أكد الدكتور علي محمد
الصلابي، الأمين العام
للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن
غزة أصبحت "نسيًا منسيًا" في
حسابات بعض الأطراف في خضم الصراع الإقليمي والدولي، إلا أن "حسابات الله لا
تُغفل المظلومين"، محذرًا من أن "من خذل غزة ستمضي فيه سنة الله عدلاً
ومكرًا".
وقال الصلابي في في
تصريحات خاصة
لـ
"عربي21": إن "ما يحدث اليوم من أحداث جسام في المنطقة، ومن
سيولة سياسية وفكرية، يكشف عن هشاشة النخب العربية، وضياع البوصلة، وفقدان المشروع
الحضاري الجامع"، مضيفًا أن "أحداث الطوفان لم تنتهِ، وقد جرفت معها
الكثير من الدول والأحزاب والنخب التي تجردت من إنسانيتها، وباتت عاجزة عن التماسك
أو قول الحق".
وفي سياق تعليقه على الضربة الصاروخية
الإيرانية التي استهدفت قاعدة العديد الأمريكية في
قطر، شدّد الصلابي على أن
"هذا العمل مرفوض ومدان من قبل كل عاقل وحرّ"، مشيرًا إلى أن "قطر
كانت دومًا في طليعة المدافعين عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية،
دعمًا إعلاميًا عبر منابرها الحرة، وسياسيًا في المحافل الإقليمية والدولية".
وأضاف: "في الوقت الذي كانت فيه بعض
العواصم تغرق في الصمت، كانت قطر تقف بصلابة إلى جانب الشعب الفلسطيني،
وتدعو لخفض التوتر ووقف التصعيد في كل الملفات الإقليمية، بما في ذلك مع إيران،
حرصًا على أمن المنطقة وسلام شعوبها".
ورأى الصلابي أن "استهداف قطر في هذا
التوقيت يُعد من أسوأ مظاهر التنكر للحق، ومحاولة لمعاقبة من وقف مع
المظلومين"، معتبرًا أن "الهجوم على قطر أفقد إيران نصرة كثير من الشعوب
والقيادات التي باتت تراها تمثل صوت العقل والحق".
وتابع الصلابي حديثه بالدعاء لأهل غزة قائلاً: "غزة يا الله،
انقطع رجاؤهم إلا منك، وخاب ظنهم إلا بك، اللهم فرّج همّهم، واجبر مصابهم، لقد
طالت الغمة واشتدت المحنة وعظم البلاء، فكن لهم يا أرحم الراحمين".
وأضاف الدكتور الصلابي في حديثه
لـ
"عربي21"، أن ما جرى خلال الساعات الأخيرة من مجازر مروعة ارتكبتها
قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين المنتظرين للمساعدات في غزة، يمثل فصلاً
جديدًا من فصول الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، قائلاً:
"أي جرم أكبر من أن يُقتل الجائع وهو ينتظر رغيفًا، وأي سقوط أخلاقي أشنع من
هذا التواطؤ الدولي مع آلة القتل؟".
وأكد أن استهداف الأبرياء الذين يصطفون
بحثًا عن الغذاء هو وصمة عار في جبين الصامتين، مشددًا على أن "هذه الدماء
الطاهرة لن تذهب سدى، وستُكتب في سجل الظالمين والمتخاذلين، وتبقى لعنة على كل من
تخلّى عن غزة، أو ساهم في تجويعها أو تبرير ذبحها".
وختم بالقول: "غزة اليوم لا تنتظر
بيانات شجب، بل تنتظر رجالا يوقفون هذا الطوفان الدموي، ويعلّقون الجرس في وجه
المعتدي.. ومن خذلها، ستمضي فيه سنة الله كما مضت في من قبلهم".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب
إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا،
متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 187 ألف فلسطيني بين شهيد
وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف
النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو
1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب
الإبادة مساكنهم.
إيران تقصف قاعدة العديد.. والدوحة تندّد
وكانت قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر
قد تعرضت، مساء الاثنين، لضربة صاروخية إيرانية غير مسبوقة، في تطور خطير للتوترات
الإقليمية، بعد أيام من غارات أمريكية استهدفت منشآت نووية في إيران.
وأعلنت إيران عبر التلفزيون الرسمي إطلاق
عملية عسكرية تحت اسم "بشائر الفتح"، استهدفت فيها القاعدة الجوية
الواقعة جنوب غربي العاصمة القطرية الدوحة. وقد أكدت قطر أن القاعدة كانت قد
أُخليت مسبقًا ضمن إجراءات احترازية، وأنه لم تقع أي إصابات بشرية جراء الهجوم.
الدوحة نددت بالاعتداء ووصفته
بـ"الانتهاك الصارخ لسيادة البلاد"، مؤكدة على لسان المتحدث باسم وزارة
خارجيتها أن لها الحق الكامل في الرد. وأظهرت صور للأقمار الصناعية، نشرتها شبكة "CNN"، خلوّ
مدرجات القاعدة من الطائرات قبل الهجوم، ما يُشير إلى استعدادات مسبقة لتفادي
الخسائر.
وتوالت الإدانات العربية والدولية ضد الضربة
الإيرانية، واعتبرتها دول عدة تجاوزًا للقانون الدولي وتهديدًا لأمن الخليج، فيما
عبّر مراقبون عن قلقهم من انزلاق المنطقة إلى مربع الفوضى الشاملة.
تجدر الإشارة إلى أن قاعدة العديد تُعد أكبر
منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتضم أكثر من 13 ألف جندي أمريكي، وتُستخدم
كمركز للعمليات الجوية في الخليج وسوريا والعراق وأفغانستان. وتاريخيًا، تمثل
القاعدة أحد أعمدة التعاون العسكري بين قطر والولايات المتحدة منذ أوائل
التسعينيات.
وفي مايو/أيار الماضي، زار الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب القاعدة، وأشاد بالتعاون القطري، كما أعلن عن استثمارات جديدة في
توسعة المنشأة بقيمة 10 مليارات دولار.