صحافة دولية

"أكاذيب أمريكا" عن الشرق الأوسط.. كيف فشلت في كسب ثقة شعوب المنطقة؟

المجلة اعتبرت أن هذا النمط من التضليل ليس جديد - جيتي
تواجه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط أزمة ثقة متزايدة، بعد عقود من الوعود التي لم تتحقق وأفعال متناقضة أثرت على مصداقية واشنطن لدى الأطراف الإقليمية.

ونشرت مجلة "فورين أفيرز" في تقرير لها أسباب إخفاق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها قامت على أوهام متكررة ووعود زائفة، لا سيما خلال حرب غزة، حيث روّجت واشنطن لوقف إطلاق النار وتوازن في المواقف، بينما دعمت عمليًا استمرار العدوان الإسرائيلي، متجاهلة التناقض بين أقوالها وأفعالها.

وأوضحت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أن مسؤولي إدارة بايدن دأبوا خلال الحرب الطويلة في غزة على إطلاق تصريحات متكررة، من قبيل أن وقف إطلاق النار بات قريبًا، وأن واشنطن تبذل جهودًا حثيثة لتحقيقه، وأنها تهتم بالإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وأن اتفاقًا تاريخيًا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل بات وشيكًا، وكل ذلك مرتبط بمسار لا رجعة فيه نحو إقامة دولة فلسطينية.

وقالت المجلة إن هذه التصريحات لم تكن تعكس الواقع، إذ استمرت مفاوضات وقف إطلاق النار لفترة طويلة دون نتائج ملموسة، وعندما تحقق بعضها انهارت سريعًا. كما امتنعت الولايات المتحدة عن اتخاذ خطوة حاسمة، كوقف أو تقييد المساعدات العسكرية لإسرائيل، وهي الخطوة التي كان من شأنها أن تُثبت التزامًا حقيقيًا بحماية أرواح المدنيين من الجانبين.

وأشارت المجلة إلى أن السعودية ظلت تؤكد أن التطبيع مع إسرائيل مشروط بالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، بينما رفضت الحكومة الإسرائيلية ذلك بشكل قاطع. ومع مرور الوقت، باتت التصريحات الأمريكية تُقابل بالتشكيك أو التجاهل، دون أن تتوقف عن الصدور، ما يثير تساؤلات حول مدى صدق صانعي القرار الأمريكيين أو إدراكهم للواقع.

وأفادت المجلة أن هذه الأكاذيب كانت بمثابة غطاء لسياسة دعمت الهجمات الإسرائيلية العنيفة على غزة، واعتبرت أي تحسن طفيف في الوضع الإنساني نتيجة للجهود الأمريكية، رغم أن الواقع كان أكثر قتامة. وقد ساهمت هذه السياسات في تطبيع القتل العشوائي واستهداف المنشآت المدنية واستخدام الوصول إلى الغذاء كسلاح، مع استمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية.

واعتبرت أن هذا النمط من التضليل ليس جديداً، بل يمتد إلى ما قبل حرب غزة ويتجاوز القضية الفلسطينية، فقد اعتادت الولايات المتحدة على التظاهر بالحياد بينما كانت منحازة بشكل صريح. وكانت تتظاهر بالترويج لعمليات السلام، بينما عززت الوضع القائم. وادعت بأن سياستها في الشرق الأوسط تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم أن نتائج سياساتها كانت في كثير من الأحيان كارثية.

وأضافت المجلة أن تزايد وضوح الأكاذيب الأمريكية بشأن الشرق الأوسط جعل تجاهلها أمرًا صعبًا، ما أدى إلى تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة. فقد بات الإسرائيليون والفلسطينيون وغيرهم من الفاعلين المحليين يتجاهلون الشعارات التقليدية حول حل الدولتين والسلام والديمقراطية والوساطة الأمريكية، ويعودون إلى مواقف أكثر حدّة تنبع من تجاربهم التاريخية.


