هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية مقال رأي للكاتب فريد زكريا تحدث فيه عن محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرقلة الانتقال السلمي والسلس للسلطة في انتهاك صارخ لأهم أسس الديمقراطية.
وقال الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن رفض ترامب الاعتراف بفوز غريمه الديمقراطي جو بايدن ورفعه دعاوى قضائية للطعن في النتائج لن يغير حقيقة هزيمته. وقد وصف أحد القضاة الأمريكيين المزاعم القانونية لفريق حملة ترامب بأنها "مجرد شائعات غير مقبولة".
ومن غير المتوقع أن يطالب المشرعون في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون بإعادة فرز الأصوات.
وعندما تنتهي كل هذه الفوضى، سيكون بايدن متأكدا بنسبة 100 بالمئة تقريبا من تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل.
وأشار الكاتب إلى أن تشكيك ترامب في نزاهة الانتخابات الأمريكية وشرعيتها سلوك لم يسبق له مثيل في التاريخ الأمريكي.
ولا شك، بحسبه، في أن محاولاته عرقلة عملية نقل السلطة لن تبقيه في البيت الأبيض ولكنها ستضُر بشدة بالثقافة الديمقراطية التي لطالما ميزت الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يقود إدارته والموالين له إلى حالة من الجنون بسبب تمسكه بمزاعم "تزوير الانتخابات".
وذكّر الكاتب بما حدث في انتخابات سنة 2016 عندما أعلنت هيلاري كلينتون في وقت مبكر فوزها أمام دونالد ترامب في نفس ليلة الانتخابات، لتلقي في اليوم التالي خطابا تقرّ فيه بهزيمتها الرسمية وتهنئ خصمها. وفي اليوم الموالي، دعا الرئيس باراك أوباما ترامب إلى البيت الأبيض، وأمضى ساعة ونصف يتحدث معه، ووعده بالتعاون الكامل من أجل ضمان انتقال ناجح للسلطة.
اقرأ أيضا: إحدى مزاعم ترامب عن الانتخابات تحاكي أحداث فيلم من 2006 (شاهد)
ونقل الكاتب عن نيوت غينغريتش، الرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي، أن بايدن يجب أن يبذل جهدا لإقناع الجمهوريين بأن وصوله للبيت الأبيض ليس عملية استحواذ يسارية يمولها أشخاص مثل جورج سوروس، مستبعدا بذلك فكرة العمل معه.
ومن جهته، أعاد ترامب نشر مقطع فيديو للممثل جون فويت يقول فيه: "هذه الآن أكبر معركتنا منذ الحرب الأهلية، معركة العدالة ضد الشيطان. نعم أيها الشيطان، لأن هؤلاء اليساريين أشرار وفاسدون ويريدون إسقاط هذه الأمة. فلنقاتل في هذه المعركة كما لو كانت آخر معركة لنا على الأرض".
وأشار المؤرخ تيموثي سنايدر إلى خطورة مثل هذا النوع من الخطابات موضحا أن ترامب يقول ضمنيا إنه "إذا تعرضت للغدر، فعندئذٍ يُسمح بفعل بأي شيء. والادعاء بأن الانتخابات النزيهة كانت مزورة هو تقريبا إعداد لانتخابات مزورة أخرى. بعبارة أخرى، إذا أقنعت ناخبيك بأنها حقا انتخابات مزورة، فذلك تأكيد على أنك ستزور الانتخابات أيضا في المرة القادمة".
وأكد الكاتب أن النظام السياسي ليس مجرد مجموعة من القوانين والقواعد، وإنما أيضا تراكم للأعراف والسلوكيات. وعندما قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل (جمهوري من ولاية كنتاكي) إن ترامب "ضمن حقوقه بنسبة 100 بالمئة" للتصرف كما يحلو له، فذلك يعني أنه فقد قيمته كرئيس.
ولا شك أن هناك سببا لاعتراف الرؤساء السابقين بالهزيمة عندما تأكدوا من خسارتهم من الناحية الإحصائية، وذلك دون انتظار انتهاء عملية فرز الأصوات، في إشارة إلى احترام التداول السلمي للسلطة، مشددا من جانب آخر على أنه هزيمة ترامب حاسمة لا ريب فيها.
وخلص الكاتب إلى أن الديمقراطية قبل كل شيء تتعلق بالتداول السلمي للسلطة. وقد دمر ترامب هذه القواعد من أجل تحقيق مصالحه الأنانية. سيكون لأفعاله اليوم تأثير كبير ودائم على سياسة هذا البلد لعقود قادمة، وعواقب وخيمة على المجتمع الأمريكي.