كتب

الحرب الرقمية الأولى.. عمالقة التكنولوجيا وجرائم الإبادة الجماعية في غزة

لقد استخدمت إسرائيل لافندر للفتك بالفلسطينيين، رغم أن دقة حساباتها 90% فقط.
لقد استخدمت إسرائيل لافندر للفتك بالفلسطينيين، رغم أن دقة حساباتها 90% فقط.
هذه الحرب الدائرة في قطاع غزة هي حرب عالمية تشنها إسرائيل بمشاركة القوى الغربية إضافة إلى عمالقة التكنولوجيا في العالم: أمازون، جوجل، وميكروسوفت، التي تجمع عبر برامج الذكاء الصناعي وخدمات التخزين السحابي البيانات التفصيلية عن كل فرد في غزة وتجعلهم أهدافا للقتل. وفي هذا الإطار نعرض اليوم تقريرين مهمين للصحفي الإسرائيلي يوفال إبراهام، وهما:

1 ـ "جيش الدفاع الإسرائيلي يستخدم سحابة أمازون لتخزين المعلومات عن الجميع في غزة": تسمح شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة لإسرائيل بتخزين كميات هائلة من البيانات، بعضها اُستخدم في الغارات الجوية". نشر هذا التقرير معهد كوينسي الأمريكي يوم 13 آب/ أغسطس الماضي نقلا عن مجلة +972 الإسرائيلية.

2 ـ "لافندر: آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه موجة القصف الإسرائيلي في غزة": وضع الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم في الاغتيال. وذلك باستخدام نظام استهداف الذكاء الاصطناعي، مع القليل من الإشراف البشري، وسياسة متساهلة للإصابات. وقد نشرت هذا التقرير مجلة +972 الإسرائيلية في 3 أبريل/ نيسان الماضي. صحيح أن المقال يتحدث عن تكنولوجيا إسرائيلية، إلا أن قراءته مهمة لإلقاء الضوء على حرب الإبادة في غزة.

لماذ ا نشرت مجلة +972 الإسرائيلية هذين التقريرين؟

تقول المجلة: "نحن في حقبة خطيرة للغاية، وصلت فيها إراقة الدماء إلى مستويات قصوى من الوحشية، وتهدد باجتياح المنطقة بأكملها. ويغتنم المستوطنون المدعومون من الجيش الفرصة لتكثيف هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتستخدم الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل غطاء الحرب لإسكات عرب الداخل واليهود اليساريين الذين يعترضون على سياساتها. هذا التصعيد له سياق واضح للغاية: العسكرية المتزايدة للمجتمع الإسرائيلي، والاحتلال الراسخ والفصل العنصري، والحصار الدائم لقطاع غزة".

أولا ـ عمالقة التكنولوجيا والمشاركة المباشرة في العدوان

في 10 يوليو/ تموز الماضي، وفي مؤتمر "تكنولوجيا المعلومات للجيش الإسرائيلي"، ألقت الكولونيل راشيلي ديمبينسكي، قائدة وحدة مركز الحوسبة ونظم المعلومات ومعالجة البيانات بالجيش الإسرائيلي،  كلمة أمام مائة شخص من العسكريين والسياسيين، أعلنت فيها لأول مرة أن الجيش الإسرائيلي يستعين في عملياته ضد قطاع غزة بخدمات التخزين السحابي والذكاء الاصطناعي المقدمة من عمالقة التكنولوجيا المدنية: أمازون ويب للخدمات، جوجل كلاود، وميكروسوفت آزور.

التخزين السحابي وتحديد أهداف القصف

بيّنت ديمبينسكي أن وحدتها العسكرية، المعروفة اختصارًا بـ"ممرام"، قد استعملت "سحابة تشغيلية" تُعد "منصة للأسلحة"، وتشتمل على تطبيقات لتحديد أهداف القصف، ومنفذ لعرض البث المباشر من الطائرات بدون طيار في سماء غزة، إلى جانب أنظمة الإطلاق والقيادة والسيطرة. ولكن مع انطلاق الغزو البري في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سرعان ما واجهت الأنظمة العسكرية الداخلية ضغوطًا ومشاكل فنية، إذ زاد عدد المستخدمين ثلاثين ضعفا مما أدى إلى انهيار النظام، فقرروا اللجوء إلى الخدمات السحابية المقدمة من الشركات التكنولوجية الكبرى التي اشترى الجيش منها قدرات تخزين ومعالجة بلا حدود دون الحاجة لتخزين الخوادم في مراكز الكمبيوتر العسكرية. والميزة الأكثر أهمية هي قدراتها المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي التي منحت الجيش الإسرائيلي فعالية عملياتية كبيرة للغاية في قطاع غزة.

