بورتريه

فيلسوفة يهودية ترى "7 أكتوبر" فعل مقاومة (بورتريه)

جوديث بتلر ولدت في كليفلاند بولاية أوهايو عام 1956 لعائلة يهودية من أصول مجرية وروسية- عربي21
جوديث بتلر ولدت في كليفلاند بولاية أوهايو عام 1956 لعائلة يهودية من أصول مجرية وروسية- عربي21
تعرف على نفسها بأنها يهودية مناهضة للصهيونية وناقدة للسياسة الإسرائيلية

تحظى أفكارها وأعمالها بقيمة فلسفية كبرى، وتعد أبرز زعماء النظرية النقدية المعاصرة (الجيل الثالث)

اهتمت بالفلسفة السياسية والاجتماعية ونظرية الأدب والدراسات الثقافية والجِنسانية والنوع الاجتماعي والهوية

علاقتها بالفلسفة بدأت من قبو منزلها العائلي، حيث وضع والداها كتابات فلسفية مختلفة شكلت شغفها الأول بالفلسفة


جوديث بتلر ولدت في كليفلاند بولاية أوهايو عام 1956، لعائلة يهودية من أصول مجرية وروسية.

كانت والدتها قد نشأت على اليهودية الأرثوذكسية، وتحولت فيما بعد إلى اليهودية المحافظة، وفي النهاية إلى اليهودية الإصلاحية، ويتبع والدها كنيس الإصلاح منذ طفولته.

التحقت بكلية "بنينكتون" حيث درست الفلسفة، وحصلت عام 1984 على أطروحة الدكتوراه من جامعة "يال"، ونشرت رسالتها عام 1987 تحت عنوان "ذوات راغبة: تأملات هيغيلية حول فرنسا القرن العشرين".

قامت بتلر بالتدريس في جامعة "وسليان"، وجامعة "جورج واشنطن"، وجامعة "جونز هوبكينز" قبل انتقالها إلى جامعة "كاليفورنيا" عام 1993 حيث انضمت إلى قسم الأدب الإنكليزي والأدب المقارن كأستاذة زائرة. وهي السنة التي أصدرت فيها دراستها الشهيرة "هذه الأجساد التي يجب اعتبارها". كما أنها حصلت عام 2006 على "كرسي هانا آرنت للفلسفة" في "كلية الدراسات الأوروبية العليا" بسويسرا.

وانتخبت عام  2009 رئيسة لـ"محكمة هوسرل" حول فلسطين، والتي تجمع المثقفين الأمريكيين حول القضية الفلسطينية لـ"حشد شروط سلام دائم وعادل بين إسرائيل وفلسطين" وذلك بفضل موقفها الثابت من رفض وشجب عنف دولة الاحتلال.

حصلت في عام 2008 على جائزة الإنجاز المتميز من مؤسسة "أندرو دبليو ميلون" لإسهاماتها في التحقق الإنساني.

اظهار أخبار متعلقة


ولقي منحها جائزة "تيودور أدورنو" في عام 2012، استهجانا كبيرا بين أوساط الأكاديميين الألمان ومجلس اليهود الألمان الذي وصف بتلر بـ"الفاسدة أخلاقيا"، وذلك لمواقفها المعادية لدولة الاحتلال ودعواتها لمقاطعتها أكاديميا وثقافيا ووصفها دولة الاحتلال بـ"دولة العنف"، وبعد أن لعبت دورا بارزا في "أسبوع أپارتهايد إسرائيل" الذي أقيم في تورنتو بكندا عام 2011.. ما دعا أكاديميين ألمانا يهودا إلى سحب الجائزة منها. ونقلت صحيفة "ذا جيويش كرونيكل" عنهم قولهم إن شخصا يدعو إلى مقاطعة إسرائيل لا يمكن أن يحصل أبدا علي جائزة ثيودور أدورنو".

وتشكل جودي مثالا لـ"المثقفة الجريئة المتعاطفة"، كما وصفها البيان التضامني للمثقفين الفلسطينيين بعد الهجوم الذي تعرضت له إبان ترشيحها في ألمانيا، فهي عضو في الهيئة الاستشارية لـ"الصوت اليهودي من أجل السلام"، وممثلة في اللجنة التنفيذية لـ"أساتذة من أجل السلام الفلسطيني-الإسرائيلي" في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي "مؤسسة مسرح الحرية في جنين".

وكانت بتلر قد دافعت أيضا عن حق الفلسطينيين واللبنانيين في الدفاع عن أرضهم، بل أكثر من ذلك فهي وصفت كلا من حزب الله اللبناني وحركة حماس بأنهما حركتان اجتماعيتان مركبتان، تؤديان ما تؤديه الدول من خدمات للمواطنين في ظل غياب الدور الفاعل للدولة في تلك المناطق.

