سارع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، إلى حشد الجهات الدولية المعنية لإنشاء هيئة تحكم قطاع
غزة، والتوافق على اسمها، إلى حين انتقالها إلى السلطة
الفلسطينية، وذلك بعد تلقيه تفويضًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
جيكوب ماغيد، مراسل موقع "
زمان إسرائيل"، حصل على ما قال إنها مسودة
خطة بلير لليوم التالي في غزة، ناقلا عن "أربعة مصادر مطلعة عليها أن ترامب فوّضه بصياغتها في الأشهر الأولى من
الحرب قبل عامين تقريبا، واصفًا إياها بـ"خطة لما بعد الحرب"، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تطويرا للمقترح إلى خطة تهدف لإنهاء الحرب فعليًا، بعد أن خلصت واشنطن إلى أن اتفاق الأطراف الرئيسية على من سيخلف حماس في غزة شرط أساسي لتحقيق وقف إطلاق نار دائم واتفاق لإطلاق سراح المحتجزين".
اجتماع آب/ أغسطس في البيت الأبيض
وأضاف في تقرير مطول ترجمته "عربي21" أن "بلير شارك في اجتماع سياسي في البيت الأبيض أواخر آب/ أغسطس حول الموضوع، دون نشر تفاصيل مقترحه حتى الآن، والذي يسعى لإنشاء "السلطة الدولية المؤقتة في غزة" (GITA) بجانب سلسلة من الهياكل الثانوية، وربطت تقارير سابقة خطته بمحاولات تهدف لاقتلاع الفلسطينيين من غزة، أو إقامة "ريفييرا ترامب" فيها".
وأوضح أنه "من الناحية العملية، لا يُشير اقتراح بلير إلى مثل هذه الأفكار، بل يتضمن إنشاء وحدة لحقوق الملكية، لضمان ألا يؤثر أي رحيل طوعي لسكان غزة على حقهم بالعودة إليها، أو الاحتفاظ بملكية ممتلكاتهم".
ونقل عن مصدر مُشارك في مناقشات الخطة أننا "لا نخطط لإخراج سكان غزة منها، غزة لأهلها"، بعكس ما روّجت خطط أخرى لإدارة ترامب، قدمتها شخصيات مُقربة من رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية، والمستشار المُقرب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ممن شاركوا بإنشاء صندوق غزة الإنساني (GHF) وشركة بوسطن الاستشارية (BCG)، لفكرة مساعدة أو تشجيع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "ترامب نفسه، الذي شرّع الفكرة لأول مرة في شباط/ فبراير، عندما أعلن عن خطته للسيطرة على غزة، ونقل جميع سكانها بشكل دائم، نأى بنفسه عنها منذ ذلك الحين".
وأكد أنه "خلال اجتماعٍ سياسيٍّ عُقد في البيت الأبيض في آب/ أغسطس، أوضح ترامب أنه اختار خطة بلير، رغم أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لم يكن على علمٍ بهذا القرار، نظرًا لإعلانه قبل ساعات أن غزة تُمثل ثروةً عقاريةً طائلةً، وأنه يُجري محادثاتٍ مع واشنطن بشأن تقسيم القطاع بعد الحرب، مع العلم أن اجتماع آب/ أغسطس في واشنطن شارك فيه صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي يُواصل تقديم المشورة بانتظام للمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف".
اليوم التالي في غزة
وأوضح أنه "نظرًا لمحدودية عدد موظفي المبعوث الخاص، فقد ساعد كوشنر في صياغة خططٍ لليوم التالي في غزة، وتُعتبر بشكلٍ متزايدٍ حاسمةً للتوصل لصفقةٍ لإطلاق سراح المجتجزين تُنهي الحرب، مع أنه في الربيع الماضي تعاقد كوشنر مع معهد التغيير العالمي (TBI) التابع لبلير، وعمل على هذه القضية بفضل علاقاته بقادة إسرائيليين وفلسطينيين وعرب، حيث بدأ اتصالات منتظمة مع كبار مسؤولي إدارة ترامب، مُطلعًا إياهم على تقدمه، والتقى بقادة من جميع أنحاء المنطقة، وبدأ في وضع تفاصيل خطته".
دبلوماسي عربي أبلغ المراسل أن "بلير التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في حزيران/ يوليو، عقب ضغوط من دول الخليج على رام الله للمشاركة في المبادرة، التي أعربت عن رغبتها في الإشراف المباشر على مجلس الحكم في غزة بعد الحرب".
وأضاف أنه "رغم أن خطة بلير لم تحقق للسلطة الفلسطينية هذا الهدف، لكنها تشارك بشكل بناء في الخطة، حيث تُحدد الخطة إصلاحات مهمة يتعين عليها إجراؤها، وتقتصر مشاركتها بشكل أساسي على مسائل التنسيق، ومع ذلك، يُذكر اسمها صراحةً في جميع أجزاء الخطة، التي تصف التوحيد النهائي لجميع الأراضي الفلسطينية تحت سلطتها، وهو تطور يسعى نتنياهو جاهدًا لمنعه".