في عام 2021، أبرمت إسرائيل عقدًا مشتركًا مع شركتي جوجل وأمازون يُعرف باسم مشروع نيمبس Project Nimbus. وكان الهدف المُعلن للصفقة تحفيز الحكومة الإسرائيلية على تحويل أنظمة المعلومات الخاصة بها إلى الخوادم السحابية للشركتين والاستفادة من الخدمات المتطورة المُقدمة منهما.
وبحسب ثلاثة مصادر استخباراتية، قدمت أمازون مزرعة خوادم للمخابرات العسكرية الإسرائيلية مكنتها من الاحتفاظ بالمعلومات الاستخباراتية عن "الجميع" تقريبًا في غزة. وكان حجم المعلومات الاستخباراتية المجمعة من مراقبة جميع السكان الفلسطينيين في غزة ضخما للغاية. لذا، كان من الضروري استخدام قدرات تخزين شاسعة تمتلكها شركات التكنولوجيا، ومعالجة قوية للحفاظ على مليارات الملفات الصوتية، وليس فقط المعلومات النصية أو البيانات الوصفية. وقد ساهمت في تأكيد ضربات الاغتيال الجوية في غزة، والتي يمكن أن تقتل أو تضر المدنيين الفلسطينيين.

مشروع نيمبس

في عام 2021، أبرمت إسرائيل عقدًا مشتركًا مع شركتي جوجل وأمازون يُعرف باسم مشروع نيمبس Project Nimbus. وكان الهدف المُعلن للصفقة تحفيز الحكومة الإسرائيلية على تحويل أنظمة المعلومات الخاصة بها إلى الخوادم السحابية للشركتين والاستفادة من الخدمات المتطورة المُقدمة منهما.

أثارت الصفقة جدلا واسعا، حيث وقع المئات من العمال في الشركتين على خطاب مفتوح يطالب بإنهاء العلاقات مع الجيش الإسرائيلي. وازدادت احتجاجات الموظفين منذ السابع من أكتوبر. وفي أبريل/ نيسان الماضي، فصلت جوجل خمسين موظفًا لمشاركتهم في احتجاج بمكاتب الشركة في نيويورك.

أنشأ مشروع نيمبوس بنية تحتية لمراكز الحوسبة المتقدمة تحت السيادة الإسرائيلية، مما سهل على "الهيئات الأمنية، حتى تلك الحساسة جدًا"، تخزين المعلومات في السحابة خلال الحرب دون القلق من المحاكم الأجنبية، التي قد تطلب هذه المعلومات إذا رُفعت دعاوى قضائية ضد إسرائيل.

في السابق، استخدم الجيش الأنظمة التي طورها بنفسه، المعروفة بـ "on-prem" أو "في المبنى"؛ لكنها كانت تعني الانتظار لأشهر أو حتى سنوات لتطوير خدمات جديدة مطلوبة. أما في السحابة العامة، فإن قدرات الذكاء الاصطناعي والتخزين والمعالجة والوصول إليها أصبح أكثر سهولة.

السحابة تحتوي على معلومات عن جميع من في غزة

قال مصدر استخباراتي إسرائيلي إن سحابة أمازون هي مساحة تخزين لا نهاية لها. ورغم أن خوادم الجيش كبيرة جدًا، إلا أنه أثناء جمع المعلومات الاستخباراتية، قد تجد شخصًا يهمك، وتقول: "يا لها من مشكلة، ليس لدي شيء عنه؛ لكن السحابة تعطيك معلومات عنه، لأن بها معلومات عن الجميع".

وهناك دافع آخر للتعاون مع عمالقة الحوسبة السحابية هو القدرات الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي ومزارع خوادم وحدات معالجة الرسومات (GPU) التي يوفرونها. إن لديهم العديد من القدرات التي يمكن استخدامها لتطوير كل شيء داخل الوحدة العسكرية.

إسرائيل أفضل دعاية لعمالقة التكنولوجيا!!

تعتبر وزارة الدفاع الإسرائيلية عميلاً مهمًا واستراتيجيًا للشركات السحابية الثلاث. إذ لها تأثيرها في تشكيل الرأي بين الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم. وهي أقوى تسويق، فما يستخدمه الجيش الإسرائيلي كان وسيكون أحد أفضل نقاط البيع للمنتجات في العالم، باعتباره مختبرا ومجربا بالطبع.

