كتاب عربي 21

تهريب النفط والوقود في ليبيا وخطورته على البلاد

السنوسي بسيكري
لا شك أن هناك تناغما بين الفوضى والانقسام في البلاد وبين نشاط تهريب النفط والوقود، ومع اشتداد الانقسام يشتد الضغط على موارد البلاد وتوظيفها لتعزيز الموقف وتقوية النفوذ.. الأناضول
لا شك أن هناك تناغما بين الفوضى والانقسام في البلاد وبين نشاط تهريب النفط والوقود، ومع اشتداد الانقسام يشتد الضغط على موارد البلاد وتوظيفها لتعزيز الموقف وتقوية النفوذ.. الأناضول
لم يكشف تقرير مجلة فورون بولسي Foreign Policy الشهيرة جديدا بخصوص نشاط تهريب النفط والوقود وما يشكله من مخاطر على الاقتصاد الوطني وعلى قوت الليبيين، وتكمن أهمية تقرير المجلة كونه صادر عن مؤسسة لها مكانتها في عالم السياسة والإعلام دوليا.

والحقيقة أن تهريب الخام والوقود تفاقم بشكل كبير مؤخراً حتى شكل نزيفا خطيرا ينال كل يوم من عافية قطاع النفط ومن لحوم ودماء المواطنين، فالنفط يشكل المصدر الرئيسي للدخل وأي خطر يواجهه يعني خطرا مباشرا على عيش المواطنين، وتكشف عديد المصادر أن الشريحة الواقعة تحت خط الفقر من الليبيين في زيادة مستمرة وقد تصل إلى نحو 40% من السكان.

تقرير الفورون بولسي تحدث عن مسؤولية قيادات عسكرية عليا، خاصة في الشرق، عن الاتساع المخيف في تهريب الخام والوقود، وهو ما توافقها عليه تقرير دولية معتبرة مثل تقارير الأمم المتحدة وتقارير منظمات دولية مختصة، هذا بالإضافة إلى تحقيقات صحفية من جهات حاضرة بقوة في عالم الصحافة عالميا.

صحيفة الغارديان نقلت عن مصادر موثوقة ان ما تم تهريبه من وقود خلال العامين 2022-2024م بلغ نحو 20 مليار دولار أمريكي، وأن التهريب شهد حيوية بدرجة كبيرة منذ العام 2022م، خاصة بعد التغيير في رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، وأن استيراد الوقود ارتفع بمقدار الضعف خلال نفس الفترة رغم عدم تسجيل زيادة مكافئة في الاستهلاك المحلي، وبحسب تقرير الغارديان فإن نصف ما يتم استيراده من وقود يتم تهريبه.

توسع نشاط تهريب النفط والوقود بات يقض مضجع دوائر دولية فاعلة، حتى أن حديثا عن تدخل خارجي بشكل من الأشكال بات ضروريا وملحا، وتحدث تقرير الغارديان عن الحاجة إلى رقابة دولية على النفط والوقود الليبيين، وكان صندوق النقد الدولي قد اقترح خطة لمواجهة المخاطر التي يواجهها قطاع النفط الليبي وملف دعم المحروقات والتهريب، ومن ذلك تشكيل لجنة دولية لبحث حجم الاحتياجات المحلية من الوقود والنظر في أسعاره لمجابهة التهريب.
مؤسسة سنتري Sentry الدولية المختصة في التحقيقات وكشف الفساد ذكرت ان ما قيمته 6.7 مليار دولار من الوقود تم تهريبه خلال العام 2024م، وهو ما يكافئ ثلاث أضعاف نفقات قطاعي الصحة والتعليم مجتمعين.

هناك توافق بين مختلف الجهات الدولية حول تورط القيادات العليا في التهريب، وأن هناك رابطا مباشرا بين تلك القيادات والجهاز البيروقراطي والنقاط اللوجستية ونقاط التفتيش ومحطات التوزيع، وأكثر من ذلك تؤكد مؤسسة سنتري أن هناك ارتباطاً بين المسؤولين الكبار وشبكات التهريب الإجرامية. وبحسب سنتري فإن الوقود الليبي يلهب الحرب في السودان، وهذا بعد آخر في مخاطر تهريب الوقود.

توسع نشاط تهريب النفط والوقود بات يقض مضجع دوائر دولية فاعلة، حتى أن حديثا عن تدخل خارجي بشكل من الأشكال بات ضروريا وملحا، وتحدث تقرير الغارديان عن الحاجة إلى رقابة دولية على النفط والوقود الليبيين، وكان صندوق النقد الدولي قد اقترح خطة لمواجهة المخاطر التي يواجهها قطاع النفط الليبي وملف دعم المحروقات والتهريب، ومن ذلك تشكيل لجنة دولية لبحث حجم الاحتياجات المحلية من الوقود والنظر في أسعاره لمجابهة التهريب.

ولا شك أن هناك تناغما بين الفوضى والانقسام في البلاد وبين نشاط تهريب النفط والوقود، ومع اشتداد الانقسام يشتد الضغط على موارد البلاد وتوظيفها لتعزيز الموقف وتقوية النفوذ، ولقد تطور النفوذ العسكري والسياسي لجبهة الشرق مع تعزيز قدراتها المالية من خلال دخولها على خط قطاع النفط وتوابعه، وبالتالي فإن استمرار الانقسام والصراع على الموارد سيقود إلى وضع كارثي اقتصاديا وقد يفسح المجال لتدخل خارجي بحجة حماية الثروة الليبية.
التعليقات (0)

خبر عاجل