تناول تقرير لموقع "ذا ديبلومات" تحول منطقة الخليج إلى ساحة لتوسع النفوذ التكنولوجي
الصيني عبر الذكاء الاصطناعي والبنية الرقمية، مع انتقال القوة من
النفط إلى "قوة الخوارزميات" المبنية على البيانات والحوسبة.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الصين استغلت التنافس بين دول الخليج خلال السنوات الأخيرة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، لترسيخ نفوذها في المنطقة عبر
التكنولوجيا.
وأشار الموقع إلى أن النفط كان لعقود طويلة مصدر القوة والتأثير الجيوسياسي في المنطقة، أما اليوم فقد حلت محله مراكز البيانات والخوادم السحابية وخوارزميات التعلم الآلي.
وقد أدركت بكين هذا التحول مبكرًا فغيّرت سياستها من تأمين إمدادات الطاقة إلى السيطرة على البنية التحتية الرقمية، عبر شركات مثل "هواوي" و"علي بابا كلاود" و"سينس تايم"، ما خلق اعتمادًا تكنولوجيًا متزايدًا على الصين في منطقة الخليج.
وأوضح الموقع أن بكين تستهدف على وجه التحديد السعودية والإمارات وقطر، حيث اتجهت هذه الدول الساعية إلى تنويع اقتصاداتها وتنفيذ أهدافها التنموية، إلى التقنيات الجديدة، بما في ذلك برامج الذكاء الاصطناعي الصينية.
ويتساءل الموقع في هذا السياق: كيف غيّرت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية في الخليج طبيعة نفوذ بكين في هذه الدول الثلاث؟ وما هي التداعيات على الأمن التكنولوجي العربي، الاستقلالية، والتوازن الإقليمي؟
المملكة العربية السعودية
ذكر الموقع أن شركة "سينس تايم" وقّعت في أيلول/ سبتمبر 2022، اتفاقًا بقيمة 206 مليون دولار مع المركز الوطني السعودي للذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة رؤية حاسوبية للأمن والطاقة والخدمات. كما استثمرت "بروسبيريتي 7 فينتشرز" التابعة لأرامكو في شركة "تشيبو إيه آي" الصينية.
وفي مشروع نيوم، تعتمد السعودية في سعيها لبناء نموذج "للحوكمة الرقمية" على تقنيات صينية في إدارة البيانات والمراقبة والتحليلات السلوكية.
وحسب الموقع، يبدو هذا التعاون اقتصاديًا للوهلة الأولى، لكنه يتضمن في الواقع مشاركة البيانات السعودية مع الخوارزميات الصينية، مما قد يشكل خطرًا كبيرًا على المدى الطويل ويحد من الاستقلالية الرقمية.
الإمارات العربية المتحدة
أضاف الموقع أن الإمارات تبنّت مبكرًا شعار الانتقال من النفط إلى الذكاء الاصطناعي كمشروع وطني. ففي 2019 وقّعت عقدًا مع "يو بي تيك روبوتيكس" الصينية بقيمة 362 مليون دولار لإنشاء مختبرات ذكاء اصطناعي، وفي 2020 تعاونت شركات مثل "هواوي" الصينية و"جي 42" الإماراتية لتوطين الخوارزميات الصينية في أنظمة التعرف على الوجه والأمن الحضري والرعاية الصحية الرقمية في الإمارات.
وأكد التقرير أن الإمارات أصبحت مركزًا إقليميًا للذكاء الاصطناعي في الخليج بفضل برنامجها الطموح للذكاء الاصطناعي 2031، حيث أدى تعاون شركة "جي 42" مع المختبرات الصينية إلى إنشاء شبكة من البيانات الضخمة التي تطمس الحدود بين التعاون التجاري والتأثير المعلوماتي.
وفي الفترة الماضية، أعلنت شركة "ترانك" الصينية المتخصصة في حلول القيادة الذاتية والشبكات الذكية للشحن، إنها ستؤسس مقرها الإقليمي في دولة الإمارات لتوسيع نطاق عملياتها في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويرى التقرير أن هذه المبادرات تولّد اعتمادًا عكسيًا على البيانات، إذ تستخدم دول الخليج التكنولوجيا الصينية، لكن الخوارزميات تُغذّى بالبيانات المحلية، وهو ما يؤدي إلى تعزيز النفوذ الصيني في هذا المجال من خلال الوصول العالمي إلى مجموعات بيانات متنوعة.
وأشار إلى أن قطر اختارت مسارًا مختلفًا عبر الاستثمار في التعليم والدبلوماسية التكنولوجية والتعاون الأكاديمي. ففي 2025 وقّعت الحكومة القطرية اتفاقًا مع "هواوي كلاود" لإنشاء بنية تحتية سحابية ضمن مبادرة "الحزام والطريق الرقمية"، كما استثمرت 2.5 مليار دولار في البيانات والذكاء الاصطناعي، ما جعلها مركزًا إقليميًا للابتكار الرقمي.
لكن هذه البنية التحتية تعمل -حسب الموقع- وفق معايير صينية، ما يجعل الدوحة قطعة أساسية في نفوذ بكين الجيوسياسي الرقمي، حيث تشكل هذه الاتفاقيات حلقات في سلسلة نقل البيانات الممتدة من شرق آسيا إلى الخليج.
مخاوف أمريكية
ولفت الموقع إلى أن
الولايات المتحدة تنظر إلى بقلق إلى هذا التغلغل الرقمي الصيني في الخليج، حيث لم تعد المنافسة بينها وبين بكين في المنطقة تدور حول الموانئ أو القواعد العسكرية، بل حول الخوادم السحابية ومراكز البيانات.
وتدرك الولايات المتحدة أن هذه الشبكة الرقمية الصينية في الخليج من شأنها أن تلعب دورا حاسما في تشكيل سياسة البيانات المستقبلية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي ومعايير الأمن السيبراني.
ويختم الموقع بأن ما تقوم به الصين مع دول الخليج في مجال البيانات والتعاون التكنولوجي يمنحها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا، ويعيد تشكيل التوازن الجيوسياسي في المنطقة.