة ورأس حرب الثورة المصرية، والتحالف كشف ما تسمى بالقوى الثورية "الكاذبة" التي والت العسكر وأتت بالحكم العسكرى مرة أخرى، وكشف الذين أسالوا الدماء، وقاد حراك الشارع لمدة عام ونصف تقريبا، وكان منضبطاً وصادقاً ولديه شفافية لم يشهدها كيان سياسي في تاريخ مصر كله.

والتحالف لم يعد بشيء إلا بما يستطيع ولم يعد بشيء إلا ونفذه، وهناك ثبات منقطع النظير على الأرض، وقياداته كلها - الفاعلة سياسياً ومركزياً - ليست في الخارج، بل ما زالت موجودة في مصر، وإن كان معظمهم في السجون والباقون يتلقون كل يوم عشرات التهديدات.

وأرى أن التحالف ككيان سياسي قابل للمرونة والزيادة والنقصان ويقبل إعادة الهيكلة، وهو ما نقوم به الآن، وقد قدم ما عليه، وما زال مستمراً في النضال، وندعو الله أن يثبته. وهو نموذج للقيادة في مرحلة ما بعد الانقلاب، وكشف أن القوى الإسلامية هي القوى الصامدة، وهي القوى المدنية الوحيدة فى مصر، لأنها تعارض الحكم العسكري ووقفت في مواجهته.

كما كشف التحالف أن ما حدث من أخطاء وقعت فيها القوى الإسلامية خلال فترة السنتين ونصف بعد ثورة يناير كانت مجرد اخطاء، لكنها لم تكن جرائم أو خيانات، والشعب المصري والتاريخ سيكتبان اسم هذا التحالف في سجلات الشرف.

- مطالب التحالف التي رفعها منذ تدشينه مثل عودة مرسي أو دستور 2012 ومجلس الشوري السابق لم يتحقق منها أي شيء.. فكيف ترى هذا الأمر؟

أرى أن إثارة هذه المشكلة دائما بهذه الصورة هي محاولة إرهاب فكري، ومحاولة ضغط على قوى الحق والشرع والشرعية التي لن تتنازل عن ثوابتها ومبادئها. وهناك العديد من الانقلابات في العالم على مدار التاريخ كله عاد فيها الحاكم الشرعي بعدما تم خلعه. وكل هؤلاء الطغاة سقطوا، وإما عاد الحاكم الشرعي أو تم انتخاب غيره بطريقة شرعية، وبالتالي فكيف للبعض أن يصف مطلب عودة مرسى بالجنون.

ونحن نطالب بالحق والشرع والشرعية، بغض النظر عمن يرى ذلك مطالب غير واقعية أو لم يتحقق منها شيء، لأن الحق يبقى حقاً، وهذا الذي أثبته الله في كتابه وهو مطلوب منا كمسلمين، فأصحاب الأخدود قُتل منهم الكثيرون ولم يبق منهم شخص واحد، لكنهم انتصروا لأنهم ناصروا الحق ولم يعطوا الدنية في دينهم ولا وطنيتهم، تماما مثلما فعل محمد مرسى ومن أيدوه في الدفاع عن الحق. فنحن كنا معارضين لمرسي، لكن عندما وقف وقفة الحق والعدل والبطولة كنا وراءه.

- التحالف منذ تدشينه تعرض لكثير من الضربات.. فما هي طبيعة تلك الضربات؟

التحالف تعرض لحالات اعتقالات في صفوفه وقياداته، وتعرض لأحكام (بعضها بالإعدام والمؤبد) صدرت بالفعل في حق بعض قياداته، وتعرض بجميع فئاته وأشخاصه لضغوط أمنية وتسريبات أمنية ومعلومات تُرسل لنا دائما عما يعتزمون فعله، مثل أنهم سيعتقلون أشخاصاً بعينهم وسيصادرون أموالنا وممتلكاتنا. فالجميع تم تهديده بالأحكام وبالمصادرات، والآن حوالي 75% من قياداتنا معتقلون داخل السجون، بسبب ثباتهم في مواجهة الباطل، ومع ذلك ما زال التحالف مستمراً وقوياً.

 ونحن جميعا اتفقنا قبل 25 يناير الماضي أن جميع الفئات المشكلة للتحالف جهزت قيادات أخرى بديلة بهدف تصعيدها إذا ما اُعتقل الصف الأول، فقد تم تجهيز الصف الثاني والثالث والرابع والخامس، واتفقنا على مواصلة النضال السلمي طويل الأمد ولو استمر الانقلاب مائة عام، وإن شاء الله لا يظل لمدة 100 يوم.

- لكن النظام حاول كثيراً شق صف التحالف، ونجح أخيراً في ذلك بعد انسحاب حزبي الوسط والوطن، والجماعة الإسلامية تعتزم الانسحاب هي الأخرى.. كيف ترى ذلك؟

أنا غير موافق على التوصيف بشق صف التحالف، فانسحاب بعض الأحزاب تحت ضغوط وربما لرؤية سياسية مغايرة أخرى هذا لا يعني انشقاقاً، فشق صف التحالف يحدث عنما يكون يتم الانشقاق نتيجة لصراع داخلى أو أن ينحاز هؤلاء للباطل، وهذا ما لم يحدث، بل تمت مناقشات بيننا لمدة شهور لاتخاذ قرار الانسحاب.

ونحن نقدر ظروفهم، وقد خضع بعضهم لضغوط وغيرهم لم يخضع لضغوط، ومنهم من انسحب لرؤية سياسية مغايرة، لكن الأحزاب المنسحبة لم تخرج نتيجة صراع ولم تخرج من مربع النضال ضد الانقلاب، وبالتالي فهم ليسوا ضدي، لأنهم لايزالون ضد الانقلاب، وقد يكونون إضافة جديدة للحراك من موقع آخر.

- ما هو حقيقة موقف الجماعة الإسلامية من التحالف؟

هذا الموقف يعبر عنه بيانات الجماعة وقياداتها وموقعها الرسمي، لكن أرى أنها تعاني من تأرجح، وجميع قواعدها ترفض توجه بعض القيادات بالانسحاب من التحالف، وهذا يشكل لهم إشكالاً داخلياً ويسبب لهم حرجاً ما، فبعضهم يخشى من ضغوط النظام وفي نفس الوقت الجمعية العمومية وقواعدهم ترفض الانسحاب.

- ماذا لو انسحبت الجماعة الإسلامية هي الأخري.. هل توجه رصاصة الرحمة للتحالف؟

لا ليس كذلك، فالتحالف عمل سياسي قابل للزيادة والنقصان، ومن يُرد الانسحاب فلينسحب، لكن التحالف باق ومستمر، والثورة مستمرة سواء بالتحالف أو بدونه. فهو بمثابة رأس حربة للثورة وهو الأب الروحي لها أو مجرد واجهة وقيادة سياسية للثورة، والنظام يستطيع اعتقال كل قيادات التحالف، ولماذا لم يفعل ذلك؟ لأنه إذا ما سقط التحالف - لا قدر الله- فسيكون رصاصة العذاب للانقلاب، فهذا التحالف أثبت أنه هو من ضبط سقف الحراك الثوري، ليس لمصلحة الانقلاب وإنما لمصلحة الوطن.

- مقترح الجبهة السلفية بتجميد العمل السياسي للتحالف.. هل لا يزال قائماً؟

هذا الأمر ليس مطروحاً للنقاش الآن، وقد كان محل النقاش سابقا احتجاجاً على أحكام الإعدام، وبعدما قدمنا هذا المقترح تم التوافق على أن يوضع الاقتراح في أجندة الأعمال لكل اجتماع قادم، بحيث يكون رهن النقاش، خاصة أن الرأي في التحالف بالشورى، لكن لم يبت فيه بنعم أو بلا، وأظن أننا تجاوزنا هذا المقترح.

- قيل إن التحالف درس مطلب تفويض صلاحيات مرسي لشخص آخر.. هل هذا وارد خلال الأيام القادمة؟

أمتنع عن الإجابة، لأنه لا يوجد أي تصريح رسمي بهذا الشأن، ونحن في النقاشات نناقش كل شيء، وفى النهاية نخرج بقرار جمعى يتوافق عليه الجميع.

- لماذا لم يُتخذ قرار مقاطعة جلسات المحاكم في ظل الأحكام المسيسة حتى الآن؟

هذا الأمر رهن المناقشة والدراسة ولم يتم حسمه حتى الآن.

- في إطار التقييم الذاتي.. ما هي أبزر الأخطاء التي وقع فيها التحالف؟

هناك تحركات كثيرة تأخر فيها التحالف، وحدثت ضغوط داخلية من بعض الأحزاب التي انسحبت لمحاولة التنسيق مع الفئات العلمانية حتى لو تنازلنا عن ثوابتنا، ونحن تصدينا لمثل هذا الكلام ورفضناه مع غيرنا داخل التحالف، ولكن هذا الكلام حدث وعطل التحالف كثيراً وانشغلنا بقضايا غير هامة ولا داعي لها.