وأشارت  "فورين أفيرز" إلى أن الفلسطينيين، في ظل غياب القيادة وتراكم الغضب، يلجأون إلى أعمال عنف فردية، بينما تواصل إسرائيل استهداف الفلسطينيين في الداخل والخارج، كما فعلت سابقًا في السبعينيات في عمّان وبيروت وتونس، وتفعل اليوم في الدوحة وطهران.

وبينت المجلة أن السياسة الأمريكية الفاشلة تمر بمراحل تبدأ بسوء التقدير أو الفهم المغلوط أو الخطأ المتعمد أو غير المقصود، كما في اعتقاد المسؤولين أن احتضان إسرائيل أفضل من الضغط عليها، أو حين تتدخل واشنطن بشكل أخرق في السياسة الفلسطينية لترويج قيادات "معتدلة" لا تحظى بثقة شعبها.

كما تستثني من جهود السلام الأطراف الأكثر تأثيرًا في إفشاله، مثل المستوطنين الإسرائيليين واللاجئين الفلسطينيين والإسلاميين، الذين يرون التنازل عن أي جزء من الأرض بمثابة اقتلاع وجودهم.

وأفادت  "فورين أفيرز" بأن المفارقة تكمن في أن صانعي السياسة الأمريكية يمتلكون كمّاً هائلاً من المعلومات، لكنهم يفتقرون إلى الفهم الحقيقي. ففي عام 2000، توقّع مسؤولو الاستخبارات أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات سيقبل مقترحات كلينتون في قمة كامب ديفيد، لكنه رفضها ونال تأييد شعبه.

وفي 2006، فشلت إدارة بوش في توقع فوز حماس بالانتخابات رغم المؤشرات الواضحة. وفي سوريا عام 2011، قدّمت الاستخبارات الأمريكية صورة خاطئة عن فرص بقاء بشار الأسد. وخلال إدارة بايدن، أخطأت في تقييم موقف إيران من الاتفاق النووي، وتوالت المفاجآت ابتداءً بانتصار طالبان السريع بعد الانسحاب الأمريكي، ثم هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وانهيار نظام الأسد في العام التالي.

وذكرت "فورين أفيرز" أن هذه الصدمات لم تكن نتيجة تزييف متعمد للمعلومات لتناسب الأهواء الرسمية، كما حدث عام 2003 حين قدّمت وكالة الاستخبارات المركزية للرئيس جورج بوش ما أراد سماعه بشأن امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، بل كانت نتيجة نمط أقل خداعًا لكنه لا يقل خطورة.

كيف تتحوّل الأوهام إلى أكاذيب

وأوضحت المجلة أن الأكاذيب تشكّل جوهر السياسة والدبلوماسية، لكنها ليست جميعها على درجة واحدة من الخطورة. فهناك الأكذوبة التي تُبرَّر بأنها تخدم المصلحة العامة، كما فعل الرئيس الأمريكي جون كينيدي حين أخفى التفاهم السري مع الاتحاد السوفيتي بشأن إزالة الصواريخ من تركيا لإنهاء أزمة كوبا عام 1962. وهناك الأكذوبة الكبرى، الفجّة والمتكررة، التي تهدف إلى تحويل الجمهور إلى متلقٍ سلبي. وهناك الأكذوبة الماكرة التي أتقنها هنري كيسنجر، وتبنّتها إدارة جورج بوش قبيل غزو العراق، وهي الأكذوبة التي قد تبرّر حربًا أو تمنعها، وقد تفتح طريقًا مسدودًا أو تؤدي إلى القتل.

وأشارت إلى أن بعض الأكاذيب تُستخدم للبقاء، كما فعل المتحدث باسم صدام حسين خلال حرب 2003، حين كان يروّج لانتصارات وهمية وسط الدمار، أو كما فعل ياسر عرفات حين كان يناور بين الدول العربية، حيث كان يغيّر الرواية بحسب الجهة التي يخاطبها، ويخفي أو يختلق علاقات مع فصائل المقاومة. ورغم أن الجميع فقد الثقة به سريعًا، إلا أن تلك الأكاذيب ساعدته في إبراز قضيته.

