صحافة دولية

تقرير: مسؤولون ليبيون كبار يقودون شبكة لتهريب الوقود بدعم خارجي

“سينتري”: كبار السياسيين وقادة الأمن في ليبيا يديرون صناعة التهريب.. والغرب مطالب بالتحقيق - جيتي
“سينتري”: كبار السياسيين وقادة الأمن في ليبيا يديرون صناعة التهريب.. والغرب مطالب بالتحقيق - جيتي
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا من إعداد المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن التهريب المدعوم من الدولة للنفط كلف ليبيا 20 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

وهو مبلغ مقلق يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة وفرض عقوبات ضد المسؤولين المتورطين في عمليات التهريب. وأشار وينتور إلى تقرير نشرته منظمة التحقيقات الإستقصائية في السياسات "سينتري" الذي يقول إن: "السياسيين وقادة الأمن الذين يدعون خدمة الشعب ومحاربة الجريمة المنظمة، هم في الواقع المهندسون الرئيسيون لصناعة تهريب الوقود في ليبيا، وغالبا بدعم من دول أجنبية". 

كما تم تهريب بعض الوقود المستورد إلى السودان، حيث أطال أمد الحرب الأهلية في ذلك البلد. وتدعو منظمة "سينتري" إلى إجراء تحقيق مدعوم من الغرب في نشاطات مسؤولي النفط الليبيين المعروفين والمتورطين في مشروع تهريب الوقود، وإلى مساعدة دولية لضمان قيام هيئات التحقيق الليبية بتحديد هوية من سرقوا أموال الشعب الليبي. 

وأضافت الصحيفة أن  تهريب الوقود ظل مشكلة قائمة في ليبيا، لكن التقرير يزعم أن المبالغ المعنية ارتفعت بشكل حاد بعد عام 2022 بعد تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، وهي إحدى الهيئات الحكومية القليلة التي تمتد بين الشرق والغرب والتي أنشأت فعليا حكومتين منذ سقوط معمر القذافي عام 2011. 

وقد أدخلت المؤسسة الوطنية للنفط نظاما يتم بموجبه مبادلة النفط الخام الليبي الوفير بالوقود المكرر المستورد، والذي بدلا من استهلاكه في السوق الليبية بأسعار مدعومة، يعاد بيعه في الخارج بأرباحٍ طائلة. 

وبحلول أواخر عام 2024، ارتفعت واردات المؤسسة الوطنية للنفط من الوقود من حوالي 20.4 مليون لتر يوميا في أوائل عام 2021 إلى ذروة تجاوزت 41 مليون لترا يوميا  في أواخر عام 2024. 

وتضيف الصحيفة أنه لا يمكن لأي ارتفاع حقيقي في الطلب المحلي على البنزين المكرر أن يبرر مثل هذه الزيادة الكبيرة، حيث يزعم تقرير سينتري أن أكثر من نصف البنزين المكرر المستورد قد باعته شبكات إجرامية لتحقيق ربح خاص، في وقت لا تزال فيه ليبيا تعاني من ضعف القدرة المحلية على تكرير النفط.

وتشير تقديرات سينتري إلى تهريب وقود بقيمة تزيد عن 6.7 مليار دولار خارج البلاد في عام 2024 وحده، وهو ما يكفي ليبيا لمضاعفة إنفاقها على الرعاية الصحية والتعليم بأكثر من ثلاثة أضعاف. 

ويزعم التقرير: "نظرا لحجمه الهائل، لم يعد من الممكن تصوير تهريب الوقود على أنه مجرد نتيجة ثانوية لضعف الحكم. ففي عام 2021، تبناه كبار حكام ليبيا فعليا كجزء من استراتيجية منهجية أوسع نطاقا لاستنزاف ثروات هائلة من السكان". 

اظهار أخبار متعلقة


وتضيف "دبر اللصوص وشبكات الجريمة المنظمة، بالتعاون مع المسؤولين الفاسدين الذين يمارسون نفوذا على بيروقراطية الدولة والمراكز اللوجستية ونقاط التوزيع والطرق والمعابر الحدودية، عمليات زيادة هائلة في التصدير غير القانوني للوقود المدعوم. وتشمل الجهات السودان وتشاد والنيجر وتونس وألبانيا ومالطا وإيطاليا وتركيا".  

كما و"تشمل طرق النقل فئات مختلفة من السفن وشاحنات الصهاريج والمركبات الأصغر، وحتى خطوط أنابيب تابعة لجماعات مارقة، حسب السياق الجغرافي والظروف الخاصة لنموذج العمل.  ويتسبب تصدير الوقود غير القانوني هذا في نقص محلي، مما يجبر المواطنين على دفع أسعار أعلى بكثير في منافذ غير رسمية، وخاصة في المناطق الواقعة في أطراف ليبيا".

ويزعم التقرير أن التهريب لم يحرم البنك المركزي الليبي من عائدات الدولار الحيوية فحسب، بل قوض أيضا نزاهة المؤسسة الوطنية للنفط، التي تمثل صادراتها من الهيدروكربونات جميع دخل ليبيا تقريبا.

وأضاف التقرير أن الزيادة الهائلة في واردات الوقود حدثت خلال رئاسة فرحات بن قدارة للمؤسسة الوطنية للنفط الذي ترك منصبه في  كانون الثاني/يناير بعد 30 شهرا من توليه المسؤولية.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أنها تخلت عن نظام المبادلة في آذار/مارس الماضي٬ وانخفضت جودة الوقود المستورد من  كانون الثاني/ يناير إلى أيلول/ سبتمبر الماضي٬ بنسبة 8٪ مقارنة بالعام السابق. لكن الخبراء يقولون إن ليبيا لا تزال تستورد وقودا أكثر بكثير مما قد تحتاجه.

ونقلت منظمة "سينتري" عن بن قدارة قوله إن المؤسسة الوطنية للنفط،  حافظت خلال فترة ولايته، على شفافيتها وروح المبادرة في تعاونها مع المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية. 
التعليقات (0)