والتحالف لم يكن إعلامياً سباقاً أو مواكباً للحراك الميداني، ولم يستغل بعض الفرص التي وقع فيها النظام ولم يروج لها بشكل جيد، لكن خلاف ذلك التحالف حقق إنجازات هامة، وقد التزم بالسلمية واستمرار الحراك الثوري حتى هذه اللحظة.

- ما هو تقييمك لأداء النظام الحالي؟

هو أفضل نظام يتجسد فيه مصطلح الدولة الفاشلة، على صعيد الهوية وعلى كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهناك فشل ذريع في طريقة إدارته لمختلف الملفات، وهناك سخط شعبي متصاعد، وهناك ثورة مستمرة، وهذه العناصر إذا ما اجتمعت في أي نظام سيسقط حتما عاجلاً أو آجلاً.   

- هل تعتقد أن خلافات داخل أركان النظام؟

بالتأكيد، لأن اللهجة ضد السيسي في وسائل إعلام الانقلاب تتصاعد ولا تقل، والدراجة (العجلة) لا يقودها سائقان (في إشارة لركوب وزير الدفاع صدقي صبحي دراجة على غرار السيسي سابقا)، وهناك شيء ما يحدث داخل النظام. 

- ومتى تنفجر هذه الخلافات التي تتحدث عنها وتظهر جلية على السطح؟

حينما يأذن الله، وتأتي نقطة رأس السهم التي ستجتمع فيها تناقضات النظام والسخط الشعب واشتعال الحراك الثوري، وستكون هذه هي لحظة انفجار الصراع، ونكون أمام يوم مثل 28 يناير 2011، وأقول لهم: اذكروا يوم 28 إذ وليتم مدبرين.

- المعركة طويلة أم قد تنتهي قريبا وفق المعطيات الراهنة؟

أعتقد أنها قد تنتهي قريبا، وستكون معركة متوسطة الصراع، ونرى أن النصر قريب خلال الشهور القادمة.

- هل ترى أن فرص الحلول السياسية قد انتهت والحل الآن أصبح ثورياً بامتياز؟

الحلول السياسية انتهت مع أول قطرة دماء سالت على أرض مصر في مجازر الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة، وغيرها الكثير.

- كيف تنظر لمواقف الحركات الثورية التي تختزل مطالبها في إلغاء قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين، وقول بعضها إن التظاهر الآن بمثابة انتحار؟

هذه مواقف فتاتية تليق بالضعفاء والمهزومين الذين ركبهم المجلس العسكري ووزارة الداخلية في ميدان التحرير وغيره، فهذه ليست مطالب ثورية وليست مطالب وطن. أما معتقلوهم (أصحاب مطلب إلغاء قانون التظاهر).. فيجري محاولة لصناعة أبطال من ورق بدليل تصريحات لمسئولين في الغرب وأمريكا للإفراج عن معتقلين بعينهم، مثل ماهينور المصري وعلاء عبد الفتاح وأحمد ماهر.

- كيف ترى ما يسمي بـ"التيار الثالث" الذي يرفض العسكر والإخوان.. وما هو حجم تأثيره في الشارع؟

هو بديل ثالث يحاول أن يصنعه الغرب، لتمييع قضية الثورة المصرية، فهناك معادلة صفرية صنعها عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو، لو علم الذين وقفوا بجوار السيسي وانقلابه هذه الكارثة. وهذا يدل على غياب العقل والحكمة لدى الهيمنة الغربية والأمريكية، لأنهم صنعوا كارثة لن يتحملوا تبعاتها كثيراً ولن يستطيعوا، وهذه الكارثة هي ثاني ضربة توجه ضد الهيمنة الأمريكية بعد 11 سبتمبر، وستكون ثاني محطة تسقط الهيمنة الأمريكية، لأنهم صنعوا ثنائية في منتهي الخطورة.

ولذلك يحاولون الآن صناعة ما يسمى بالتيار الثالث، لمحاولة معالجة الكارثة التي تسببوا فيها. فحينما صنعوا الانقلاب انحازت العسكرية في صف الكنيسة والقوى العلمانية والأحزاب الليبرالية، وكان القهر والقمع والدماء والعسكرية والكنيسة والعلمانية.. كل هؤلاء أصبحوا في كفة واحدة. في المقابل كانت القوى الإسلامية هي التي انحازت للمدنية والسلمية الطامحة للشرعية المؤمنة بالديمقراطية والعملية الانتخابية، والقوى الأخرى هي العسكرية والصليبية والفاشية والدموية، وهذه الثنائية أمر خطير للغاية.

ومعنى ذلك أن الصراع أصبح صفرياً بين القوتين بعدما اتضحت الصورة وتعرت بشكل كامل، فإذا ما انتصرت قوى الشرعية يوما ما وستنتصر إن شاء الله. معنى ذلك أن الحق والعدل والشرع والقانون الذي يتمثل في القوى الإسلامية انتصر، وأن كل القوى الأخرى ستكون انهزمت وسقوطها سيكون مدمراً ومدوياً. ولذلك يحاولون إيجاد قوي بديلة في المنتصف كي يقوموا بتسليمها الراية بدلاً من تسليمها لنا بحكم أننا انتصرنا في المعركة.   

- ما هي أسباب فشل توحد ثوار يناير؟

لأن بوصلة القوى الأخرى التي تطلق على نفسها قوى الثورة والتي انحازت لـ3 يوليو هي أمريكا، بدليل أن هناك مساعي لإيجاد تحالفات في الخارج، خاصة أن البوب محمد البرادعي سقط سياسياً واحترقت ورقته، ولذلك يريدون أن يصنعوا بوباً جديداً وبردعياً آخر، فبوصلة هؤلاء هي أمريكا، وبالتالي يحاولون صناعة بديل ثالث لرفع الراية ويحل المعادلة الصفرية.

- أفهم من كلامك أنكم لا تعولون على فكرة توحد ثوار يناير؟

نحن نمد أيدينا لكل تائب وعائد للصف الوطني بعدما يعلن توبته وأنه أخطأ وساهم وتسبب في الدماء، فلن نضع أيدينا أو نرحب بأحد ممن تورطوا في الدماء، أما من لم يتورط في الدماء وأعلن توبته وعودته للصف الوطني فأهلا به وسهلاً.

- وكيف يمكن إنجاح مثل هذه الدعوات؟

حينما يشارك ويثور الشعب كله، وهذا قد يحدث قريبا، فالجميع وقتها حتى الخانعون والخائفون سوف يشاركون أيضا، ونحن في كل الأحوال نشارك في التظاهرات والثورة، والشعب سيأتي الوقت الذي يثور فيه ويشارك معنا.

- كيف تنظر لمن يرفضون بشكل تام عودة محمد مرسى أو ما تسمى بالشرعية؟

هذا كلام غير شرعي وغير قانوني وغير سياسي وغير وطنى وغير محترم، فلا بد من عودة الرئيس الشرعى والمنتخب بعد الثورة مرة أخرى، ونحن نختلف مع هذا الرأى تماما، لكن من حق الآخرين أن يعبروا عن آرائهم، وبعد عودة الرئيس نطرح فكرة استمراره من عدمه، من خلال الاستفتاء مثلا، أو أن نترك له حرية الاستقالة أو تفويض صلاحياته أو شيء آخر. فلن نفرضه على من لا يريدونه، لكن وقتها سننظر فيما هو أفضل ونتخذه.

- ما موقفكم من الكيان الثوري الجديد الذي أعلن عن محاولات تدشينه الدكتور أيمن نور.. وهل حدث معكم تواصل بشأنه؟

نشدّد على أن قيادة الثورة تكون من الداخل وليس الخارج، وهذا ليس حكراً على التحالف، وعلى من يريد المشاركة في الثورة من الداخل فأهلاً وسهلاً به، لكننا اكتفينا من إدارة مصر من الخارج، فمصر لا بد أن تدار من الداخل.

- إذا لماذا باركتم تشكيل المجلس الثوري المصري في الخارج؟

لأنه قال إنه يمثل تجمعا سياسيا للمصريين في الخارج، وليس تحالفاً جديداً للعمل الثوري في الداخل. لكن الذي ليس له أرضية ويقول إنه يخطط للثورة ولقيادتها ومن الخارج ماذا يمكن تسميته؟ فالثورة لن تُقاد إلا من الداخل ومن هم يتحركون على الأرض، بدليل أن التحالف هناك كثير من القرارات لا يستطيع أن يتخذها، وهناك قرارات يضطر أن يتخذها، فالشارع هو من يرى القرارات المناسبة له.

