تشهد
دولة
الاحتلال تصاعدا ملحوظا في ظاهرة الكاهانية المتطرفة، مع منحها غطاء حكومياً
رسمياً، رغم إعلانها في ظل حكومات سابقة بأنها حركة إرهابية، لكن ورثتها اليوم
"يزدهرون" على طاولة الحكومة الحالية، وهكذا يتم تطبيع العنصرية فيها.
وأكد نير كيبنيس الكاتب بموقع ويللا، أنه
"حين انتخب الحاخام مائير كاهانا في الثمانينيات للكنيست شكل وصمة عار فظيعة
بالدرجة الأولى في
اليمين الاسرائيلي، الذي ضم آنذاك بقايا كبيرة من التيار
الليبرالي، ومنها حزب الليكود، حيث قررت وسائل الإعلام الإسرائيلية آنذاك مقاطعته،
وتبين أن هذه خطوة حكيمة، لأنه في ذلك الوقت لم يوجد سوى قناة تلفزيونية واحدة،
ومحطتين إذاعيتين رئيسيتين، وصحيفتين يوميتين".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أنه "بعد
سنوات قليلة من انتخابه، ثم اغتياله في الولايات المتحدة، قام أحد معجبيه، الحاخام
باروخ غولدشتاين، بذبح المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل في
الضفة الغربية في 1994، ثم جاء تلميذه المخلص، إيتمار
بن غفير، الذي
لم يعد اليوم أول من يدخل الكنيست على أساس كاهاني شرعي، لكنه أول من عين وزيرا، ووزيرا
للأمن القومي مكلفا بالشرطة".
وأشار
أن "هذا الوزير لم يتردد في تعليق صورة القاتل غولدشتاين في منزله في مستوطنة
كريات أربع، وبعد حوالي 10 سنوات، قبل 25 عامًا، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية
الثانية، التي استمرت أكثر من أربع سنوات، وخلال تلك الفترة، امتلأت محطات
الحافلات أو الجدران فقط بكتابات كاهانا صادق، عقب العمليات التفجيرية
الفلسطينية، الذي تم تصنيفه بأن هذا الرد الفلسطيني الحقيقي على عملية أوسلو".
وأوضح
أن "غضبي تجاه الفلسطينيين لم يكن مبنياً على الكراهية العقائدية، بل على
الممارسة فقط، لكني احتقرت معجبي كاهانا الذين عادوا إلى الظهور مجددا، رغم أنهم
استغلوا الهجمات الفلسطينية الأكثر دموية من الهجمات السابقة، وفي نهاية عهد
كاهانا، مثل كل كارثة، بدأت ظهور تداعياته، وأصبح بن غفير ضيفا مرحبا به على
القنوات التلفزيونية الشرعية".
وأشار
كيبنيس إلى أن "بن غفير بات يظهر على مدار الساعة على استوديوهات البرامج التلفزيونية، وهي
برامج يمينية تطبيعية، ليست القناة 14 فقط، بل القناة 12 أيضاً، وبات كاهانا على
قيد الحياة، بل ويركل المتظاهرين، حتى لو كان موجودا في قبره، لأنه اليوم يرتدي زي
الشرطة، ويعيش في الكنيست، ويتنقل بين لجانه البرلمانية، وهكذا فإننا نعيش ذات
العار في الحكومة الإسرائيلية، لأنه يُحبط صفقات التبادل، ويتفاخر بأخذ الطعام من
قائمة الأسرى الفلسطينيين، وهو ما يتم التعبير عنه على الفور في ضرب المختطفين في
أنفاق غزة".
وأوضح
أن "كاهانا ما زال يعيش بيننا، مما يشوّه سمعة الجمهور الاسرائيلي، وقيم
الملتزمين بالقانون من خلال عمليات الإعدام خارج نطاق القانون الموثقة التي
يرتكبها الجيش والشرطة، ويعرف مرتكبو هذه الجرائم أنه لن يحدث لهم شيء، فالوزير
المسؤول هو "ملكهم"، ويمثل، من بين مآثره الأخرى، المشاركين في
"حفل زفاف الكراهية" سيئ السمعة، وهو مثال حي على الكاهانية".
وختم كيبنيس بالقول إن "ظاهرة الكاهانية يتم تجسيدها من قبل منفذي القانون، وتوزيع
منشورات في الكنس اليهودية، ويصرخ في حفل توزيع الشهادات في الجامعة العبرية،
وإعلان شعارات "لا توسّخ يديك، فقط أعطني القوة، سأجعلها قذرة من أجلك، وهذا
العار يحدث كل يوم، وكل ساعة، من مناطق البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية إلى
طاولة الحكومة، لقد مات كاهانا منذ 35 عامًا، لكن الكاهانية لم تعرف يومًا أفضل من
هذه الأيام".