أكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين، علي محمد الصلابي، أن
وقف إطلاق النار في
غزة، الذي بدأ سريانه اليوم، يعكس
انتصارا للمقاومة بفضل صمودها واستراتيجيتها المدروسة، ويشكل رسالة واضحة بأن
الشعب
الفلسطيني وقواه الحية قادرون على مواجهة الاحتلال وتحقيق مكتسبات، رغم كل
التحديات.
ورأى الصلابي في تعليق له على وقف إطلاق
النار في غزة بين المقاومة والاحتلال، يمكن اعتباره انتصارا للمقاومة الفلسطينية
من عدة جوانب، وهو يحمل دلالات سياسية ومعنوية تعكس صمود الشعب الفلسطيني وقواه
المقاوِمة في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وقال في حديث لـ
"عربي21"؛ "إن هذا الثبات العجيب للمقاومة
الذي أذهل العالم، جعل الكثير يتساءل عن قيم الشعب الفلسطيني ودينه وحضارته
وثقافته، ما جعل الكثير من الناس الذين كانوا يجهلون الإسلام أن يتعرفوا عليه، بل
كانت سببا في إسلام بعضهم، وهذا الحدث في الفقه الحضاري له ما بعده، ذلك أن الظلم
مؤذن بزوال الحضارات، وأن المستضعفين يتولى الله أمرهم من الضعف إلى القوة، وسنرى
سنن الله في الظالمين والمجرمين.".
وأشار إلى أن "وقف إطلاق النار يعكس قدرة
المقاومة الفلسطينية على الصمود أمام آلة
الحرب الإسرائيلية، رغم الاختلال الواضح
في موازين القوى، ويظهر أن الاحتلال لم يستطع تحقيق أهدافه المعلنة خلال العدوان،
سواء كانت عسكرية أو سياسية".
وأوضح أن الحرب الأخيرة من العدوان عززت من
حالة التكاتف الشعبي حول المقاومة، ووحدت الفلسطينيين في الداخل والخارج، كما حشدت
تعاطفا دوليّا مع معاناتهم.
وقال: "رضوخ الاحتلال لوقف إطلاق النار
يعكس صمود الشعب الفلسطيني والضغوط التي مورست على الاحتلال، سواء من المجتمع
الدولي أو حتى من الداخل الإسرائيلي، نتيجة تكاليف الحرب والخسائر".
وأضاف: "أظهرت المقاومة قدرتها على فرض
معادلات جديدة في المواجهة، منها الرد على العدوان بالمثل، وامتلاك أدوات قادرة على
إحداث ضرر حقيقي لدى الاحتلال. وعززت فكرة أن غزة ليست ضعيفة أو معزولة، بل قادرة على التأثير في مسار الأحداث. كما نجحت المقاومة في إيصال صوت الشعب
الفلسطيني إلى العالم من خلال الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ما ساهم في كشف
حجم العدوان والمعاناة، ودفعت بعض الدول إلى إعادة النظر في مواقفها وتوجيه
انتقادات علنية للاحتلال".
ووفق الصلابي، فإن وقف إطلاق النار بالنسبة
للشعب الفلسطيني يُعدّ تأكيدا أن المقاومة قادرة على حماية الحقوق الفلسطينية
والوقوف أمام التهديدات. ويشكل مصدر إلهام للشعوب المظلومة الأخرى في العالم.
وأضاف: "لقد أحيت المقاومة الفلسطينية
ببطولاتها في مواجهة الاحتلال الأمل لدى كل المظلومين في العالم، أن بالإمكان ردع
الظلم وهزيمته والانتصار عليه، وهو ذات المعنى الذي أكدته الثورة السورية التي
استمرت نحو 14 سنة، ودفعت ثمنا باهظا من دون أن تلين قناتها حتى أنهت حكم الطغيان
والاستبداد"، وفق تعبيره.
ودعا الصلابي العالمين العربي والإسلامي
وكذلك أحرار العالم، إلى الاستمرار في إسناد الشعب الفلسطيني لإتمام ما وصفه بـ "الانتصارات التاريخية"، وقال: "على الرغم من أنه يمكن اعتبار وقف إطلاق النار انتصارا، فإن التحديات ما زالت قائمة، بما في ذلك الحصار على غزة، وإعادة الإعمار، وتحقيق
المصالحة الفلسطينية الداخلية. يتطلب هذا الانتصار البناء عليه لتحقيق مزيد من
الإنجازات على الصعيد السياسي والوطني".
وأضاف: "لا يمكن لأي كان أن يتجاهل
الدور المحوري الذي أدته دولة قطر، على جميع الأصعدة، سواء بالتغطية الإعلامية
ومواكبة جرائم الاحتلال وتوثيقها للعالم، بل ودفعت من أجل ذلك ثمنا باهظا؛ حيث
استشهد عدد من مراسلي قناة الجزيرة بنيران العدو، وعلى المستوى السياسي بالدفاع عن
فلسطين في كل المحافل الدولية، وقيادة جهود ديبلوماسية مكثفة من أجل وقف العدوان،
ثم إغاثة المنكوبين على الأرض بكل صنوف المساعدات"، وفق تعبيره.
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار اليوم الأحد،
خرج آلاف الفلسطينيين إلى شوارع غزة احتفالا بوقف إطلاق النار.
وأظهرت لقطات مصورة انتشار عناصر من حركة
"حماس" في مناطق مختلفة من القطاع، بما في ذلك خان يونس.
تجدر الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار
تضمن تبادلا للأسرى، حيث تم الإفراج عن ثلاث رهائن إسرائيليات وتسليمهن إلى
الصليب الأحمر، في حين التزمت إسرائيل بالإفراج عن 90 معتقلا فلسطينيّا من النساء
والأطفال.
هذا التطور جاء بعد جهود وساطة مكثفة من قبل
مصر وقطر، وأسفر عن تهدئة الأوضاع في القطاع بعد تصعيد دامٍ.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح
العسكري لحركة حماس، مساء الأحد، أن معركة "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل
غيّرت المعادلات، مؤكدة التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، شريطة أن تلتزم به
إسرائيل.
وتحدث أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام،
في كلمة مصورة دامت نحو 24 دقيقة، وهي الأولى له منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والخطاب الثلاثون منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر
2023.
وتزامنت هذه الكلمة مع أول أيام وقف لإطلاق
النار وتبادل أسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة بدأ صباح الأحد، بوساطة
قطر ومصر والولايات المتحدة.
وقال أبو عبيدة؛ إن "التوصل إلى اتفاق
لوقف العدوان وحرب الإبادة على شعبنا، كان هدفنا منذ شهور طويلة، بل منذ بدء هذا
العدوان".
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر
2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم
أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال
والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
اقرأ أيضا: عملية تسليم الدفعة الأولى من أسرى الاحتلال.. هدية لكل أسيرة (شاهد)