شهدت الأوساط الشعبية والسياسية في الأردن حالة من الغضب والاستنكار، إثر قيام السلطات الأردنية بمنع وقفات منددة باستئناف حرب الإبادة في قطاع
غزة، أبرزها وقفة كانت مقررة قرب السفارة الأمريكية في عمّان وأخرى في مدينة إربد.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من جهات سياسية ونشطاء أكدوا على ضرورة استمرار الحراك الشعبي نصرةً للقضية الفلسطينية.
"تعدٍّ على الحريات وإضعاف للجبهة الداخلية"
وفي بيان صادر عنه، أدان الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن
منع الفعالية التي كانت مقررة أمام مسجد عباد الرحمن المحاذي للسفارة الأمريكية، معتبرًا أن ذلك يشكل تعديًا صارخًا على حرية التعبير المكفولة بالدستور الأردني.
وأكد الملتقى أن هذه الممارسات ترسل رسالة خاطئة في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون لكل أشكال الدعم والمساندة، مشددًا على أن التصدي للعدوان الصهيوني ودعم المقاومة حق مشروع لن تتراجع عنه القوى الوطنية والشعبية.
وأضاف البيان أن التضييق على هذه الفعاليات يأتي في سياق يتعارض مع المصلحة الوطنية الأردنية، حيث يشكل دعم صمود الفلسطينيين في أرضهم سدًّا منيعًا أمام المخططات الصهيونية التي تهدد الأردن بشكل مباشر.
كما دعا الملتقى إلى الإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية دعم المقاومة وحرية التعبير، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية قضية أردنية داخلية، وأن صوت الحق لا يمكن قمعه.
اظهار أخبار متعلقة
"إساءة بالغة للموقف الأردني"
من جانبه، استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر الأحزاب تمثيلًا في البرلمان الأردني، منع الفعاليات الشعبية المنددة باستمرار العدوان على غزة، واصفًا ذلك بأنه إساءة بالغة للموقف الأردني ولصورة المجتمع الذي هب منذ أكثر من عام ونصف لدعم الشعب الفلسطيني.
وتساءل الحزب عن الرسالة التي تحملها إجراءات منع الوقفات والتضييق على الحراك الشعبي، خصوصًا مع استمرار الاعتقالات بحق أردنيين على خلفية دعم المقاومة.
وأكد أن هذه الممارسات تمثل استدارة رسمية عن الموقف الأردني المعلن منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى انسجام الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي الذي يرى في دعم المقاومة واجبًا شرعيًا ووطنياً.
كما شدد الحزب على خطورة هذا النهج الذي يتعارض مع المصالح الوطنية الأردنية، مشيرًا إلى أن مثل هذه الإجراءات تصبّ في مصلحة الاحتلال الذي يستفيد من الصمت الرسمي العربي لمواصلة جرائمه في غزة والضفة الغربية.
وطالب الحزب السلطات الأردنية بوقف نهج التضييق على الحراك الشعبي، واحترام حق التجمع والتعبير الذي يكفله الدستور، مع ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية قضايا دعم المقاومة.
"قمع الحراك الشعبي فعل مستغرب"
وفي حديثه لـ"عربي21" أعرب النائب في البرلمان الأردني معتز الهروط عن استغرابه من منع الفعاليات الشعبية المناصرة لغزة، مؤكدًا أن الأصل هو استمرار الحراك الشعبي وعدم توقفه، لما له من دور في دعم صمود الفلسطينيين وتعزيز معنوياتهم في ظل ما يتعرضون له من عدوان مستمر.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الهروط أن الحراك الشعبي الأردني كان حاضرًا منذ بداية العدوان ولم يتوقف، معتبرًا أن إغلاق هذا المسار أو التضييق عليه يتناقض مع الموقف الوطني الأردني الداعم للقضية الفلسطينية.
من جهته، أكد الناشط في حركة المقاطعة (BDS) والملتقى الوطني لدعم المقاومة حمزة خضر لـ"عربي21" أن ما تعرض له المواطنون من قمع ومنع لوقفتهم المناصرة للحق الفلسطيني أمر مستنكر، ويمثل استدارة عن المواقف الأردنية المعلنة في دعم القضية الفلسطينية.
وأشار خضر إلى أن منع هذه الفعاليات لا يمكن فهمه إلا في سياق إضعاف الجبهة الداخلية الأردنية، والتقليل من التماسك الشعبي في مواجهة المشاريع الصهيونية والأمريكية التي تهدف إلى تفتيت المنطقة وإضعاف مكوناتها الوطنية.
وأضاف أن القضية الفلسطينية ليست قضية خارجية، بل هي قضية أردنية داخلية، معتبرًا أن المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي هزيمة الاحتلال ومنعه من تحقيق أي انتصار على الفلسطينيين.
وطالب خضر السلطات الأردنية بالاتساق مع الموقف الشعبي واتخاذ خطوات أكثر جرأة، "تشمل إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية دعم المقاومة، وقطع العلاقات كاملة مع الاحتلال الصهيوني، باعتباره العدو الأول للأردن والمنطقة".
وكانت السلطات الأردنية قد منعت فعالية مركزية كانت مقررة بالقرب من السفارة الأمريكية في عمّان، حيث كان من المفترض أن تنطلق المسيرة من مسجد عباد الرحمن المحاذي للسفارة كما منعت السلطات فعالية أخرى في إربد من التقدم، واكتفى المنظمون والمشاركون بوقفة أمام مسجد الهاشمي.
ويواصل الشارع الأردني حراكه المتجدد رفضا للحرب والإبادة الجماعية في غزة، حيث تشهد مختلف المدن والمحافظات مظاهرات ووقفات احتجاجية تطالب بقطع العلاقات مع الاحتلال واتخاذ مواقف أكثر قوة ووضوحًا في دعم الشعب الفلسطيني.