وقالت "فورين أفيرز" إن الأكاذيب التي باتت تهيمن على الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط تختلف عن تلك التي تخدم غرضًا سياسيًا أو استراتيجيًا، لأنها لا تخدع أحدًا، ومن يرددها يعلم أنها لا تُصدَّق. ويحدث ذلك عندما تعلن إدارة أمريكية تلو الأخرى عن التزامها بحل الدولتين. كما حدث عندما أكدت إدارة بايدن حرصها المتساوي على حياة الإسرائيليين والفلسطينيين، أو سعيها الحثيث لوقف إطلاق النار، أو قرب التوصل إلى اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي، رغم أن الواقع يناقض ذلك تمامًا.

وأفادت بأن هذه التصريحات لا تبدأ دائمًا كأكاذيب، بل تنشأ أحياناً من سوء فهم أو خداع ذاتي. ففي قمة جنيف عام 2000 بين بيل كلينتون والرئيس السوري حافظ الأسد، كان الفريق الأمريكي يعلم أن الرئيس السوري سيرفض الاقتراح الإسرائيلي للسلام، ومع ذلك أقنعوا أنفسهم بإمكانية النجاح. وفي كامب ديفيد، ظنّ الأمريكيون أن اتفاقاً بين عرفات وباراك بات قريبًا، رغم عدم التوافق على أي من القضايا الجوهرية، سواء كانت التقسيم الإقليمي أو وضع القدس أو مصير اللاجئين الفلسطينيين.

 وحتى عندما أعلن جون كيري، خلال الولاية الثانية لباراك أوباما، أن الأطراف أقرب إلى الاتفاق من أي وقت مضى، لم يكن يتظاهر بذلك، بل كان يؤمن بأن الإرادة والمثابرة كفيلتان بتحقيقه. وحينما صرّح مسؤولو إدارة بايدن بأن السعودية مستعدة للتطبيع مع إسرائيل، قد يكون ذلك نابعًا من قناعة حقيقية؛ فولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان قد نقل هذا الموقف بشكل خاص.

وأشارت إلى أن التكرار المستمر لهذه التصورات يطمس الفارق بين الوهم والكذب، حتى يتحوّل الوهم إلى كذبة، والكذبة إلى عادة راسخة. فالتصريحات الأمريكية المتكررة منذ عقود بشأن التزامها بحل الدولتين، رغم فشلها المتكرر، لم تعد تعبيرًا عن قناعة، بل أصبحت شكلاً من أشكال التضليل. وقد عبّر جورج أورويل عن هذه الحالة في روايته "1984" بقوله: "الماضي مُحي، ومُحيَت ذكرى المحو، وتحولت الكذبة إلى حقيقة". ورغم أن الأدلة تنفي المعتقد، إلا أن الإيمان يستمر.

حدود القوة
وأضافت إلى أن الولايات المتحدة، في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط، وصلت إلى مرحلة بات فيها التفاؤل أشبه بأيديولوجيا قائمة على الأوهام، فأطلقت التصريحات الجوفاء والادعاءات سرعان ما كانت تكذبها الوقائع حتى أصبحت جزءًا من الخطاب اليومي. ورغم صعوبة تحديد لحظة التحوّل بدقة، فإن السبب الأرجح يكمن في تآكل النفوذ الأمريكي وتراجع قدرته على التأثير.

وأوضحت المجلة أن الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأمريكية لا تضاهيها قوة أخرى، إلا أن عددًا متزايداً من الحلفاء والخصوم في الشرق الأوسط باتوا يتجاهلونها. فقد قوبلت مطالب واشنطن بالرفض كثيرًا من قبل إسرائيل، وأحيانًا من قبل الفلسطينيين، دون أن تفعل شيئاً سوى مشاهدة إحراجها الذاتي. وإذا كانت القوة تُقاس بالقدرة على تجاوز حدود الإمكانات وتوجيه سلوك الآخرين، فإن ما حدث كان العكس تمامًا.

