سياسة عربية

الحوثيون يعلنون استعدادهم لتبادل أسرى مع الحكومة.. والوسطاء يرحبون

محاولة جديدة لتحريك أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيدا في الحرب اليمنية- جيتي
أبدت حركة "أنصار الله" (الحوثيون) في اليمن، استعدادها لإبرام في صفقة شاملة لتبادل جميع الأسرى مع الحكومة المعترف بها دوليًا، في خطوة جديدة قد تحرك الملف الإنساني الأكثر تعقيدا في الحرب اليمنية المستمرة منذ سنوات.

وقال رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين، عبد القادر المرتضى، في منشور على منصة "إكس": "بمناسبة خروج الأسرى الفلسطينيين اليوم نبارك لكل أبناء فلسطين هذا الإنجاز العظيم"، متهما السعودية والحكومة اليمنية بعرقلة ملف الأسرى، ومعبرا عن أمله في أن "نشهد انفراجة شاملة لهذا الملف الذي طالت مدة الجمود فيه"، قبل أن يؤكد استعداد حركته "لصفقة شاملة للإفراج عن جميع الأسرى".



وسبق للمرتضى أن أكد في كانون الثاني/يناير الماضي، عقب لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، "الاستعداد الكامل لتنفيذ ما تم التوافق عليه برعاية الأمم المتحدة، والمشاركة في جولات جديدة تُفضي إلى صفقة تشمل جميع الأسرى وفق قاعدة الكل مقابل الكل".

ورحب الوسيط المحلي في ملف الأسرى، عبد الواحد المصعبي، بالمبادرة الجديدة، آملاً أن تتحول إلى خطوات عملية تخفف معاناة مئات الأسر اليمنية.




وقال في تعليق على تدوينة المرتضى: "نحن وزملاؤنا الوسطاء المحليون نعمل منذ سنوات في هذا الملف الإنساني، ونحن على أتم الاستعداد لمواصلة الجهود وتعزيز التقارب بين الأطراف، خصوصًا في المفاوضات الأخيرة التي واجهت بعض العقبات الشائكة".



تعثر المفاوضات الأممية

شهدت العاصمة العُمانية مسقط جولة تاسعة من مفاوضات ملف الأسرى بين 30 حزيران/يونيو و6 تموز/يوليو 2024، لكنها انتهت دون اتفاق.

كما تعثرت جهود الأمم المتحدة لعقد جولة عاشرة لأكثر من عام، وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين. وكانت عمّان قد استضافت الجولة الثامنة في حزيران/يونيو 2023، إلا أنها انتهت أيضًا دون نتائج.

ومنذ توقيع اتفاق ستوكهولم عام 2018، لم تنفذ بنوده المتعلقة بالإفراج الشامل عن جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين، رغم توقيع آلية تنفيذية تنص على تبادل الكشوفات النهائية خلال عشرة أيام من التوقيع.

وبحسب القوائم التي تبادلها الطرفان في ستوكهولم، بلغ إجمالي عدد الأسرى أكثر من 15 ألفًا، منهم 7587 من الحوثيين و8576 من الحكومة، وكان الاتفاق يقضي بتنفيذ عملية التبادل خلال 48 يومًا في مدينتي صنعاء وسيئون، لكن التنفيذ لم يتم.

صفقات جزئية 


ونظرا لتعثر الاتفاق الشامل، اتجهت المفاوضات إلى الحلول الجزئية. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2020، تم تبادل 1056 أسيرًا ومعتقلًا في أكبر صفقة منذ اندلاع الحرب، تلتها صفقة أخرى في نيسان/أبريل 2023، أُفرج خلالها عن 887 أسيرًا، بينهم 181 من الحكومة، و16 سعوديًا، و3 سودانيين، مقابل إطلاق 706 من الحوثيين.

ورغم اعتبارها خطوة إيجابية، إلا أن مراقبين رأوا فيها تراجعًا عن اتفاقات سابقة، منها اتفاق عمّان الذي نص على تبادل أكثر من ألفي أسير. وبعد هذه الصفقة، أعلن المرتضى عن صفقة جديدة تشمل 700 أسير من كل طرف، لكن تنفيذها لم يتم، واستمر الجمود في الملف.

وأعلنت "أنصار الله" لاحقا إطلاق سراح عدد من الأسرى بمبادرات من طرف واحد، في حين نجحت وساطات محلية وقبلية في إتمام بعض صفقات التبادل المحدودة.

ملف سياسي وإنساني معقد

ويؤكد مراقبون أن تعثر تنفيذ اتفاق الأسرى يعود إلى استغلال الملف سياسيا كورقة ضغط متبادلة، إضافة إلى عقبات فنية تتعلق بغياب كشوف دقيقة وهويات محددة للمحتجزين.




ويرى آخرون أن الأمم المتحدة لجأت إلى الحلول الجزئية بعد فشل الجولات السابقة في تحقيق اختراق حقيقي.

ويفتح ملف الأسرى والمعتقلين تحديا لجدية الأطراف اليمنية في الذهاب نحو السلام وإنهاء معاناة آلاف الأسر التي تنتظر أبناءها منذ سنوات، إذ إن جميع الأطراف يمنية، والأسرى يمنيون، مما يجعل الحل مسؤولية وطنية وإنسانية في المقام الأول.