قضايا وآراء

"مقاصل" الإعدام في بنغلاديش!

1300x600
ما زال الصمت يخيم على العالم، والضمير الإنساني في غيبوبته، بينما "مقاصل" الإعدام تواصل حصد قادة الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، وآخرها تأييد المحكمة العليا قبل أيام حكم الإعدام بحق أمير الجماعة، العالم الكبير مطيع الرحمن نظامي.

تلك "المقاصل" تستلم ضحاياها من خيرة أبناء الشعب البنغالي، من أورقة محاكمات هزلية، تحاكمهم على أحداث مرعليها خمسة وأربعون عاما، بتهمة ارتكاب جرائم خلال حرب الاستقلال عام 1971 (انفصال بنغلاديش عن باكستان)، ومحاولة إعاقة استقلال بنغلاديش عن باكستان، وإجبار هندوس على اعتناق الإسلام!

حكومة "عوامي" العلمانية المتطرفة برئاسة حسينة واجد، ابنة مجيب الرحمن، قائد عملية انفصال بنغلاديش عن باكستان، هي من بدأت تلك المحاكمات الجائرة في مطلع عام 2013م، أمام ما تسمى "محكمة جرائم الحرب" التي قضت بإعدام البروفيسور عبد الكلام آزاد، أحد أبرز زعماء الجماعة غيابيا.

وفي 27 شباط/ فبراير 2013م، حكمت بالإعدام على الزعيم الإسلامي دلوار حسين، رئيس حزب الجماعة الإسلامي.

وتسارعت بعد ذلك "مقاصل" الإعدام، بتعليق العالم الجليل "علي أحسن مجاهد" أمين عام الجماعة الإسلامية، وأحد كبار العلماء في شبه القارة الهندية على حبل المشنقة يوم الجمعة  (20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015م)، وهو الذي خلف الشهيد البروفيسورعبد القادر ملا، الأمين العام للجماعة، بعد إعدامه قبل ما يقرب من أربعة أعوام تقريبا (مساء الخميس 12 كانون الأول/ ديسمبر 2013م)، مع السيد صلاح الدين قادر تشودري، البرلماني السابق في حزب بنغلاديش القومي.

وهكذا تحصد "مقاصل" الإعدام قادة الجماعة الإسلامية فردا فردا، بزعم ارتكابهم جرائم حرب خلال عملية انفصال بنغلاديش عن باكستان عام 1971م. ولا ندري لماذا نامت الحكومات البنغالية المتعاقبة عن تلك الجرائم الكبري -في نظرها-  خمسة وأربعين عاما؟  

ولماذا تبوأ قادة الجماعة الأسلامية مناصب عليا في الدولة خلال تلك الفترة، ومنهم أمير الجماعة نفسه الذي تولي حقيبة وزارة الزراعة والصناعة.

في تلك الأجواء المعتمة، يعيش الشعب البنغالي محنة كبرى على أيدي حكومة "عوامي" المدعومة من كل القوى المعادية للإسلام، فقد قامت قوات الأمن قبل ثلاثة أعوام باعتقال قادة "الجماعة الإسلامية" جميعهم، وفي مقدمتهم مؤسسها البروفيسور غلام أعظم، الذي توفي في السجن مريضا (92 عاما)، وأميرها الحالي الشيخ "مطيع الرحمن نظامي" المحكوم بالإعدام، وستة آلاف وخمس مئة من كوادرها؛ لإفساح الطريق أمام تلك الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والتمكين للفكر العلماني والهندوسي والتغريبي. 

وقد سبق ذلك عملية تجفيف ممنهجة لمنابع التعليم الإسلامي، وإغلاق العديد من المؤسسات التعليمية والخيرية، وأعلنت وزيرة الخارجية البنغالية صراحة: "إن بنغلاديش دولة علمانية وليست دولة مسلمة".

ويعيد حزب "عوامي" الحاكم بقيادة حسينة واجد تاريخه الملطخ بدماء المسلمين، المكلل بعار الحرب على الإسلام والهوية الإسلامية.. فقد شنَّ حربا شعواء على الإسلام والعاملين له داخل البلاد خلال فترتي حكمه للبلاد (1971- 1975، ومن 1996- 2001)، حيث أغلق مؤسسات التعليم الإسلامي، وزجَّ بعشرات الآلاف من الشباب خلف القضبان، وقتل عشرات العلماء. 

فاجأت هذه الحكومة شعب بنغلاديش المسلم (87 في المئة مسلمون) بانقلاب على الدستور، ليصبح علمانيّا، بعد حذف كل ما يشير فيه إلى الإسلام من قريب أو بعيد.

واليوم، يعيد الحزب حقبته السوداء ضد الإسلام والمسلمين، في محاولة لاستئصال الجماعة الإسلامية، بعد تنامي شعبيتها بصورة كبيرة مخيفة لرعاة المشروع العلماني الهندوسي، الذين يحرصون على تحويل بنغلاديش إلى دولة هندوسية منذ انفصالها عن باكستان عام 1971م.

إن ما يجري في بنغلاديش ليس ببعيد عمّا يجري في مصر بعد الانقلاب الدموي.. وليس ببعيد عمّا يجري في سوريا والعراق واليمن، وليس ببعيد أيضا عمّا يجري في بورما وسريلانكا، ولا ما جرى من قبل في البوسنة والهرسك قبل عقدين من الزمان، ولا ما جرى للمسلمين في الاتحاد السوفيتي خلال عهد القياصرة وخلال الثورة البلشفية والعهد الشيوعي، ولا ما جرى خلال تسعينيات القرن الماضي، من إبادة للشعب الشيشاني.. إلخ.

حرب على الإسلام والهوية الإسلامية والمسلمين، وهي حرب تزداد ضراوة يوما بعد يوم، وتتخذ صورا وأشكالا متعددة، ويتم تنفيذها بآليات متباينة في كل الميادين، وترمي في النهاية لمحاولة اقتلاع الإسلام وإبادة أهله.

* الكاتب: مدير التحرير السابق لجريدتي الشعب المصرية والمجتمع الكويتية.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع