ملفات وتقارير

خبير سدود يكشف لـ"عربي21": سد النهضة يهدد مستقبل مصر في هذه الحالة

الخبير قال إن تشغيل التوربينات بالتناوب هو النموذج العادل- جيتي
الخبير قال إن تشغيل التوربينات بالتناوب هو النموذج العادل- جيتي
حذر خبير في السدود المائية من تأثر حصة مصر من مياه النيل مستقبلا، في أعقاب تدشين إثيوبيا سد النهضة، مؤكدا أن التأثيرات الحالية محدود بالنظر إلى التطورات في السودان، واستمرار الصراع المسلح فيها، مع عدم قدرتها على تشغيل السدود بكفاءة لتخزين المياه.

وبعد سنوات من الجدل والصراعات الإقليمية، دشنت إثيوبيا رسميا سد النهضة المشروع المائي الأضخم في القارة الإفريقية، بإعلان تشغيل كافة توربيناته لإنتاج الكهرباء بطاقة تصل إلى 4000 ميغاواط/ساعة.

ويعتبر السد أبرز نقاط الخلاف بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، إذ تخشى مصر من تهديد حصتها التاريخية من مياه النيل، بينما ترى فيه إثيوبيا مشروعا قوميا يضعها على خريطة التنمية.

وقد رافق مسار بناء السد، منذ وضع حجر أساسه عام 2011، سلسلة من الأزمات السياسية والتوترات الدبلوماسية بين الدول الثلاث، وصلت إلى حد التهديد العسكري في بعض الفترات.

كما شهد الملف جولات تفاوضية متعثرة برعاية الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، دون التوصل إلى اتفاق ملزم لإدارة السد وتشغيله، وظلت القاهرة تصف المشروع بأنه "تهديد وجودي"، فيما اعتبرت الخرطوم أن عدم التنسيق في تشغيل السد قد يعرض سدودها ومواطنيها للخطر المباشر.

وغاب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي عن مراسم الافتتاح، وكذلك غاب أي حضور سوداني رغم تأكيد الحكومة الأثيوبية على تقديم الدعوة للحكومتين، ومع ذلك نفت وسائل إعلام محلية أن تشغيل كافة التوربينات في سد النهضة خلال يوم الافتتاح، ما يقلل من المخاطر على حصة مصر والسودان من المياه أو ما يكذب التصريحات الإثيوبية.


وفي تصريحات خاصة، لـ "عربي21" أوضح الخبير في هندسة السدود، الدكتور محمد حافظ، أن ما أُعلن في الافتتاح من تشغيل جميع التوربينات صحيح، خلافًا "لما روجت له بعض وسائل الإعلام المصرية.

وقال حافظ إن "البيانات سجلت عند لحظة الافتتاح إنتاجا يصل إلى 4000 ميغاواط/ساعة، وتشغيل 13 توربينًا كانت تعمل بكفاءة طبيعية"، لكنه أشار إلى أن النموذج التشغيلي الأمثل لا يقوم على تشغيل كافة التوربينات في وقت واحد، بل بالتناوب بنظام "الورديات" لتفادي استنزاف بحيرة السد خلال فترة وجيزة، وأن ما يتم ترويجه أن كنظام تشغيلي خاطئ بالعكس هو النموذج التشغيلي الطبيعي.

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف الخبير أن "التشغيل بالتناوب هو النموذج العادل الذي يضمن لإثيوبيا توليد الكهرباء على مدار العام، ويحافظ في الوقت نفسه على مستوى المياه في البحيرة"، لافتًا إلى أن التصريف الطبيعي الحالي عبر التوربينات والبوابات السفلية يصل إلى نحو 450 مليون متر مكعب يوميًا، وهو ما يبقي الوضع مستقرا أمام سد الروصيرص في السودان، الذي تصل طاقته الاستيعابية القصوى إلى 500 مليون متر مكعب.

ماذا ينتظر مصر؟
وفي ما يخص التداعيات المباشرة على مصر، يرى حافظ أن الوضع الراهن لا يشير إلى تأثيرات كبيرة على تدفق المياه، مرجعًا ذلك إلى ظروف استثنائية مرتبطة بالسودان.

وقال: "الحرب الدائرة في السودان عطلت قدرة الخرطوم على تخزين المياه أو تشغيل سدودها بكفاءة، ما جعل الحصة المائية تصل إلى مصر دون عوائق".

وأضاف أن مصر تستفيد من تراجع القدرات السودانية في تشغيل محطاتها، إذ يتراوح التدفق الواصل إلى محطة توشكى بين 50 و250 مليون متر مكعب يوميًا.

اظهار أخبار متعلقة


وحذر حافظ من أن الوضع قد يتغير مستقبلاً مع استقرار السودان وإعادة تشغيل سدوده، أو في حال تشييد إثيوبيا سدودًا إضافية، كما لفت إلى أن "أي تغييرات سياسية، مثل احتمال انقسام السودان أو تعزيز سيطرة بعض القوى على السدود، قد تجعل القاهرة أمام تحديات مائية حقيقية".

واختتم الخبير بالتأكيد على أن التحديات المائية لمصر ليست آنية بقدر ما هي مستقبلية، مشيرًا إلى أن إدارة إثيوبيا للتدفق الطبيعي للنيل الأزرق ستبقى العامل الحاسم في تحديد حجم التأثير على مصر والسودان خلال السنوات المقبلة.
التعليقات (0)