- يُفهم من كلامك أنكم ترفضون بشكل ضمني هذا الكيان الثوري الجديد؟

نحن نرقب بعين الحذر هذه التحركات، خاصة أن الشارع قد يرفضها ونحن مع نبض الشارع، لأننا أبناء مصر ولسنا أبناء الخارج.

- كيف تنظر للخلاف الكبير بشأن مطلب عودة مرسي؟

الخلاف يجب أن يكون فى شرعية النظام الحالي من عدمه، وليس الخلاف حول شرعية محمد مرسى من عدمه، لأن هذا قلب للحقائق، فمن يعتبر نفسه من قوى المعارضة ويعترف بشرعية النظام الحالي فلا ينبغي الدخول في نقاش معه، لأنه جزء من منظومة النظام القائم.

- لماذا لم يحسم التحالف موقفه من الانتخابات البرلمانية حتى الآن؟

نحن خلال الاستفتاء على دستور الدم والانتخابات الرئاسية الباطلة أعلنا موقفنا قبل موعد إجرائهما بأيام قليلة، فقد تعودنا أن ننتظر الحدث قبل بدايته حتى نكون واقعيين، لأننا قد نعلن موقفنا بالمقاطعة والنظام قد لا يجرى هذه الانتخابات أصلا، وبالتالي سوف نعلن موقفنا من الانتخابات البرلمانية قبل إجرائها بأيام، إلا أن موقفي الشخصي هو مقاطعة الانتخابات، فنحن لن نشرعن هذا النظام، خاصة أننا نعلم أبعاد تفصيل الانتخابات.

- وكيف تنظرون للبرلمان المقبل؟

سيكون جزءا من منظومة الفساد، وتم تفصيل قانون الانتخابات حتى يتم إنجاح أشخاص بعينهم، ولن يكون به أي رقابة أو تشريع حقيقي، وسيكون أسوأ من برلمانات مبارك.

- وكيف تنظر للمبادرات التي تم طرحها سابقا لحل الأزمة سياسياً؟

نرحب بأي مبادرة وطنية مخلصة صادقة، وننتظر من القوى الوطنية أن تقدم الجديد، وأي شيء به مصلحة الوطن نرحب به ونمد أيدينا له فوراً، إلا أن تصورنا للخروج من الأزمة هو الثورة حتى إسقاط الانقلاب.

- بشكل واضح.. هل حدث أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع سلطة الانقلاب منذ 3 يوليو وحتى الآن؟

حدث تواصل غير مباشر من جهتهم، من أجل محاولة المناورة وخداع الثورة، ولم يفلحوا في هذا، ونحن لا نود الحديث عن الكثير من التفاصيل، لأنها أمور حساسة ونترك هذه الأمور للتاريخ ليكشف عنها يوم ما.

- ما مدى صحة ما تردد حول أن عماد عبد الغفور رئيس حزب الوطن ومساعد رئيس الجمهورية في عهد مرسي لعب دوراً بشأن التواصل بين التحالف وسلطة الانقلاب؟

كانت هناك محاولات لقيام د. عماد عبد الغفور بهذا الدور، لكن لم يكن هناك مجال لقبول بمثل هذه المحاولات، لأنها لم تكن جادة أو صادقة من الطرف الآخر، وعماد عبد الغفور باعتباره كان عضواً داخل التحالف قام بإيصال الرسائل التي تصله لمناقشتها داخل التحالف، وقد كات محاولات محدودة، وتم رفضها، لأنه لم يكن هناك صدق أو جدية من الطرف الآخر.

وهذا الدور قام به وحاول القيام به كثيرون (رفض تسميتهم)، لكن كان من الواضح أنها كانت محاولات لكسب الوقت ولإخماد الحراك ومحاولة لإجهاض التحالف، بينما الآن ليس هناك أي تواصل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولم يحدث أي تواصل مباشر إلا من خلال مبادرة الجماعة الإسلامية التى تم طرحها منذ فترة سابقة والتي أفسدها المجلس العسكري.

وكان هناك تواصل مباشر باعتبار أن الجماعة الإسلامية عضو بالتحالف إلا أنهم كانوا يمثلون الجماعة الإسلامية وليس التحالف، وقد جلسوا مع بعض أعضاء المجلس العسكرى، ولم يحدث تواصل بعد ذلك، ولم تتطور هذه المبادرة رغم أنها كانت مبادرة جيدة وجادة ومخلصة.

