هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة
"التايمز" إن الشعور بالهزيمة بدا على الرئيس دونالد ترامب في مناظرته مع
منافسه الديمقراطي جوزيف بايدن في 29 أيلول/ سبتمبر. ولم تكن المناظرة بناءة وكانت
أقل المناظرات أهمية في الذاكرة الحية، والسبب هو الغضب الذي كان يسكن في أحشائه.
تؤكد الصحيفة
في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أن غضب ترامب كان على فيروس كورونا
الذي دمر الاقتصاد والذي كان يريده أن يكون مثاله ليقنع الأمريكيين لكي ينتخبوه من
جديد. وكان غاضبا لأن "مستنقع" واشنطن ستعود إليه العافية لأنه أحبط رئاسته.
وكان غاضبا من الناخبين في الولايات المتأرجحة الذين باتوا غير متحمسين لأربع سنوات
أخرى له. وبعبارة أخرى كان غاضبا لأنه فقد السيطرة على البيت الأبيض. وكانت تلك صورة
متناقضة تماما مع 2016 عندما كان يمزح ولا يظهر اهتماما وهو يناظر هيلاري كلينتون التي
حضرت نفسها جيدا. وفي ذلك الوقت وجه غضبه على الاقتصاد العالمي الذي همش الأمريكيين
وعلى التدخلات العسكرية التي لا نهاية لها. ولكنه في تلك المناظرة كان منشغلا بإحباطاته
النفسية.
وكانت المشاجرة
صورة مختلفة عن ترامب بداية 2020 حيث كان يركض حول البلاد مهاجما الحزب الديمقراطي
والمرشحين عنه ويعقد تجمعات انتخابية صاخبة في نفس الولايات.
وفي تلك الفترة
حصل ترامب على براءة مجلس الشيوخ في محاكمته بالفضيحة الأوكرانية وأعلن عن توفير
225.000 وظيفة وراقب تزايد شعبيته بنسبة 49% وشاهد الخلافات بين الديمقراطيين في إيوا
وعدم قدرتهم على إعلان الفائز بالانتخابات.
ونعرف بعد السادس
من شباط/ فبراير وبعد تبرئة ترامب أن أول شخص مات جراء فيروس كورونا. وكان اسمها باتريشا
دود، 57 عاما في سان خوزيه بكاليفورنيا. وماتت فجأة في مطبخها، ولم يتوصل الطب الشرعي
لسبب وفاتها إلا بعد أسابيع، وأكد أنها ماتت بسبب كوفيد-19.
ومع توسع فيروس
كورونا في الولايات المتحدة وتدميره الاقتصاد، فقد دمر معه رسالة ترامب الانتخابية.
وعندما عاد للحملات الانتخابية في تولسا بأوكلاهوما في حزيران/ يونيو في تجمع لم يحضره
سوى 6.000 شخص اضطر لتغيير رسالته إلى "حافظ على أمريكا عظيمة" وعاد إلى
شعاره الأول "لنجعل أمريكا عظيمة مرة ثانية".
وإذا كان فيروس
كورونا هو الذي بعثر رسالة ترامب فقد جعل منافسه بايدن مصمما على رسالته. وأعلن نائب
الرئيس السابق عن حملته الانتخابية الثالثة في نيسان/ إبريل بعد 11.643 يوما على حملته
الأولى. وكانت رسالته للأمريكيين مشابهة لرسالته الأخيرة وهي "نحن في معركة من
أجل روح الأمة هذه".
وكانت رسالته بسيطة
وثابتة وتقوم على فكرة جذب الناخبين الذين صوتوا لترامب في عام 2016. ولم تكن رسالته
مقنعة وسط 22 من المرشحين الديمقراطيين. وعندما قرر بايدن، 77 عاما الدخول للحلبة كان
هناك حديث حول ضرورة تعلم الحزب من درس الانتخابات السابقة ومحاولة إنعاش قاعدته بدلا
من ترشيح ديمقراطي سابق. وكانت بداية بايدن غير مشجعة، فلم يحضر المناسبات الانتخابية
بشكل منتظم وكانت نقاشاته مهتزة وبدون تبرعات كثيرة.
وفي إيوا أنهى
السباق في المرتبة الرابعة وفي نيوهامبشير كانت النتيجة أسوأ.
وذهب بدون تبرعات
وحظوظ إلى ساوث كارولينا، وفي هذه الولاية التي تعيش فيها مجموعة مهمة من الناخبين
الأمريكيين السود، قدم بايدن رسالته للديمقراطيين المعتدلين الذين يبحثون عن طرق لهزيمة
ترامب. وفاز، ومنذ ذلك الوقت كبرت كرة الثلج ووصلت إلى يوم الثلاثاء العظيم، وكان واضحا
أن نائب الرئيس السابق سيصبح مرشح الحزب.
وبعد أسبوع أجبرت
حملته على العمل من أرضية بيت في ديلوار بسبب فيروس كورونا حيث ظلت فيها لعدة أشهر.
وكانت محاولات بايدن القيام بحملات انتخابية افتراضية غير مريحة، وهذا متوقع من رجل
في سنه وأدت إلى السخرية. ولكن بالعودة إليها فقد وضعت تلك المحاولات الأسس لما تبقى
من أشهر على الحملة.
ففي الوقت الذي
كان فيه بايدن يثير غضب الديمقراطيين في حملاته الانتخابية المتواضعة، قرر ترامب تولي
مهمة تقديم تقارير عن وضع فيروس كورونا وطريقة إدارته للسيطرة عليه. وباتت مؤتمراته
الصحفية اليومية تملي الأجندة الخبرية وأثارت على ما يبدو قلق الناخبين حول أسلوب معالجة
رئاسته للأزمة. وعندما عاد بايدن إلى حملاته الانتخابية في نهاية الصيف كانت طريقة
أدائه أكثر انضباطا من حملات منافسه الرئيس التي يديرها مع الصحفيين في مدارج المطارات.
وحاول ترامب قدر
الإمكان تضمين تجمعاته الانتخابية في برنامجه اليومي كرئيس، أما بايدن فلم يكن متعجلا،
وكانت تمر أيام عدة دون ظهوره في تجمع. وعندما كان يخرج إلى الولايات المتأرجحة كان
يفعل ذلك بعد اتخاذ الاحتياطات مع الطاقم الذي يرافقه والصحفيين حول ضرورة الالتزام
بقواعد التباعد الاجتماعي بشكل يظهر التزامه ووعيه بمخاطر الفيروس على صحة الأمريكيين.
وكانت مناسباته تعقد دائما في الخارج وأمام مجموعة تمت دعوتها. وفي أيلول/ سبتمبر قدم
خطابا حول المناخ في مسرح فارغ.
وكانت المرحلة
الأكثر كثافة في حملات بايدن قد تزامنت مع محاولات ترامب إدخال موضوع ابنه هانتر في
الحملة الانتخابية. وتم تسريب رسائل منسوبة إليه، لكن محاولة ترامب فشلت وتجاهلتها
الصحافة الليبرالية ولم تؤثر في النهاية على استطلاعات الرأي.
والمشكلة في محاولة
ترامب أن الفساد لم يكن مناسبا لصورة بايدن وشخصيته المتعاطفة والذكية والذي عانى من
عدة مآس شخصية.
وفي عام 2015 وعندما
كان بايدن يفكر بخوض الانتخابات ضد هيلاري كلينتون، قالت معلقة اسمها كايلي ماكيناني
لراديو محلي في نيويورك إن الجمهوريين "سيواجهون مشكلة" في سباق ترامب ضد
بايدن. و"لأن جوي بايدن، وهذا أمر معروف به رجل الشعب ولديه دعم داخل الناخبين
من الطبقة المتوسطة فهو دائما يبرز كإنسان". وماكيناني هي جزء من فريق إعلام ترامب
وتحاول احتواء القوة لدى المرشح الديمقراطي التي حذرت الجمهوريين منها. وحاول ترامب
العثور على رمز يهاجم من خلاله بايدن، ولم تفلح سخريته من "جوي النائم" على
"تويتر" بإحداث الأثر كتلك التي استخدمها في 2016.
ولم يكن ترامب
متأكدا فيما إن كان بايدن جزءا من "اليسار المتشدد" أو مسيطرا عليه منه. لكنه
كلما قدم نفسه كمدافع عن النظام والقانون كلما ظلت الاستطلاعات تتحدث عن تقدم بايدن.
ولكنه أحدث ضررا على نفسه عندما ظهر في صورة وهو يحمل الإنجيل أمام كنيسة تعرضت للتخريب
قريبة من البيت الأبيض. وفي ذروة احتجاجات "حياة السود مهمة" في أعقاب مقتل
جورج فلويد.
ومع ذلك ظل ترامب خلال الحملات الانتخابية يتصرف وكأنه الرابح حتى عندما دخل المستشفى بعد إصابته بكوفيد- 19 وعودته للتجمعات الانتخابية، لكن شيئا ما تغير وبدأت تتسرب تصريحات تعبر عن حالة الإعياء وشعور حول بقائه في السلطة. ففي تجمع انتخابي ببنسلفانيا ناشد تجمعات سكانية بعينها لإنقاذه. وقال: "قال لي البعض إنك لا تعرف إن كنت تحب نساء الضواحي؟" و"قالوا: ربما لا يرتحن للطريقة التي تتحدث بها"، مضيفا: "نساء الضواحي أناشدكن أحبنني".
اقرأ أيضا: ترامب يبدو واثقا بفوزه ويحتفل مبكرا برقصته الشهيرة (شاهد)