قضايا وآراء

أوكرانيا توحد الناتو والنفط يهدد بتمزيقه

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

تصعيد متوقع يدفع بأسعار النفط صعودا 5 دولارات لبرميل خام برنت متجاوزا الـ 122 دولارا عشية اللقاء المرتقب في بلجيكا بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة الدول الأعضاء في حلف الناتو اليوم الخميس 24 آذار (مارس) الحالي.

اجتماع الناتو وهواجس برلين

اجتماع قادة الناتو في بليجكا يتوقع أن يتخلله لقاء يجمع قادة دول مجموعة السبع الكبار بما فيها اليابان التي استبقت الاجتماع بالإعلان عن انضمامها للحظر الأمريكي على النفط الروسي؛ لترد موسكو بوقف التعاون والمفاوضات مع طوكيو حول مستقبل جزر الكوريل.

تصعيد روسي استبقته برلين بخطاب ألقاه المستشار الألماني أولاف شولتس أمام البوندستاغ الألماني (مجلس النواب الفيدرالي) معلنا فيه رغبة بلاده تقليص اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية على أن لا يكون ذلك مباشرة محذرا من ذلك بالقول: "إن الإقدام على هذه الخطوة مباشرة، من شأنه أن يزج بألمانيا وأوروبا بكاملها في مأزق".

مخاوف شولتس المشروعة وحساباته المعقدة دفعته للاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ لتخفيف حدة التوتر الناجم عن اللقاء المرتقب في بروكسيل لمناقشة حزمة العقوبات الجديدة على موسكو؛ خصوصا أن فلاديمير بوتين استبقها باتخاذ قرار بيع النفط بالعملة الروسية للدول التي تتخذ مواقف متشددة من بلاده وحملتها العسكرية على أوكرانيا.

حسابات برلين

برلين تسير على خط رفيع لتجنب الدخول في مأزق اقتصادي وسياسي خطير؛ فأوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 40% وعلى نفط الأورال بنسبة 50 %؛ فعملية الاستبدال غاية في الصعوبة والتعقيد خصوصا أن بعض الدول الأوروبية يبلغ اعتمادها على الغاز والنفط الروسي ما نسبتة 100% كالمجر .

تباينات وانقسامات اقتصادية تتهدد وحدة الموقف الأوروبي السياسي والأمني داخل حلف الناتو؛ ففي الوقت الذي تبدي بعض دوله حماسة كبيرة للعقوبات فإن دولا أخرى تبدي قدرا كبيرا من التحفظ والقلق من ارتدادته على اقتصادها واستقراراها.

 

أوروبا عالقة بين الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا وحملة العقوبات الأمريكية على روسيا؛ فالقارة الأوروبية تنتظر زيارة بايدن إلى بروكسيل للاطلاع على الحلول التي يحملها في جعبته بعد الفشل الظاهر للعيان في اقناع الصين والهند ودول الخليج ومن ورائها أوبك للانضمام لجهود محاصرة روسيا ومعاقبتها.

 



تحفظ وقلق نجم أولا عن تباطؤ النمو وارتفاع نسب التضخم  في أوروبا التي يتوقع أن تتجاوز الـ 8% نهاية هذا العام؛ وثانيا عن تراجع اليقين الاقتصادي نتيجة تعثر جهود الولايات المتحدة لتوفير بدائل للنفط والغاز لأوروبا وحلفائها في الناتو.

الجهود الأمريكية المتعثرة

الجهود الأمريكية المتعثرة في الخليج العربي والمحفوفة بالمخاطر وفيما يتعلق بالرهان على الاتفاق مع إيران وفنزويلا؛ أو حتى بالرهان على إمكانية تطور الموقف الصيني والهندي مستقبلا تجاه الحرب في أوكرانيا؛ دفعت كريستينا لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى تأجيل اتخاذ قرار رفع الفائدة على اليورو بانتظار دراسة تاثير  العقوبات الأمريكية على الأسواق العالمية وجهود واشنطن في الآن ذاته لتعويض الأسواق الأوروبية عن النفط والغاز الروسي. 

أوروبا عالقة بين الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا وحملة العقوبات الأمريكية على روسيا؛ فالقارة الأوروبية تنتظر زيارة بايدن إلى بروكسيل للاطلاع على الحلول التي يحملها في جعبته بعد الفشل الظاهر للعيان في اقناع الصين والهند ودول الخليج ومن ورائها أوبك للانضمام لجهود محاصرة روسيا ومعاقبتها.

تعثر دفع بايدن للاجتماع بكبار الموردين والمنتجين والبنوك في أمريكا لمعالجة هذ التعثر والفشل في واشنطن قبل ساعات من سفره إلى بلجيكا؛ فهل بات بايدن مسلحا بترسانة من الإجراءات المعقولة لتعويض أوروبا وحلفائه في الناتو عن النفط والغاز الروسي وسلاسل التوريد للخامات والمعادن والغذاء. أم أن اجتماعه بكبار المدراء التنفيذين للشركات والبنوك الكبرى في واشنطن لم يوفر له الذخيرة الكافية لاقتاع الحلفاء في بروكسيل؛ ليزيدها سوءا إعلان بوتين بيع النفط والغاز بالروبل الروسي؟
 
مفارقة الوحدة والاختلاف

أوروبا تبدو مذعورة ومنقسمة؛ فالوحدة الظاهرة لأعضاء الناتو خلف الولايات المتحدة اليوم منبعها الحقيقي مفارقة غريبة تجمع بين الرغبة في مواجهة روسيا وبين الإعلانات المتكررة لقادة البنتاغون والأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ بأن الحلف لن يناقش انضمام أوكرانيا للحلف ولن يتورط في الحرب الأوكرانية؛ فمواجهة روسيا ليست كلمة السر في وحدة الحلف وإنما سبل تجنب المواجهة معها.

 مفارقة تزيدها الارتفاعات في أسعار النفط خطورة وتهديدا لوحدة الموقف في حلف الناتو؛ فالفشل الأمريكي في وقف الارتفاع التضخمي لأسعار النفط وغياب البدائل المعقولة للغاز والنفط الروسي تتهدد وحدة الحلف وتماسكه؛ فهل تنجح زيارة بايدن لأوروبا ولقاءاته لقادة حلف الناتو والشركاء في مجموع السبع الكبار في بروكسيل في توحيد الحلف أم تزيده فرقة وانقساما؟ هذا ما ستكشفه الساعات القليلة المقبلة.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)