أبلغ أسرى
فلسطينيون بسجون الاحتلال الإسرائيلي ذويهم بقرار
الإفراج عنهم يومي الخميس والسبت المقبلين، وذلك ضمن الدفعتين السابعة والثامنة من
صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وتل أبيب.
ومن بين هؤلاء عدد من محرري صفقة "وفاء الأحرار"
الذين أعادت تل أبيب اعتقالهم، وأبرزهم الأسير
نائل البرغوثي، الذي أمضى 45 عاما في
سجون الاحتلال، وهي أطول مدة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية.
والبرغوثي أقدم أسير في العالم حسب موسوعة غينيس عام
2009.
وقالت إيمان نافع، زوجة البرغوثي إن "عددا من محرري
صفقة وفاء الأحرار اتصلوا بعائلاتهم وأبلغوها بقرار الإفراج عنهم، بعضهم الخميس، وبعضهم
السبت"، بحسب وكالة "الأناضول".
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت أن زوجها نائل اتصل بها وأخبرها "بالإفراج عنه
وإبعاده إلى خارج فلسطين" دون أن يحدد اليوم على وجه التحديد.
وتابعت أن "نائل ظل حتى يوم أمس (الاثنين) رافضا للإبعاد،
لكنه عاد ووافق على إبعاده دون أن تتحدد بعد وجهته النهائية".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن رئيس حركة "حماس"
بغزة ورئيس وفدها المفاوض خليل الحية أن الحركة ستفرج، السبت المقبل، عن بقية الأسرى
الإسرائيليين الأحياء المتفق على إطلاق سراحهم ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق
النار وعددهم 6.
من هو نائل البرغوثي؟
نائل البرغوثي،
عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي و"أقدم أسير في العالم"
حسب موسوعة غينيس عام 2009، غيّر انتماءه من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إلى
حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويلقبه الأسرى بـ"أبو النور".
دخل في تشرين الثاني/
نوفمبر 2023 عامه الـ44 في سجون الاحتلال، قضى منها 34 عاما في سجن متواصل، وهي أطول
مدة اعتقال في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال، رفضت سلطات
الاحتلال الإفراج عنه رغم إبرام العديد من صفقات تبادل الأسرى التي تمت في إطار المفاوضات.
المولد والنشأة
ولد نائل صالح
عبد الله البرغوثي يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1957 في قرية كوبر بمحافظة رام الله
والبيرة، حيث عاش المراحل الأولى من حياته.
درس المرحلة الابتدائية
في قرية كوبر، وانتقل لإكمال دراسته الإعدادية والثانوية في مدرسة الأمير حسن في بيرزيت،
وبينما كان يستعد لامتحانات الثانوية العامة اعتقل وشقيقه عمر وابن عمهما فخري البرغوثي
في نيسان/ أبريل 1978 بتهمة قتل ضابط إسرائيلي شمال رام الله، وحرق مصنع زيوت وتفجير
مقهى في القدس، وحكم عليهم جميعا بالسجن المؤبد.
يعد البرغوثي قارئا
نهما، وعرف بين الأسرى بثقافته الواسعة وحبه للتاريخ، ويعتبرونه مرجعا في محطات النضال
الفلسطيني.
تعلم داخل السجن
اللغتين العبرية والإنجليزية، وبعد إطلاق سراحه في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 في
صفقة "وفاء الأحرار" بدأ دراسة التاريخ في جامعة القدس المفتوحة، لكن إعادة
اعتقاله حرمته من مواصلة مشواره التعليمي.
النضال والمقاومة
عرف بصلابته منذ
الطفولة، وبدأ رحلته مبكرا في المواجهة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 عندما
دخلت قواته الضفة الغربية ووصلت إلى بوابة قرية كوبر وقصفتها، فصعد نائل برفقة أخيه
عمر وابن عمه فخري فوق سطح بيتهم حيث جمعوا كومة من الحجارة وبدؤوا يكبّرون ويهتفون.
انخرط في خلية
للمقاومة برفقة أخيه عمر وهو بعد في بداية الشباب، واعتقل لأول مرة يوم 18 كانون الأول/
ديسمبر 1977، وحُكم عليه بالسجن 3 أشهر، وأعيد اعتقاله بعد 14 يوما من الإفراج عنه
بتهمة مقاومة الاحتلال برفقة ابن عمه فخري البرغوثي، وصدر في حقهما حكم بالسجن المؤبد
و18 عاما.
بعدما حاول سابقا
الانضمام إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انتمى نائل إلى حركة فتح وآمن بالمقاومة
طريقا لتحرير البلاد، وبعد تعرض الحركة عام 1983 لانشقاق بسبب خروج الثورة الفلسطينية
من بيروت ومعاناتها من إشكالات داخلية تحوّل نائل وأخوه عمر إلى فتح الانتفاضة.
عانت عائلته من
اعتقال أفرادها ومطاردة الاحتلال لهم، وأفرج عن والده وأخيه عمر عام 1985 ضمن صفقة
تبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة، لكن الاحتلال رفض إدراج اسمه ضمنها أو ضمن
صفقة تبادل أخرى كانت قد تمت في إطار المفاوضات مع الاحتلال في سياق تأسيس السلطة الفلسطينية
عام 1993.
عقب ظهور التيارات
الإسلامية في الساحة الفلسطينية ومشاركتها القوية في مقاومة الاحتلال -التي تزامنت
مع انطلاق ما سمي مسار التسوية وعملية السلام- انتمى شقيقه عمر إلى حركة حماس، ثم التحق
به وهو معتقل يومها في سجن الجنيد بنابلس عام 1995.
عانى من مرارة
فقد الوالدين وهو في السجن، إذ توفي والده في تشرين الأول/ أكتوبر 2004، ثم لحقته والدته
في الشهر نفسه من العام التالي دون أن يتمكن من وداعهما.
أفرج عنه يوم
18 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت بين المقاومة
الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وأطلق بموجبها سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط
مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.
بعد الإفراج عنه
تزوج بالأسيرة المحررة إيمان نافع يوم 18 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، وبدأ
حياته من جديد في قريته كوبر، حيث اشتغل باستصلاح الأرض وزراعتها، لكنه لم يكن حرا
طليقا بل خضع للإقامة الجبرية في رام الله ومحيطها، حيث كان مطالبا بالحضور كل شهرين
إلى مركز قيادة جيش الاحتلال في مستوطنة بيت إيل من أجل توقيع "إثبات الوجود".
ولم تكد تمضي
32 شهرا عن إطلاق سراحه حتى أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله من جديد يوم 18 حزيران/ يونيو
2014 في إطار حملة اعتقالات واسعة استهدفت كثيرا ممن تم إطلاق سراحهم في صفقة
"وفاء الأحرار".
اظهار أخبار متعلقة
حكم عليه بالسجن
30 شهرا، ورفض الاحتلال الإفراج عنه بعد قضائه مدة محكوميته وأعاد حكمه السابق، أي
المؤبد و18 عاما بدعوى وجود ملف سري.
تجرع مرارة الفقد
مرة أخرى عام 2021 بوفاة شقيقه عمر متأثرا بإصابته بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وحرمه
الاحتلال من وداع أحد أحبائه والمقربين إليه ورفيق دربه في الأسر والنضال والمقاومة.
قدم محاميه استئنافات
والتماسات عدة ضد قرار إعادة حكمه السابق (المؤبد و18 عاما) دون أن يصدر بشأنها أي
قرار.
وجّه نائل البرغوثي
من سجنه رسائل متعددة طوال فترة اعتقاله أكد فيها على أهمية الوحدة الوطنية أساسا لتحرير
المعتقلين الفلسطينيين واستعادة هوية فلسطينية قوية.