وقد عملت هذه الشركات مع إسرائيل على مشروع "سيريوس"، وهو سحابة أمنية خاصة منفصلة عن الشبكات العامة ومخصصة حصريًا للجيش الإسرائيلي، مما يتيح لجميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية استخدامها في الأنظمة السرية.

هذه الخدمات السحابية لديها القدرة على تعزيز قدرة الفتك لدى الجيش. فعند البحث عن المستهدف، تجمع هذه الخدمات مليارات التفاصيل التي تبدو غير مثيرة للاهتمام، وتخبر بمكان الهدف وتوقيت وجوده.

أول حرب رقمية عبر اللابتوب

في محاضرتها، وصفت الكولونيل ديمبينسكي حرب غزة بأنها "أول حرب رقمية". فقد تسارعت عمليات الرقمنة للجيش بشكل كبير. ويتجول القادة في الميدان باستخدام الهواتف الذكية المشفرة. وقال ضابط خدم في غرفة عمليات قتالية في غزة: "أنت تقاتل من داخل جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بك. في الماضي، كنت ترى من خلال المنظار؛ أما اليوم، عندما يظهر هدف، فإنك تخبر الجنود عبر اللابتوب لإطلاق النار عليه".

أحد التطبيقات على السحابة الداخلية للجيش يسمى "زد تيوب"، وهو يشبه إلى حد كبير موقع يوتيوب، ويسمح للجنود بالوصول إلى لقطات حية لجميع أجهزة التصوير العسكرية في غزة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار. وهناك تطبيق آخر، يسمى "مابلت"، يسمح للجنود بوضع علامات على الأهداف في الوقت الفعلي على خريطة تفاعلية حيث يبدو أن كل منزل له هدف. ويستخدم أيضا تطبيق يُعرف باسم هانتر "Hunter" لتحديد الأهداف في غزة، وكشف أنماط السلوك باستخدام الذكاء الاصطناعي.

إن سرعة تطور التكنولوجيا الرقمية شديدة، فبندقية M16، لم يطرأ عليها تغيير كبير منذ حرب فيتنام؛ بينما البرمجيات الرقمية تتغير بسرعة في شهور لا سنوات.

المشاركة المباشرة في قتل الفلسطينيين

تنشر أمازون قواعد غامضة لـبناء الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، ومنع إساءة استخدامه. وتنص مبادئ ونهج الذكاء الاصطناعي لدى ميكروسوفت على أنها لن تصمم أو تنشر الذكاء الاصطناعي في التكنولوجيات التي تسبب أو يحتمل أن تسبب ضررا شاملا، أو تستخدم المعلومات لأغراض المراقبة بما ينتهك المعايير المقبولة دوليا، أو التي يتعارض غرضها مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.

إن هذه المبادئ ليس لها تأثير حقيقي، لأن الشركات تستخدمها كعلاقات عامة. وتدعي أن عقودها مع إسرائيل هي للاستخدام المدني، رغم وضوح أنها للاستخدام العسكري. هذه الشركات لا تخشى من الاحتجاجات، لأنها قوى عالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولذلك، فإنها تبيع مشاريع الشراكة للاستخدام العسكري دون خطوط حمراء، مما يزيد من السيطرة على الفلسطينيين وسط الحرب.

ثانيا ـ "لافندر" آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه القصف في غزة

اعتبر الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من سكان غزة مشتبها بهم وأهدافا للاغتيال، وذلك باستخدام نظام "لافندر"، مع القليل من الرقابة البشرية، وسياسة متساهلة للإصابات.

في عام 2021، صدر كتاب بعنوان "فريق الآلة البشرية: كيفية خلق التآزر بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي الذي سيحدث ثورة في عالمنا" كتبه القائد الحالي لوحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200، وقدم فيه حجة تصميم آلة خاصة يمكنها معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم حرب.

اتضح أن هذه الآلة موجودة بالفعل. فقد طور الجيش الإسرائيلي برنامجًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يُعرف باسم "لافندر"، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في القصف غير المسبوق على الفلسطينيين. فقد تعامل الجيش مع مخرجاته كما لو كانت قرارًا بشريًا. واعتمد بالكامل تقريبًا عليه. وقد سجل لافندر ما يصل إلى سبعة وثلاثين ألف فلسطيني كمقاتلين مشتبه بهم، هم ومنازلهم أهداف لضربات جوية محتملة.

