ملفات وتقارير

ما هي مؤسسة "غيتا" المسؤولة عن تنفيذ خطة إدارة قطاع غزة؟

جاءت الوثيقة تحت تصنيف "سري" وعنوان "الهيكل المؤسسي للسلطة الانتقالية الدولية في غزة (جيتا)"- جيتي
تتزايد الأحاديث والتحليلات حول المخططات الإسرائيلية والغربية لقطاع غزة، ضمن ما بات يُعرف بـ"اليوم التالي"، إلا أن فكرة سلطة انتقالية دولية بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، هي أكثر هذه المقترحات زخما وأهمية.

وجرى الكشف عن وثيقة مسرّبة مكونة من 21 صفحة لإنشاء سلطة انتقالية دولية لإدارة قطاع غزة، عبر صحيفة "هآرتس"، ويظهر أن تاريخ نشرها على الإنترنت يعود إلى 25 أيلول/ سبتمبر 2025، أي قبل بدء وقف إطلاق النار الحالي.

وجاءت الوثيقة تحت عنوان "الهيكل المؤسسي للسلطة الانتقالية الدولية في غزة (جيتا)" مع شعار دائري يحمل اسم "الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزة"، مع رسم لغصني زيتون بالإضافة إلى بحر ومن خلفه شمس، مع طائر باللون الأسود.




تفاصيل الوثيقة
كانت أول كلمة في الوثيقة هي عبارة "سري"، ومن بعدها جاء وصفها بأنها خطة بلير وتصور متكامل لإنشاء السلطة الدولية الانتقالية في غزة (Gaza International Transitional Authority – GITA)، وهي هيئة مؤقتة متعددة المستويات تُنشأ بقرار من مجلس الأمن الدولي لإدارة قطاع غزة خلال مرحلة انتقالية تجمع بين الإشراف الدولي والتنفيذ الفلسطيني، وصولاً إلى تسليم المؤسسات إلى سلطة فلسطينية تم "إصلاحها وتوحيدها".

وبحسب الهيكل العام والمرجعية القانونية، تُمنح "غيتا- GITA" شرعيتها بقرار من مجلس الأمن، وتخضع له مباشرة في التقارير والمساءلة، تتولى "الهيئة الدولية لمجلس غزة GITA International Board" والسلطة السياسية العليا تضم ما بين 7 إلى 10 أعضاء من دول مانحة ومؤسسات دولية.

وتنص الوثيقة على أن هؤلاء الأعضاء يجب أن يكون من بينهم: ممثل فلسطيني من خلفية اقتصادية أو أمنية، مسؤول أممي رفيع مثل سيغريد كاغ نائبة رئيس الوزراء الهولندي السابق، وشخصيات مالية وتنموية دولية مثل نجيب ساويرس، ومارك روان، وربما آريه لايتستون.

وتضم قائمة الأعضاء المقترحة تمثيل عربي مسلم بارز لضمان الشرعية الإقليمية والمصداقية الثقافية، وأن يتولى المجلس إصدار القرارات الملزمة، وإقرار القوانين والتعيينات، وتحديد التوجهات السياسية العامة.

القيادة العليا والأجهزة التنفيذية
جاء في الوثيقة أن رئيس مجلس الإدارة هو القائد السياسي الأعلى والمتحدث باسم "غيتا - GITA"، ويعيَّن بتوافق دولي وتأييد من مجلس الأمن، ويتولى إدارة العلاقات مع الدول والجهات المانحة و"إسرائيل" ومصر والولايات المتحدة، ويمثل نقطة التنسيق العليا بين جميع أجهزة السلطة.

ويساعد رئيس مجلس الإدارة فريق من 25 خبيرا ضمن السكرتاريا الاستراتيجية للرئيس التي تتولى إعداد السياسات، والتنسيق الدبلوماسي، وإدارة الاتصالات.

وتحمي القيادة وحدة الحماية التنفيذية (EPU)، وهي قوة أمنية خاصة ستكون من عناصر عربية ودولية، على أن تتولى حماية المقرات والوفود والتنسيق مع القوة الدولية والشرطة المدنية.

الأمانة التنفيذية العامة 
تُعد الأمانة التنفيذية الجهاز الإداري المركزي لـ "غيتا -GITA" والمسؤولة عن: "تنسيق العمليات اليومية ومتابعة الوزارات الفلسطينية، وإدارة الموارد البشرية والأنظمة الرقمية والسجلات المدنية، والرقابة على الأداء والميزانيات".

وذكرت الوثيقة أن ذلك سيتم عبر وحدتين متخصصتين: وحدة الإدارة المالية (FMU) لتوحيد الميزانية العامة ومراقبة الإنفاق، ووحدة ميزانية السلطة التنفيذية الفلسطينية (PEABU) التي تشرف على ميزانيات الوزارات والبلديات.

وترتبط الأمانة مباشرة بمجلس الإدارة، وتشرف على مفوضي الرقابة في المجالات المختلفة.

الركائز الإشرافية الست
تعمل "غيتا - GITA" من خلال ستة مفوضين للإشراف والرقابة يرفعون تقاريرهم إلى مجلس الإدارة:

- الإشراف الإنساني: توجيه وتنسيق عمل جميع المنظمات الإنسانية داخل غزة وفق معايير الحياد، وإدارة منصّة الوصول الإنساني المشتركة وتنظيم الممرات والعمليات اللوجستية.

