سياسة دولية

الشرطة الألمانية تفض اعتصاما مؤيدا لفلسطين أمام المستشارية في برلين (شاهد)

الشرطة الألمانية تزيل خيام معتصمين مؤيدين فلسطين قرب المستشارية - الأناضول
أقدمت الشرطة الألمانية، صباح الاثنين، على فض اعتصام مؤيد لفلسطين أمام مبنى المستشارية في العاصمة برلين، بعد أسابيع من تنظيمه، بذريعة "التلوث الضوضائي" وتأثيره على المناطق المحيطة، في خطوة وُصفت بأنها انتهاك صريح لحرية التجمع والتعبير.

وفي بيان رسمي، قالت شرطة برلين إن الاعتصام "طويل الأمد" تسبب مؤخرًا في إزعاج صوتي طال مقر المستشارية ونصبا تذكاريا قريبا، مشيرة إلى أنه تم تقديم اقتراحين لمواقع بديلة يمكن للمتظاهرين الانتقال إليها لمواصلة الاحتجاج، إلا أن القرار النهائي قضى بضرورة الإخلاء الفوري للموقع.

وبحسب البيان، طُلب من المعتصمين تفكيك خيامهم وجمع ممتلكاتهم الشخصية، مع تحذير مباشر من عناصر الشرطة بأن الامتناع عن التنفيذ سيؤدي إلى تدخل أمني مباشر لإزالة الخيام بالقوة.


تطويق أمني واستخدام الكلاب البوليسية
مع بدء تنفيذ عملية الإخلاء، فرضت الشرطة طوقا أمنيا واسعا حول محيط الاعتصام، ونشرت أعدادا كبيرة من قوات الأمن، بالإضافة إلى تجهيز شاحنات لجمع المعدات، وآليات لنقل المعتقلين المحتملين.

كما استعانت الشرطة بالكلاب البوليسية لإبعاد المتضامنين الذين حاولوا دخول ساحة الاعتصام أو تقديم الدعم للمحتجين، بينما شرع المعتصمون، تحت إشراف الشرطة، في تفكيك خيامهم وجمع الأغراض.

مشاركون: الاحتجاج قانوني وقرار الإخلاء تعسفي
واعتبر ناشطون أن الخطوة الرسمية تهدف إلى إسكات الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية وتقييد الاحتجاجات السياسية في قلب العاصمة الألمانية.

وقالت الناشطة "يارا"، إحدى المشاركات في الاعتصام، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، إن الشرطة أخطرتهم بقرار الإخلاء في وقت كانت فيه الأعداد في الموقع محدودة.

وأضافت: "لقد أرسلوا سيارتي شرطة لكل مشارك تقريبا، وأحاطونا بالكامل. رغم أن الاعتصام قانوني ومسجل لدى السلطات، إلا أنهم منعوا الناس من الانضمام إلينا. ما حدث يمثل انتهاكا واضحا لحقنا في التجمع والاحتجاج".

وتابعت يارا: "السبب المعلن للإخلاء هو إزعاج المستشارية، لكن هذا جوهر أي احتجاج سلمي. القانون الألماني ذاته يعترف بأن الاحتجاج يجب أن يكون مزعجا لإيصال الرسالة. لذلك فإن هذا التبرير غير مقبول بأي حال".

وأكدت الناشطة أن المجموعة تخطط لمواصلة الاعتصام في ساحة واشنطن القريبة من محطة القطارات الرئيسية ببرلين، معتبرةً أن طرد المعتصمين من الموقع يمثل "اعتداءً على حرية التعبير والديمقراطية في البلاد".


ألمانيا والتضييق على المتعاطفين مع فلسطين
وتشهد ألمانيا منذ بداية الحرب على غزة حالة من التضييق المتزايد على الأصوات المتضامنة مع الفلسطينيين، حيث تم حظر العديد من الفعاليات والوقفات، وفرض قيود على الشعارات والرموز المرتبطة بالقضية الفلسطينية، في ظل اتهامات متكررة للسلطات باستخدام قوانين مكافحة "معاداة السامية" كذريعة لقمع التضامن المشروع مع حقوق الفلسطينيين.

وقد أثارت تلك السياسات انتقادات واسعة من منظمات حقوقية دولية، واعتبرت أن ما يجري يشكل تقويضًا لمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير في قلب أوروبا.

ويأتي هذا التصعيد ضد الاحتجاجات المتضامنة مع الفلسطينيين في برلين في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، منذ اندلاعها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدت إلى ما وصفته منظمات حقوقية دولية بـ"أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم الحديث".

ورغم دعوات متكررة من الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية لوقف العدوان، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وسط تقارير عن استخدام الحصار والتجويع كسلاح ممنهج ضد المدنيين.

وبحسب إحصاءات فلسطينية رسمية، فقد أسفرت الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 197 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقدان أكثر من 11 ألف شخص تحت الأنقاض، إلى جانب تشريد مئات الآلاف من السكان، واندلاع مجاعة أودت بحياة العشرات، بينهم أطفال رُضّع.