خلال المراحل الأولى من الحرب الحالية، أعطى الجيش موافقة شاملة للضباط لاعتماد قوائم قتل لافندر، مع عدم وجود شرط للتحقق بدقة من سبب اتخاذ الآلة لهذه الخيارات أو لفحص بيانات الاستخبارات الأولية التي استندت إليها. وكانوا عادةً ما يخصصون حوالي 20 ثانية لكل هدف قبل السماح بالتفجير. هذا على الرغم من معرفتهم أن النظام يرتكب أخطاء نسبتها 10% من الحالات، ويشير أحيانًا إلى الأفراد الذين لديهم مجرد علاقة فضفاضة بالجماعات المسلحة، أو لا علاقة لهم بها على الإطلاق.

نظام أين أبي؟

يهاجم الجيش المستهدفين في منازلهم ـ عادة في الليل أثناء وجود أسرهم بأكملها ـ وليس أثناء النشاط العسكري؛ رغم وجود أنظمة آلية إضافية تسمى "أين أبي؟"، والتي يتم استخدامها لتعقب الأفراد واستهدافهم عند دخولهم مساكنهم. والنتيجة هي أن آلاف الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال أو الأشخاص الذين لم يشاركوا في القتال، تم القضاء عليهم بسبب قرارات برنامج الذكاء الاصطناعي.

لقد استخدمت إسرائيل لافندر للفتك بالفلسطينيين، رغم أن دقة حساباتها 90% فقط. وكانت تشير أحيانًا عن طريق الخطأ إلى أفراد لديهم أنماط اتصال مشابهة لعملاء حماس أو الجهاد الإسلامي ـ بما في ذلك رجال الشرطة والدفاع المدني، والأقارب والمقيمون الذين تصادف أن يكون لهم اسم ولقب مطابقان لاسم الشخص المستهدف، وأولئك الذين استخدموا جوالا كان في السابق ملكا لأحد عناصر حماس.
نظام الإنجيل

ينضم إلى آلة لافندر نظام ذكاء اصطناعي آخر: "الإنجيل". ويكمن الاختلاف الأساسي بين النظامين في تعريف الهدف: في حين أن "الإنجيل" يشير إلى المباني والهياكل التي يدعي الجيش أن المسلحين يعملون منها؛ فإن لافندر يضع علامة على الناس، ويضمهم إلى قائمة القتل.

القنابل الغبية

عند استهداف المسلحين الصغار المزعومين الذين تميزهم لافندر، يفضل الجيش استخدام الصواريخ غير الموجهة، والمعروفة باسم القنابل الغبية، والتي يمكن أن تدمر مباني بأكملها مسببة خسائر بشرية كبيرة، إذ لا يريد الجيش إهدار القنابل الذكية باهظة الثمن على أشخاص غير مهمين. وقد أبادت هذه القنابل الغبية عائلات بأكملها، ووصف الجيش هذه الخسائر البشرية بأنها أضرار جانبية.

خطوات الاغتيال

هناك ست مراحل زمنية لعمل نظام لافندر، واستهداف الجيش الإسرائيلي بقنابله الغبية للفلسطينيين، والإصابات الجانبية بما فيها تدمير مظاهر الحياة وإزالة المباني والمربعات السكنية:

1 ـ تحديد الأهداف

في الجيش الإسرائيلي، أشار مصطلح "الهدف البشري" في الماضي إلى هدف عسكري كبير يمكن قتله في منزله الخاص حتى لو كان هناك مدنيون حوله. لكن بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، قرر الجيش أن جميع عناصر المقاومة هم أهداف بشرية، مهما كانت رتبهم أو أهميتهم العسكرية. لذا، اعتمد الجيش على البرامج الآلية والذكاء الاصطناعي، دون أي شرط للتحقق بشكل مستقل من سبب اتخاذ الآلة لهذا الاختيار أو فحص البيانات الاستخباراتية الأولية التي تستند إليها. تمنح الآلة كل شخص تقريبًا في غزة تصنيفًا من 1 إلى 100 عن مدى احتمالية كونهم مقاتلين. وهناك وسائل يمكن أن تزيد من تصنيف الفرد، مثل التواجد في مجموعة واتس آب مع مقاتل معروف، وتغيير الهاتف الخلوي كل بضعة أشهر، وتبديل العناوين بشكل متكرر. وكذلك، ملاحظة ملامحهم، ثم تصنفهم بناءً على مدى تشابههم مع المسلحين.

لقد استخدمت إسرائيل لافندر للفتك بالفلسطينيين، رغم أن دقة حساباتها 90% فقط. وكانت تشير أحيانًا عن طريق الخطأ إلى أفراد لديهم أنماط اتصال مشابهة لعملاء حماس أو الجهاد الإسلامي ـ بما في ذلك رجال الشرطة والدفاع المدني، والأقارب والمقيمون الذين تصادف أن يكون لهم اسم ولقب مطابقان لاسم الشخص المستهدف، وأولئك الذين استخدموا جوالا كان في السابق ملكا لأحد عناصر حماس.