وذكرت أن مأساة عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست خطأ واشنطن وحدها، لكنها تجسّد فجوة غير مسبوقة بين الإمكانات والنتائج. لقد تحوّل الطرف الذي يفترض أنه الأقوى إلى طرف مُهان، دون أن يفعل شيئًا حيال ذلك.

وقد أظهرت الولايات المتحدة عجزًا واضحًا في إدراكها لكيفية خوض الحروب في أفغانستان والعراق، ناهيك عن الفوز بها، فقد قُتل آلاف الأميركيين ومئات الآلاف من الأفغان والعراقيين، وانتهت حرب العراق بحكومة وميليشيات مدعومة من إيران، بينما عادت طالبان إلى السلطة في أفغانستان بعد انسحاب أميركي مذل.

وفشلت واشنطن أيضًا في إدارة السلام؛ فقد تبنّت أنظمة استبدادية ثم نددت بها ثم عادت لتحتضنها. فقد دعمت التحول الديمقراطي في مصر عام 2011، لينتهي الأمر بحكم أكثر قمعًا من النظام السابق، وفي ليبيا، ساهمت الضربات التي أمر بها أوباما في إسقاط القذافي، لكن النتيجة كانت حربًا أهلية وفوضى وانتشارًا للميليشيات والأسلحة، وتدفقًا للاجئين نحو أوروبا. حتى أوباما وصف العملية لاحقًا بأنها "فوضى عارمة".

وقد اتبعت جهود إدارة أوباما اللاحقة للإطاحة بالنظام السوري من خلال الاستثمار بكثافة في المعارضة المسلحة نمطًا مشابهًا: فقد أدى التدخل الأميركي في سوريا عبر دعم المعارضة المسلحة إلى إطالة أمد الحرب، وزاد من تدخل إيران وروسيا، دون أن ينجح في إسقاط النظام. والأسلحة التي أرسلتها واشنطن وصلت إلى جماعات جهادية اضطرت لاحقًا لمحاربتها، وفقا لتقرير المجلة.

في هذه الحالات وغيرها، سلكت الانتفاضات العربية مسارات مظلمة، ورغم تصريحات أوباما في بدايتها بأن أميركا تقف على "الجانب الصحيح من التاريخ". لكن الواقع تجاهل هذه الأمنيات، واصطدمت الرغبات الأميركية بوقائع قاسية، أبرزها محدودية القوة الأميركية، وصلابة الأنظمة القائمة، وعدم موثوقية الحلفاء المحليين، وتبعات دعم جماعات مسلحة لا تعرف عنها واشنطن الكثير.

وحتى النجاحات التي تحققت لم تكن من صنع واشنطن؛ فبعد سنوات من محاولات إضعاف الجماعات المسلحة في المنطقة، لم تفلح أميركا في تقويض نفوذها، وجاءت الضربة الحاسمة من إسرائيل، التي ألحقت بحزب الله خسائر فادحة في أيلول/ سبتمبر 2024. وقبيل فرار الأسد من دمشق في كانون الأول/ ديسمبر، كانت واشنطن تدرس تحسين العلاقات معه، لتتفاجأ بأن جماعة مصنفة إرهابية لديها هي من أطاحت به، وتحول أعضاؤها في نظرها من جهاديين إلى رجال دولة بحسب التقرير.

كما لفتت "فورين أفيرز" المجلة إلى أن كل فشل أميركي كان يتبعه خطاب زائف أصبح هو جوهر دبلوماسية واشنطن في الشرق الأوسط. ففي أفغانستان، واصلت الترويج لقرب النصر حتى وصلت إلى الهزيمة. وفي الوقت الذي ادعت فيه الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، تحالفت مع أنظمة المنطقة التي تتجاهل الأولى وتنتهك الثانية.

كما أصرت واشنطن أيضًا على أن ضغوطها يمكن أن تحد من برنامج إيران النووي، لكن كل عقوبة جديدة فرضتها الولايات المتحدة كانت دليلًا على فشل السابقة؛ إذ لا يمكن الادعاء بأن الضغط ينجح إذا كان يؤدي إلى نتائج أسوأ.

وقد بلغ التناقض حدا غريبًا من الادعاء والاعتراف بهذا الادعاء؛ فحين سلّح أوباما المعارضة السورية، قال إن "هذا الديكتاتور سيسقط"، ثم اعترف لاحقًا بأن فكرة انتصار مجموعة من "الأطباء والمزارعين والصيادلة السابقين" على جيش نظامي كانت وهمًا. كما شجبت إدارة بايدن قرار الرئيس دونالد ترامب في عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، لكنها في الوقت نفسه تفاخرت بأنها لم ترفع أي عقوبة، بل أضافت المزيد، وتعهدت بزيادة الضغط الذي اعترفت بأنه لم ينجح.

وذكرت المجلة أن كلما قلّ تأثير واشنطن على الأحداث، زاد حديث مسؤوليها عنها في محاولة لإظهار السيطرة؛ فالكلام يغطي على العجز، والبلاغة تخفي الفشل. القوة الحقيقية صامتة، أما التناقض بين الأقوال والواقع فيكشف عن نهاية حقبة الهيمنة الامريكية، وعن حنين قوة عظمى سابقة إلى أيام كانت تفرض فيها إرادتها.

العودة إلى الواقع
وأوضحت المجلة أن رد فعل العالم العربي على إعادة انتخاب ترامب عام 2024 كان لافتًا، فقد  كان من المفترض أن يكون كل شيء ضد ترامب في ظل انحيازه الصريح لإسرائيل ودعوته نتنياهو لـ"إنهاء المهمة" في غزة، فإن كثيرين في الشرق الأوسط شعروا بالارتياح لرحيل نهج بايدن، الذي رأوا فيه امتدادًا لسياسات أوباما.

ولا يكمن تفسير هذا الارتياح في مبدأ تقارب الطغاة فقط، أو في أن القادة العرب رأوا في ترامب مثيلًا لهم، بل في رفض العرب للنفاق الأخلاقي الأميركي. فعلى عكس بايدن، كان ترامب واضحًا في مواقفه، رغم تقلباته، ولم يتظاهر بالاهتمام بالقضية الفلسطينية، ولم يتحدث عن حل الدولتين الوهمي، وكان صريحًا بشأن إيران، وحتى حين أذن بمحادثات مع حماس، تخلى عن التظاهر برفض التعامل معها.

وختمت "فورين أفيرز" بأن الولايات المتحدة بنت على مدى عقود عالمًا موازيًا، حيث الكلام الجميل يتحقق، وتؤدي فيه الأفعال إلى النتائج المنشودة، عالمًا تنتصر فيه الديمقراطية على الاستبداد، وتؤدي فيه العقوبات الاقتصادية إلى التغيير السياسي المنشود، وتروض فيه الحوثيين، وتقلب فيه التقدم النووي الإيراني.

ويمثل فيه الفلسطينيون المعتدلون شعبهم، ويصلحون السلطة الفلسطينية ويكبحون مطالبها السياسية؛ ويقوم فيه مركز إسرائيلي معقول بتولي زمام الأمور بفضل الضغط الأمريكي اللطيف، ويوافق على انسحابات إقليمية ذات مغزى وعلى دولة فلسطينية جديرة باسمهت. عالمًا تكون العدالة الدولية فيه عمياء، ولا تفسد فيه المعايير المزدوجة الفجة لواشنطن النظام الدولي الذي تدعي الدفاع عنه، لكن العالم الحقيقي، بكل ما فيه من لحم ودم وأكاذيب، لا يشبه هذا العالم الخيالي.