ملفات وتقارير

مواجهة بين حرية البحث والهوية الوطنية في الجزائر.. محاكمة أكاديمي بسبب آرائه

تسلط القضية الضوء على التوازن الدقيق بين حرية التعبير وحماية الوحدة الوطنية في الجزائر، وتضع المحكمة أمام اختبار لإثبات التزامها بالقوانين الوطنية والدستور فيما يتعلق بحرية الرأي..
تسلط القضية الضوء على التوازن الدقيق بين حرية التعبير وحماية الوحدة الوطنية في الجزائر، وتضع المحكمة أمام اختبار لإثبات التزامها بالقوانين الوطنية والدستور فيما يتعلق بحرية الرأي..
أعلن محامي الباحث الجزائري في التاريخ محمد الأمين بلغيث، توفيق هيشور، عبر حسابه على "فيسبوك" اليوم الثلاثاء، أن مجلس قضاء الجزائر قرر تأجيل محاكمة موكله إلى التاسع من سبتمبر المقبل، بعد استئنافه للحكم الابتدائي الصادر عن محكمة الدار البيضاء بالعاصمة، والذي قضى بسجنه 5 سنوات نافذة.

وتأتي هذه الخطوة وسط جدل واسع حول تصريحات بلغيث، التي أدلى بها لقناة "سكاي نيوز عربية" في 1 مايو/ أيار 2025، حين وصف الأمازيغية بأنها "صنيعة صهيو ـ فرنسية"، ما أدى إلى إيداعه الحبس المؤقت في 3 مايو، ووجهت له تهم تشمل: "القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية بواسطة عمل غرضه الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية"، و"المساس بسلامة وحدة الوطن"، و"نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال".

تثير القضية نقاشاً واسعاً حول حدود حرية التعبير والبحث الأكاديمي في الجزائر، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الهوية الوطنية والتاريخ الثقافي للأمازيغية. ويرى بعض المراقبين أن محاكمة الباحث قد تمثل اختباراً حقيقياً لمدى تقبل الدولة للنقد العلمي والنقاش الأكاديمي الحر، بينما يعتبر آخرون أن تصريحات بلغيث تتعدى حدود حرية الرأي إلى المساس بالوحدة الوطنية، ما يجعل القضية ذات بعد سياسي وثقافي حساس.

الجدل حول تصريحات بلغيث يسلط الضوء على التوتر المستمر بين البحث الأكاديمي والهوية الوطنية في الجزائر، حيث تمثل قضية الأمازيغية محوراً مركزياً في النقاش الثقافي والسياسي منذ استقلال البلاد. يحذر بعض الأكاديميين من أن قمع الآراء التاريخية قد يضعف البيئة الأكاديمية ويقوض النقاش الحر، بينما يرى آخرون أن تصريحات من هذا النوع يمكن أن تُفهم على أنها مسيئة للهوية الوطنية وتثير الانقسامات المجتمعية.

وتظهر القضية كذلك أهمية تطوير إطار قانوني يسمح بحرية البحث الأكاديمي مع ضمان احترام الرموز الوطنية، وهو تحدٍ تواجهه العديد من الدول التي تجمع بين تنوع ثقافي واسع وحرية التعبير المحدودة قانونياً.

تفاعل مع القضية عدد من الأكاديميين والصحفيين الجزائريين والدوليين، مؤكدين على أهمية الحفاظ على حرية البحث والنقد العلمي، وضرورة التمييز بين النقد الأكاديمي والتصريحات الموجهة سياسياً. وفي المقابل، عبرت جهات رسمية عن ضرورة حماية وحدة البلاد وعدم السماح بتصريحات قد تُفهم على أنها تحريضية أو مسيئة للهوية الوطنية.

تسلط القضية الضوء على التوازن الدقيق بين حرية التعبير وحماية الوحدة الوطنية في الجزائر، وتضع المحكمة أمام اختبار لإثبات التزامها بالقوانين الوطنية والدستور فيما يتعلق بحرية الرأي، في وقت يشهد المجتمع نقاشاً متزايداً حول دور الأكاديميين في معالجة التاريخ والهوية.

مع اقتراب موعد جلسة التاسع من سبتمبر، يترقب الرأي العام قرار مجلس القضاء بشأن استئناف الحكم، والذي قد يكون له أثر بعيد المدى على سياسات حرية التعبير الأكاديمية والبحثية في الجزائر، كما قد يشكل سابقة مهمة في معالجة القضايا المتعلقة بالهوية الوطنية والخطاب التاريخي، سواء على الصعيد القانوني أو المجتمعي.

اظهار أخبار متعلقة


التعليقات (0)