- كيف تنظر لمواقف المجتمع الدولي من الاعتراف بنظام السيسي؟

هذا النظام الانقلابي لم تعترف به كل الدول رغم أنه مُعترف به من قبل الهيمنة الغربية والأوروبية والصهيونية قبل أن ينقض على نظام محمد مرسي ويستولي على مقاليد حكم في البلاد، وإلا ما انقض على نظام مرسى، فهذه القوى هي المحركة له في الحقيقة وهي التي اعترفت به.

والدول بشكل عام لها مصالحها الخاصة بها، وإذا ما طال الأمد قد تضطر بعض الدول للاعتراف بالسيسى تحت وطأة المصالح والضغوط والمنافع الاقتصادية، وهذا أمر لا بأس به، ولو ما كنا نعول على هؤلاء لذهبنا إليهم وطلبنا منهم التدخل والمساعدة، إلا أننا لا نعول عليهم مطلقا، لأننا متأكدون أن من سيسقط النظام قوى الثورة المصرية في الداخل، وحينما يسقط النظام سوف تضطر نفس هذه الدول لعدم الاعتراف بشرعية نظام السيسي.

- ما هي خطة عمل التحالف مستقبلا والخطوات التي تعتزم اتخاذها؟

هناك محور إعادة هيكلة التحالف، وهو ما يتمثل في تشكيل لجان جديدة وتسمية مسئولين لها، وتتمثل فى إضافة شخصيات اعتبارية للتحالف أو ربما إضافة بعض الكيانات الجديدة، وأيضا تتمثل في تقعيل بعض الكيانات القديمة التي كانت جزءاً في التحالف لكنها لم تكن فاعلة، وهذا كله سيغلب طابع الشباب على إعادة الهيكلة وتدعيم التحالف بالقيادات الشابة.

وبالنسبة للمحور السياسي، نحن نراقب عن كثب جميع المبادرات الداخلية أو الخارجية والجهود والوساطات التي قد يكون فيها مصلحة الوطن فنمد لها أيدينا وندرسها جيداً، ونحن نوجه الشارع والخطاب السياسي للداخل والخارج من خلال بياناتنا، وهذا عمل سياسي قيم. والأمر الآخر يتمثل في الفعاليات التى يقوم بتنظيمها وإدراتها التحالف على أرض الواقع، وهذه الخطوات سيكون لها تأثير قوي في المستقبل القريب.

- وماذا عن العصيان المدني؟

كل الخيارات الثورية السلمية متاحة ومطروحة للنقاش، لكن لم نأخذ قرارا بشأنه حتى الآن.

- هل يتم إطلاق موجة ثورية جديدة أو يحدث تطوير للرؤية الاستراتيجية الخاصة بالتحالف؟

يتم إطلاق الموجات الثورية فى فترات معينة، وإن شاء الله سيكون هناك مفاجآت قريبة جداً على أرض الواقع تتسم بالسلمية والإبداع والاستمرار، وحتى الآن نحن ملتزمون بالرؤية الاستراتيجية التي أعلن عنها التحالف سابقاً ولم يتم تغييرها، وإذا ما حدث تغيير سوف نعلن عن ذلك.

- ما هي آلية التواصل وانعقاد اجتماعات التحالف؟

الاجتماعات والتواصل مستمر بشكل دائم، أما عن تفاصيل ذلك بشأن مكان الاجتماعات ومواعيده، فهذا شيء داخلي لا يمكن الإفصاح عنه، والتنسيق السياسي والميداني مستمر بشكل دائم وجيد، والبيانات يجرى إعدادها بالشورى وبشكل دوري.

- كيف يمكن الخروج من الأزمة؟

لا بد أن يعود الحق لأصحابه بالقصاص والثأر من الظالمين، وأن يتنحى نظام الانقلاب عن مصر بعدما جثم عليها، من خلال استمرار الثورة وتصاعدها حتى يقتنع جموع الشعب بأن الآلة العسكرية تقمعه وتسحق حريته وكرامته، وحينها سيشارك الشعب كله في الثورة، والشعب حتما سيشارك في المرحلة القليلة المقبلة.

- ما هي توقعاتكم لما ستؤول إليه الأوضاع خلال الأيام القادمة؟

أتوقع أن يتصاعد الحراك الثورى الشعبي والطلابي إلى أن نصل إلى ثورة عارمة في كل ميادين وشوارع مصر قريبا، خاصة مع اضطرار النظام لمزيد من القمع، لأنه كلما يفشل يلجأ إلى مزيد من الإجراءات الاقتصادية المتشددة ومزيد من القمع.