- إشراف إعادة الإعمار: متابعة مشاريع البنية التحتية والإسكان والطاقة والنقل، وإقرار المشاريع الكبرى بالتنسيق مع هيئة الاستثمار (GIPEDA) والجهات المانحة.

- الإشراف القانوني والتشريعي: صياغة القوانين المؤقتة وضمان الاتساق القانوني والعدالة الانتقالية وحماية الملكيات والوثائق المدنية.

- الإشراف الأمني: الرقابة المدنية على أجهزة الأمن، وتشمل الشرطة الفلسطينية، القوة الدولية، ووحدة الحماية التنفيذية، من خلال مركز التنسيق الأمني المشترك (JSCC).

- الإشراف على التنسيق مع السلطة الفلسطينية: ضمان التناغم المؤسسي بين GITA والسلطة الفلسطينية، وتنسيق خطط الإصلاح والإدارة المالية تمهيداً لإعادة الوحدة الإدارية.

- الرقابة الاقتصادية والاستثمارية: من خلال هيئة مستقلة تسمى هيئة الاستثمار والتنمية الاقتصادية في غزة (GIPEDA)، تشرف على الاستثمار المحلي والأجنبي وإقامة مناطق اقتصادية خاصة ومشروعات بنية تحتية بالشراكة مع القطاع الخاص.

الأذرع الفلسطينية التنفيذية
تتولى الهيئة الفلسطينية التنفيذية (PEA)، وهي جهاز خدماتي غير حزبي يقوده مدير تنفيذي فلسطيني يُعينه مجلس "غيتا - GITA" مسؤولية إدارة الخدمات العامة الأساسية وهي: الصحة والتعليم والبنية التحتية والمالية والعدالة والشؤون الاجتماعية وتنمية العمل، وتشمل هذه الأذرع الفرعية:

- البلديات: مسؤولة عن الخدمات المحلية والصحة العامة والنظافة والتخطيط الحضري، وتخضع لإشراف GITA.

- الشرطة المدنية: قوة فلسطينية مهنية غير حزبية تشرف على الأمن الداخلي وتنسق مع القوة الدولية عبر مركز JSCC.

- السلطة القضائية: يشرف عليها مجلس قضائي انتقالي يضم قضاة عرباً ودوليين، ويتولى المحاكم والنيابة العامة.

- وحدة حماية الملكيات: توثق وتضمن حقوق الملكية والعودة لأي سكان يغادرون طوعاً أثناء المرحلة الانتقالية، تحت إشراف قانوني مباشر.

القوة الأمنية الدولية (ISF)
تنص الوثيقة على تشكيل قوة استقرار دولية متعددة الجنسيات تعمل بتفويض من "غيتا - GITA" لتأمين الحدود والمنافذ ومواقع الإغاثة والإعمار، ومنع عودة الجماعات المسلحة.

وتعمل القوة بالتنسيق مع الشرطة الفلسطينية ووحدة الحماية التنفيذية عبر مركز JSCC، وتنفذ مهامها وفق قواعد اشتباك معتمدة دولياً.

ومن المقرر أن تتولى القوة حماية الحدود والمنافذ البرية والبحرية، ومكافحة "الإرهاب وتهريب السلاح"، وحماية مواقع الإعمار والممرات الإنسانية، ودعم الشرطة الفلسطينية في الأحداث الكبرى دون أن تحل محلها.

التمويل والمساءلة
اعتبرت الوثيقة أنه من المقرر تأسيس منشأة المنح والمساءلة المالية (GFAF)، وهي صندوق مالي مستقل بإدارة طرف ثالث (مثل البنك الدولي) لتلقي وإدارة أموال المانحين، وفق "أعلى معايير الشفافية والمراجعة المستقلة".

وفي شأن الميزانية المرحلية، التي لا تشمل كلفة القوة الدولية أو مشاريع الإعمار الكبرى الممولة عبر المانحين، تشير الخطة إلى ميزانية ثلاثية المراحل وهي: السنة الأولى (مرحلة التأسيس) بكلفة 90 مليون دولار، والسنة الثانية (مرحلة الانتشار الجزئي) بكلفة 133.5 مليون دولار، وأخيرا السنة الثالثة (الاستقرار الكامل) بكلفة 164 مليون دولار.

الانتشار المرحلي ومراكز العمليات
ذكرت الوثيقة أنه قبل استقرار مؤسسات "غيتا - GITA" داخل قطاع غزة، تُدار العمليات مؤقتاً عبر: مركز تنسيق متقدم في العريش لتسهيل التواصل مع مصر و"إسرائيل"، ومقر إداري في عمان أو القاهرة لتنسيق السياسات والتوظيف، إضافة إلى وجود ميداني محدود داخل غزة من المراحل الأولى للقطاعات الإنسانية والأمنية والبلدية.

تهدف الخطة إلى "إنشاء إدارة مدنية شاملة تحت إشراف دولي مؤقت لتأمين قطاع غزة، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على أسس مهنية، وضمان الاستقرار، ثم تسليم السلطة تدريجياً إلى مؤسسات فلسطينية تم إصلاحها وتوحيدها، ضمن نظام قانوني وإداري حديث".