واستدرك بالقول أن "الاحتلال يشارك في جهود بلير، كما أن ترامب أعجب بمبادرته، وطلب منه إشراك ولي العهد محمد بن سلمان بها، لأن السعودية من أهم اللاعبين في إعادة الإعمار بعد الحرب، ولديها نفوذ كافٍ لتعبئة بقية دول المنطقة، وفي حين منح ترامب بلير موافقته، فقد منحه مهلة أسبوعين لحشد الدعم الإقليمي للخطة، وقد انقضى هذا الموعد النهائي بالفعل، لكنه جدول زمني غالبًا ما يستخدمه ترامب دون الالتزام به".
اظهار أخبار متعلقة
ضربات إسرائيلية ضد الخطة
وأكد أن "جهود بلير تعرضت لضربة أخرى عندما أعلنت الولايات المتحدة حظر التأشيرات ضد كبار مسؤولين السلطة الفلسطينية لدخول بلاده، مما تسبب بتأخير بعض اجتماعاته مع كبار المسؤولين الخليجيين، الذين لم يرغبوا بأن يُنظر إليهم على أنهم داعمون ماليون فقط".
وأوضح أن "ما أضرّ بجهود بلير أكثر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قادة حماس في الدوحة، بالتزامن مع إجرائه محادثات مع مصر وقطر لإقناع حماس بعدم عرقلة الخطة، ورغم تهميشها مؤقتًا بسبب الغارة، لكن المحادثات استؤنفت منذ ذلك الحين، بزعم أنه يسعى لتحييد حماس بوسائل غير عسكرية، من خلال نزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج".
وأشار إلى أن "وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أشار لهذه الفكرة عندما قال في مؤتمر صحفي مع نتنياهو إن حماس لا يمكن أن تستمر ككيان مسلح، بعكس تصريحات الأخير التي صوّرتها على أنها لا تستطيع الوجود أصلاً، مع العلم أن بلير يواجه مهمة صعبة في حشد الرياض والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى التي تشترط دعمها للخطة، بما في ذلك إيجاد مسار لا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، وهو أمر يرفضه نتنياهو منذ سنوات".
ونقل عن دبلوماسي عربي أن "هذا المسار أمامه إطار زمني قصير، نحن لا نتحدث عن أشهر أو أسابيع. لدينا أيام، لأن اقتراح بلير بإنشاء تلك السلطة المؤقتة يأتي من خلال قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتكون بمثابة السلطة السياسية والقانونية العليا في غزة خلال الفترة الانتقالية، وفقًا لمسودة مُسبقة من الخطة".
وكشف أنه "سيكون لهذه السلطة المؤقتة في غزة مجلس إدارة يتألف من 7-10 أعضاء، بينهم ممثل فلسطيني مؤهل واحد على الأقل، ربما من قطاع الأعمال أو الأمن؛ ومسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة، وشخصيات دولية بارزة ذات خبرة إدارية أو مالية، وتمثيل قوي لأعضاء من دول إسلامية لتعزيز الشرعية الإقليمية والمصداقية".
وكشف أن "هذا المجلس سيُكلَّف باتخاذ قرارات مُلزمة، والموافقة على التشريعات والتعيينات، وتوفير التوجيه الاستراتيجي، وتقديم التقارير لمجلس الأمن، وتعيين رئيسه بتوافق دولي وبموافقة مجلس الأمن، وسيقود الاتصالات الخارجية والدبلوماسية، ويحدد التوجه السياسي للمنظمة، وينسق بشكل وثيق مع السلطة الفلسطينية، وسيكون له مكتب دعم يصل عدده 25 موظفًا يعملون في الأمانة الاستراتيجية، بجانب إنشاء وحدة حماية تنفيذية "تضم قوة نخبة من المانحين العرب والدوليين".
اظهار أخبار متعلقة
دور السلطة الفلسطينية
وأضاف أن "السكرتارية التنفيذية لهذه السلطة تعمل تحت إشراف هذه السلطة، وتكون بمثابة مركزها الإداري والذراع التنفيذي، مع الإشراف المباشر على السلطة التنفيذية الفلسطينية، ويُطلق عليها غالبًا لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين المستقلين، المسؤولة عن إدارة غزة بعد الحرب، وسيرفع خمسة مفوضين تقاريرهم للسكرتارية التنفيذية المشرفة على مجالات رئيسية للحكم في غزة: الشؤون الإنسانية، وإعادة الإعمار، والتشريع والشؤون القانونية، والأمن، والتنسيق مع السلطة الفلسطينية".
وأشار إلى أنه "إضافة للشرطة المدنية، سيتم إنشاء "قوة استقرار دولية" (ISF)، وهي قوة أمنية متعددة الجنسيات ذات تفويض دولي، تُنشأ لتوفير الاستقرار الاستراتيجي والحماية العملياتية في غزة خلال الفترة الانتقالية، تضمن سلامة الحدود، وتمنع عودة الجماعات المسلحة، وتحمي العمليات الإنسانية وإعادة الإعمار، وتدعم إنفاذ القانون المحلي من خلال التنسيق، وليس الاستبدال، فيما تنفذ قوات الاحتلال عمليات محددة الأهداف لمنع عودة الجماعات المسلحة، وتعطيل تهريب الأسلحة".
وأوضحت أن "تكاليف ميزانية عمل هذه السلطة المؤقتة ستتوسع سنويًا مع بدء عملها تدريجيًا في جميع أنحاء القطاع، بحيث تكون ميزانية السنة الأولى 90 مليون دولار، والثانية 135 مليون دولار، والثالثة 164 مليون دولار، لكن التقديرات لا تزال منخفضة".