وترى بتلر أنه "لا بد من التفريق بين الدولة العبرية من جهة واليهودية كثقافة وديانة من جهة أخرى"، وهو ما يؤكد أن "التيار المحافظ الأمريكي بالولايات المتحدة هو الذي دمج بين الاثنين، فأصبح الفهم العام هو أن كل من ينتقد الممارسات الإسرائيلية مع العرب فهو ضد اليهود".

 وفي مقالة نشرتها "لندن رڤيو أو بوكس" في عام 2003، انتقدت بتلر تصريحات رئيس جامعة هارڤارد لورنس سمرز التي اقترح فيها أن "الصيغ المؤكدة لنقد السياسات الإسرائيلية هي أحد أشكال معاداة السامية". وردت بإعلانها أنه "لن تتم مساواة اليهود مع الصهاينة أو اليهودية مع الصهيونية"، وعارضت فكرة تسمية اليهود أمثالها الذين كانوا ناقدين للسياسات الإسرائيلية بأنهم "يكرهون أنفسهم".

تعتبر جودي من دعاة الحل الثالث للقضية الفلسطينية، وتقول: "من وجهة نظري أن شعوب هذه الأراضي، يهودا وفلسطينيين، يجب أن يجدوا طريقة للعيش معا على أساس المساواة. وأمنيتي، كما هي أمنية عدد متزايد من اليهود وغير اليهود، أن ينتهي الاحتلال، ويتوقف العنف بكافة أشكاله".

جوديث بتلر، كانت ضمن المنخرطين باكرا في نقاشات الحرب على غزة، إذ نشرت، بعد أسبوع من بدء العدوان الإسرائيلي، مقالا مطولا بعنوان "بوصلة الحداد: عن العنف وإدانة العنف" في "لندن ريفيو أوف بوكس"، تحدثت فيه عن أهمية وضع سياق تاريخي للأحداث الأخيرة، ورأت أن "عنف حماس ضد إسرائيل غير مبرر".

ومع ذلك فقد دعت إلى فهم السياق التاريخي الذي جاء فيه "عنف حماس ضد إسرائيل"، كرد على العنف الإسرائيلي المسلط على الفلسطينيين وقطاع غزة بالأخص على مدار سنوات من الاستعمار والحصار والغارات الجوية المستمرة والتحكم بتحركات الفلسطينيين عبر نقاط التفتيش والمعابر والسجن التعسفي وتعذيب الأسرى والاغتيالات.

اظهار أخبار متعلقة


كما أنه كان متوقعا، فلم يتأخر الجدل في أعقاب نشر المقال وترجمته إلى أكثر من لغة، وقد أثار موجة من ردود الأفعال الغاضبة في الجانبين، المناصر لفلسطين ولدولة الاحتلال على حد سواء.

كما أن جوديث وقعت على رسالة مفتوحة من "المجتمع الفني إلى المنظمات الثقافية" لوقف الحرب على غزة وإدانة الجرائم الإسرائيلية و"كسر الصمت المؤسسي فورا بشأن الأزمة الإنسانية التي يواجهها 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر". وهو على ما يبدو تصويب لموقفها السابق الذي أدانت فيه "حماس".

وسرعان ما عادت الفيلسوفة الأمريكية وعبرت في مقابلة تلفزيونية بكلمات واضحة عن موقفها مما يحدث في غزة، واصفة إياه "بالإبادة الجماعية التي بات مهما أخذها على محمل الجد"، لأن "الهجمات لا تستهدف المقاتلين فقط، وإنما تستهدف أيضا السكان والمدنيين في غزة، الذين يتعرضون للقصف والتهجير".

ووصفت حركة حماس بأنها "فعل مقاومة مسلحة ضد القهر الذي يعيشه الفلسطينيون لعقود".
وأوضحت بتلر أنه "يمكن أن يكون لدينا وجهات نظر مختلفة حول حركة حماس كحزب سياسي، أو حول المقاومة المسلحة، ولكني أعتقد أن الأكثر صدقا والأدق تاريخيا أن أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر هي فعل مقاومة مسلحة، وليست هجوما إرهابيا أو معاديا للسامية".

ومع تأكيد الفيلسوفة الأمريكية أن الهجوم ضد الإسرائيليين كان "مؤلما لها" فقد قالت: "سأكون غبية إذا قررت أن العنف الوحيد في المشهد هو العنف الممارس ضد الإسرائيليين.. فالعنف ضد الفلسطينيين كان مستمرا لعقود".

وتبدو جوديث بتلر صوتا نقديا صريحا لا يجامل أحدا وهي لا تتنكر لقناعاتها وما نشرته في كتبها ومقالاتها. وكغيرها من الأكاديميين اليهود المناهضين للمشروع الصهيوني أمثال نعوم تشومسكي وتوني كوشنر ونعومي كلاين ونورمان فلكنستاين وإيلان بابيه وآفي شلايم، فإنها تعتبر صوتا مهما وضروريا ومؤثرا في معركة تحطيم الأساطير وإعادة كتابة السرد حول القضية الفلسطينية.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم