سلطت صحيفة "
نيويورك
تايمز" الضوء على الاهتمام الأمريكي بأن تكون مدينة
رفح والمناطق التي يسيطر
عليها جيش
الاحتلال الإسرائيلي في قطاع
غزة، هي البداية لعملية إعادة
الإعمار، في
ظل رهن العملية بنزع سلاح حماس أو زوال تهديدها.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات
نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس والمبعوث جاريد كوشنر، واللذين تحدثا هذا
الأسبوع بأن إعادة إعمار قطاع غزة يجب ألا ينتظر بالضرورة حتى يتم نزع سلاح حماس
أو زوال تهديدها في القطاع.
وأخبر الأمريكيان، اللذان
كانا في زيارة لإسرائيل، بأن "إعادة الإعمار قد تبدأ قريبا جدا في الجزء الذي
تسيطر عليه إسرائيل"، وقال كوشنر يوم الثلاثاء: "لن تخصص أي أموال
لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال حماس تسيطر عليها"، لكنه تحدث عن بناء
"غزة جديدة" في الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه
الفكرة تحظى "بقبول كبير لدى مؤيدي إسرائيل: فهي فرصة لإنشاء مجتمع فلسطيني
نموذجي خال من الصواريخ والأنفاق التي قد تهدد إسرائيل"، مضيفة أنّ "هذا
النهج يذكرنا بخطة "ريفييرا الشرق الأوسط" غير المتوقعة التي
تخيلها ترامب سابقا لغزة خالية من الفلسطينيين. ويقول الخبراء إن إبعاد
عناصر حماس عن قطاع غزة المعاد إعماره قد يستلزم إجراءات أمنية مشددة، قد تبدو
وكأنها احتلال عسكري آخر".
وتابعت: "السؤال
الرئيسي هنا هو ما إذا كان جهد إعادة الإعمار هذا سيترسخ بطريقة تشير إلى سلام
أكثر ديمومة، أم أنه مجرد باب خلفي لاحتلال عسكري إسرائيلي آخر. في وقت
ستلتزم فيه الدول العربية الحذر من خطة قد تعتبرها مساعدة للاحتلال".
وأكدت أنه "رغم تشرد
معظم سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، أكثر من مرة خلال العامين
الماضيين، إلا أن الكثيرين منهم يرفضون العيش في مجتمع بني من الصفر ويكون بديلا
عن تعلقهم بجزء من أرض غزة".
ونقلت الصحيفة عن محمد
فارس، البالغ من العمر 25 عاما، والذي يعيش في دير البلح بعد تدمير منزل عائلته في
مدينة غزة: "يتحدث الكثيرون عنا وكأننا أحجار شطرنج، يظنون أنه يمكن نقلنا
بسهولة من مكان إلى آخر".
وبموجب وقف إطلاق النار، انسحب
جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة تبلغ مساحتها 53% من قطاع غزة، أي ما يقارب
نصفه الشرقي. وقد حذر الفلسطينيون من الاقتراب من ذلك الجانب من غزة.
وقال جيش الاحتلال إنه "عند
دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كان هناك حوالي 30,000 فلسطينيا في
منطقتي رفح وخان يونس، جنوب غزة، وهما منطقتان يسيطر عليهما الجيش الإسرائيلي".
وأضاف الجيش أنه "يسمح
لهؤلاء الفلسطينيين بمغادرة ودخول المناطق التي تسيطر عليها حماس، لكنه لا يسمح
لهم بالعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل. وأبعد من ذلك، يقول المسؤولون
إن معظم المنطقة الخاضعة لسيطرة إسرائيل أصبحت الآن أرضا قاحلة، لا يعمل فيها سوى
الجنود على بعد أميال من أي اتجاه.
وتساءلت الصحيفة عن سبب
تبني المسؤولين الأمريكيين فكرة "غزة الجديدة"؟ فقد أعرب نائب الرئيس
فانس عن دعمه للفكرة خلال زيارته لإسرائيل.
وقال فانس يوم الخميس:
"لا يزال الأمر في مراحله الأولى، ولكن هذه هي الفكرة الأساسية، خذوا
المناطق التي لا تعمل فيها حماس، وابدأوا بإعادة إعمارها بسرعة كبيرة، وابدأوا في
جلب سكان غزة ليتمكنوا من العيش هناك، وليحصلوا على وظائف جيدة ونأمل أن ينعموا
ببعض الأمن والراحة أيضا".
وأضافت الصحيفة أن
اقتراح إعادة إعمار المناطق التي لم تعد تسيطر عليها حماس، حظي بقبول سياسي واسع
بين مؤيدي إسرائيل، بمن فيهم بعض من انتقدوا إدارتها للحرب. وقال مايكل كوبلو، من
منتدى السياسة الإسرائيلية الليبرالي، إن الفكرة تمثل فرصةً مرحبا بها لإعادة
الإعمار.
وكتب كوبلو: "لو
تعاملت إسرائيل مع المناطق التي طهرها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب كمناطق لخلق
يوم تالي فعال، لكانت منعت حماس من إعادة ترسيخ وجودها في تلك الأماكن بمجرد رحيل
الجيش الإسرائيلي، ولهذا السبب استمر الجيش في دخول الأحياء نفسها ثلاث أو
حتى أربع مرات".
إلا أن البعض أشاروا
للمخاطر، حيث قال تامير هايمان، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، إن
إعادة البناء شرق الخط الأصفر شيء، والسماح للفلسطينيين بالعودة مع إبعاد حماس شيء
آخر. مضيفا: "ستحتاج إلى مراقبة كل فرد شرير يمر عبرها على مدار الساعة طوال
أيام الأسبوع. ستحتاج إلى بؤر استيطانية ونقاط تفتيش. وإذا وصفت ذلك بأنه شكل جديد
من أشكال احتلال غزة، فقد تكون محقا. وأعتقد أن حماس ستحاول تعطيله" و
"سوف تحاول التسلل وتنفيذ هجمات داخل هذه المنطقة الجديدة كمقاومة للاحتلال".
ويرى الفلسطينيون أن
الحكومة الأمريكية تسيء فهم جغرافية غزة. وقال عايد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة
وصناعة محافظة غزة إن "إسرائيل تحتل معظم الأراضي الزراعية والصناعية. فهل
سيبنون مبان سكنية هناك؟ هذا غير منطقي".
وفسر أبو رمضان تصريحات
كوشنر على أنها تهديد لحماس أكثر منها اقتراحا قابلا للتنفيذ. وقال: "إنهم
يحاولون إقناع حماس بضرورة العمل مع خطة ترامب".
ولكنه أثار مخاوف بشأن من
سسمح له بالعيش في أحياء غزة الجديدة ولماذا. وقال: "سينتهي بهم الأمر إلى
فصل العائلات، وسيقولون إن بعض الأشخاص لا يمكنهم الذهاب لوجود علامات استفهام
حولهم. وسيمنعون من الدخول لأنهم اتصلوا بالشخص الخطأ مرة واحدة لتقديم التعازي أو
صافحوا الشخص الخطأ في الشارع أو أن ابن عمهم هو الشخص الخطأ".
وبالنسبة لفارس، النازح
الغزي، فهو يحاول إصلاح منزله في مدينة غزة الذي تضرر خلال الحرب ولا يريد
الانتقال إلى مكان آخر. وقال: "لا أرى أي فائدة من هذا البرنامج. نريد إعادة
بناء منازلنا في مدينة غزة، جذوري هناك".