يستعيد الإسرائيليون مع اقتراب الذكرى الثانية لهجوم الطوفان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تفاصيل اليوم الذي شكّل صفعة موجعة لهم دفعوا ثمنها دماء وخسائر فادحة، ويخشون اليوم، بعد مرور عامين، أن يعجزوا عن النهوض مجددا، لا بسبب فقدان القوة العسكرية، بل نتيجة فساد القيادة، وغياب المسؤولية، وسوء إدارتها.
وذكر شمعون شاباس، المستشار السياسي ومدير عام مكتب رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، أن "في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، تغيرت حياتي إلى الأبد، وكذلك حياة جيلي بأكمله، لأن تلك الحرب جاءت مثل صفعة مدوية على وجه الدولة بعد نشوة حرب 1967، ونتيجة لها دفعنا ثمنا غاليا: آلاف الجنود لم يعودوا منها، وكثيرون عادوا لكنهم ليسوا كما كانوا".
ولفت إلى أنه "لم ينجُ شارع واحد في الدولة من الأذى: 2600 قتيل، و7500 جريح، وعشرات آلاف الجرحى في الحياة، وهو ثمن باهظ دفعه المجتمع بسبب العمى والغطرسة والحماقة السياسية وسوء التقدير الذي قارب انعدام القانون"،
وأضاف شاباس في مقال نشره في
موقع ويللا وترجمته "عربي21" أن "هذه الخسارة الفادحة لم تكن قضاء مقضيا، لم تكن زلزالا أو ثورانا بركانيا أو ضربة نيزك، بل كانت فشلا ذريعا ناتجا عن إيمان أعمى بمفهوم، وعدم رغبة بالتصرف، وكل من كان مسؤولا عن هذا الفشل دفع ثمنه، غولدا مائير وموشيه ديان غادرا المشهد، وبعد أربع سنوات دفع حزب العمل الذي بنى الدولة وقادها الثمن السياسي وأُرسل إلى المعارضة".
وأشار إلى أن "إسرائيل وأبناء جيلها آنذاك تُركوا جميعا مع ندوب باقية حتى اليوم، عقود من صدمة ما بعد الصدمة، وليالٍ بلا نوم وقلق، دفعوا الثمن بقلوب مثقلة. ومع انطلاق هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد مرور 50 عاما ويوم واحد، وما بدا لنا وكأنه فشل تاريخي نتيجة عجز وعمى غير مسبوقين، تضاءل أمام كارثة السابع من أكتوبر. لكنها ليست كارثة، فالكارثة تحدث من تلقاء نفسها، عن طريق الخطأ، أو من قبل قوة عليا".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "السابع من أكتوبر 2023، على عكس السادس من أكتوبر 1973، هو نتيجة لفوضى متعمدة، سنوات من التحذيرات والصراخ والتوسلات في مواجهة ديكتاتور في طور الصنع، أعمى، ثمل بالسلطة، غير مسؤول، أسوأ زعيم لليهود منذ تدمير الهيكل قبل ألفي عام. وقد دفع ألفا يهودي حياتهم ثمنا لعدم كفاءة وعمى بنيامين نتنياهو ومجموعته، عشرات الآلاف يمشون مصابين في أجسادهم وعقولهم، دولة بأكملها تعاني من صدمة نفسية، ومئات آلاف الأطفال سيعيشون معها للأبد".
وأكد شاباس: "أخشى أننا لن نتمكن من النهوض من حرب السابع من أكتوبر، ليس لأن الإسرائيليين فقدوا القدرة، بل على العكس، فقد أظهروا تصميما أكبر بكثير من قادتهم الفاشلين، لكن لأن قيادتنا فاسدة وغير مسؤولة، وقبل كل شيء خبيثة، قيادة مستعدة للتضحية بمواطنيها من أجل البقاء في السلطة، حتى لو لم تتبقَّ دولة. واليوم بسبب هذه الحكومة يصبح الأمر أصعب بكثير لمواجهة حماس، لأننا لا نملك الأدوات اللازمة، بل إن أوراق المساومة في أيدي الوزراء المجانين".
وأضاف أن "الحكومة ووزراءها يرون أنفسهم يخوضون حربا لا نهاية لها مع العالم كله، لتحقيق رؤيتهم المسيحانية. يؤمنون إيمانا صادقا بأن هذه هي أيام المسيح المخلص. بعد أن هدمت حرب 1973 الثقة بالقيادة القديمة ومهدت الطريق لانقلاب سياسي أوصل مناحيم بيغن للسلطة، فإن السابع من أكتوبر 2023 هدم الثقة بالدولة نفسها، ثقة الإسرائيليين بالحكومة والجيش وبأنفسهم. هذه ليست صدمة ما بعد الصدمة، بل تفكك، والنتيجة أننا نرى أبناءنا يفرّون من الدولة، وفي الأفق يقترب الدمار".
وختمت قراءة شاباس، بحسب ويللا، أن ما تبقى للإسرائيليين اليوم "رصاصة واحدة في فوهة البندقية، خطوة أخيرة قبل ضياع ما يحاولون إنقاذه من الدولة، في ظل حكومة حولت الشرطة إلى ميليشيا خاصة، وتسببت بالتحريض والانقسام والصراع الداخلي، مما يجعل خيار طردها حتميا، وإلا فإن ندوب السابع من أكتوبر ستبقى تلاحقهم حتى إشعار آخر".