2 ـ ربط الأهداف ببيوت الأسرة

المرحلة التالية هي تحديد مكان مهاجمة الأهداف التي يولدها لافندر. والسبب الرئيسي لعدد القتلى غير المسبوق من القصف الإسرائيلي الحالي هو أن الجيش هاجم بشكل منهجي أهدافًا في منازلهم الخاصة، إلى جانب عائلاتهم، لأنه من الأسهل من وجهة نظر الذكاء وضع علامات على منازل الأسرة باستخدام أنظمة آلية. وقد أدى ذلك إلى قتل عائلات بأكملها معظمها من النساء والأطفال.

3 ـ اختيار السلاح

عادة ما تُنفذ الهجمات بـقنابل غبية ضد من تم تحديدهم هدفًا للاغتيال. وفي ديسمبر 2023، ذكرت شبكة سي إن إن أنه وفقًا لتقديرات المخابرات الأمريكية، فإن حوالي 45% من الذخائر التي تستخدمها القوات الجوية الإسرائيلية في غزة كانت قنابل غبية، ومن المعروف أنها تسبب أضرارًا جانبية أكثر من القنابل الموجهة. وهذا يعني حرفياً تدمير المنزل بأكمله فوق شاغليه. وبسبب نظام لافندر، فلا تنتهي الأهداف أبدًا. فهناك 36 ألف هدف ينتظرون دورهم.

4 ـ الإذن بوقوع إصابات بين المدنيين

في الأسابيع الأولى للحرب، عند مهاجمة المستهدفين الصغار الذين ميزتهم أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل لافندر، تم تحديد عدد المدنيين المسموح بقتلهم إلى جانب كل هدف بما يصل إلى 20. لم يمنح قسم القانون الدولي بالجيش من قبل مثل هذه الموافقة الشاملة على هذه الدرجة العالية من الأضرار الجانبية. من الناحية العملية، يمكن أن يُقتل 20 طفلاً مقابل هدف صغير. وقد يصل العدد إلى قتل أكثر من مائة مدني.

تم إيقاف القصف المكثف للأهداف قليلة الأهمية حتى لا تُهدر القنابل خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله. ومع ذلك، لا تزال الضربات الجوية ضد كبار قادة حماس مستمرة، ويُسمح فيها بقتل مئات المدنيين، وقصف مربعات سكنية، مما يؤدي إلى قتل عائلات بأكملها، وهي سياسة رسمية لا توجد سابقة تاريخية لها في إسرائيل، أو حتى في العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة في العراق وأفغانستان. مستقبلا، ستصبح إسرائيل أقل أمانا، لأن جميع العائلات الثكلى في غزة ـ وهي الجميع تقريبًا ـ لديها الدافع للانضمام إلى حماس.

5 ـ حساب الأضرار الجانبية

في الحروب السابقة، كان يتم التحقق من عدد الأشخاص الموجودين في المنزل المقرر قصفه، مع إدراج عدد المدنيين المعرضين للقتل كجزء من ملف الهدف. ولكن بعد 7 أكتوبر، تم التخلي عن هذا التحقق الشامل إلى حد كبير. وقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن نظام يعمل من قاعدة خاصة في جنوب إسرائيل، يجمع المعلومات من الهواتف المحمولة في قطاع غزة، ويزود الجيش بتقدير لعدد الفلسطينيين الذين فروا من شمال قطاع غزة جنوبا. ويعمل النظام وفقًا للألوان: مناطق العلامات الحمراء حيث يوجد العديد من الأشخاص، ومناطق العلامات الخضراء والصفراء التي تم تطهيرها نسبيًا من السكان. فإذا قدر الجيش أن نصف سكان الحي قد غادروا، فإن البرنامج سيحسب المنزل الذي يضم عادة عشرة أشخاص يضم خمسة فقط. لم يراقب الجيش المنازل للتحقق من عدد الأشخاص لمعرفة ما إذا كان تقدير البرنامج دقيقًا بالفعل. وقد تبنى الجيش هذا النموذج غير الدقيق، لأنه أسرع.

6 ـ قصف منزل عائلي

كانت هناك أحيانًا فجوة كبيرة بين اللحظة التي توجد فيها أنظمة تتبع مثل أين أبي؟، والتي نبهت الضابط إلى أن هدفًا دخل منزله، والقصف نفسه ـ مما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها حتى دون إصابة الهدف الذي يريده الجيش. والنتيجة قتل عائلة أو عائلات دون سبب.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل