تستند هذه المقالة إلى فرضية غير
واقعية، ولكنها تقوم بافتراض حقيقة تستحق الاستناد إليها والبناء عليها، وذلك
بافتراض الحرب التي شنّها الجيش الصهيوني وكيانه على قطاع
غزة، بعد عملية طوفان
الأقصى في 7 تشرين
الأول/ أكتوبر 2023، انحصرت بين الجيش الصهيوني وكيانه من
جهة، وبين
المقاومة وشعب غزة من جهة أخرى، كما لو كانا متصارعين أو متلاكمين على
حلبة، لا تدخل عسكريا فيها من أمريكا والغرب، أي بلا جسر جوّي يعوّض الجيش
الصهيوني، ما استخدمه من صواريخ الطائرات وقذائف الدبابات والمدافع، أي قوّة
النيران التي استهلكها في تلك الحرب، وذلك خلال الأشهر الستة أو السبعة الأولى من
تلك الحرب، أو حتى لو خلال خمسة عشر شهرا.
هنا تقول الفرضية إن الجيش الصهيوني
كان سيُهزم عسكريا، وكان بإمكان المقاومة أن تعود إلى ملاحقته في غلاف غزة،
فالخليل فالقدس، وذلك حين يَنضب ما اختزن من قنابل وصواريخ، وبلا تعويض.
حساب هذه الفرضية بسيط للغاية، وهو
احتساب ما استخدم الجيش من نيران، ومن ثم الوصول إلى استهلاك الجيش ما لديه من
مخزون ذخيرة، دخل فيه إلى الحرب البريّة، وحرب الإبادة والتدمير.
المخزون من الذخيرة، بلا تعويض يوما بيوم، وساعة بساعة، من قِبَل أمريكا ودول غربية أخرى، كان سينضب حتما، ويواجِه الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية
ويكفي للتأكد من نضوب المخزون
الاستراتيجي لدى الجيش الصهيوني، أن نقرأ في تقرير مشترك، بين مرصد حقوق الإنسان
الأوروبي المتوسطي، وصحيفة "نيويورك تايمز"، وجامعة هامبورغ، صادر في 8
حزيران/ يونيو 2024، حيث جاء فيه أن
الاحتلال الإسرائيلي أسقط أكثر من سبعين ألف
طن من القنابل على قطاع غزة، منذ نشرين الأول/ أكتوبر 2023، متجاوزا بكثير
المجموع، لكافة القنابل التي تمّ إسقاطها، خلال الحرب العالمية الثانية. مثلا ما
أُلقِي على لندن 18300 طن، وهامبورغ 8500 طن، ودريسدن 3900 طنا.
لهذا، فإن المخزون من الذخيرة، بلا
تعويض يوما بيوم، وساعة بساعة، من قِبَل أمريكا ودول غربية أخرى، كان سينضب حتما،
ويواجِه الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية.
تكشف هذه الفرضية غير الواقعية حقيقة
تتعلق بالجيش الصهيوني، وما أحاط به نفسه من هيبة عسكرية، بسبب تاريخه العسكري، لا
سيما في حروبه في 1948، و1956، و1967، و1982.
هذه الهيبة التي ما زال الجيش
الصهيوني حريصا على ترويجها، أصبحت بعد حرب خمسة عشر شهرا، مع المقاومة والشعب في
غزة، وهْمَا، عدا في مجال القصف في القتل الجماعي، والتدمير الشامل، وهو جريمة في
القانون الدولي، وفي مبادئ الحرب، ووصمة عار في الوجود غير الشرعي للكيان
الصهيوني.
تكشف هذه الفرضية ما وصلته المقاومة، من مستويات عليا في القيادة الأولى، والقيادات الميدانية، وفي ما أعدّته من أنفاق، واستعدادات عسكرية لحرب طويلة الأمد
وتكشف هذه الفرضية ما وصلته
المقاومة، من مستويات عليا في القيادة الأولى، والقيادات الميدانية، وفي ما أعدّته
من أنفاق، واستعدادات عسكرية لحرب طويلة الأمد (عشرات الأشهر في الأقل). وهو ما
سمح بفشل حرب عدوانية من قِبَل الجيش الصهيوني، وهو مدعوم ساعة بساعة عسكريا
وسياسيا، من قِبَل أمريكا والدول الغربية، مما يجعلها حربا عالمية، كان ميدانها
قطاع غزة، طبعا من دون إغفال المساندة من محور المقاومة في هذه الحرب، إلى جانب
المقاومة والشعب قي قطاع غزة.
وبهذا استهدفت هذه الفرضية، في مقدمة
ما استهدفته، الإشارة إلى قادة كتائب عز الدين القسّام، الشهداء الذين أعلنتهم
حماس في خاتمة شهر كانون الثاني/ يناير 2025. وهم قائد كتائب عز الدين القسّام الاستثنائي
محمد الضيف (أبو خالد)، وإخوانه القادة الذين صنعوا عملية طوفان الأقصى، وقادوا
حرب الخمسة عشر شهرا، وهم: مروان عيسى (أبو البراء)، ونائب القائد العام محمد
الضيف، غازي أبو طماعة (أبو موسى)، ورائد ثابت (أبو محمد)، ورافع سلامة (أبو
محمد)، وأحمد الغندور (أبو أنس)، وأيمن نوفل (أبو أحمد).
هؤلاء الشهداء، وأمامهم الشهيد يحيى
السنوار، قائد المقاومة والشعب، وكل الشعب الفلسطيني، يجب أن يُذكروا مع عظام
شهداء الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم، وذلك جنبا إلى جنب، مع الشهداء
الكبار قادة المقاومة الإسلاميّة في لبنان، وأمينها العام السيد حسن نصر الله.